لستَ مُستَعدًّا لمواجهة حياتك من جديد: كيف تتعامل مع الاكتئاب بعد العيد؟

العودة من الإجازة

إن كُنتَ تشعر بالخوف والانزعاج والحزن من انقضاء الإجازة بهذه السرعة، ومن مرورها دون أن تُحقّق فيها ما أردتَ من أهداف؛ فيجب عليك أن تُدرِك أوّلًا بأنّكَ لستَ الوحيد الذي يُعاني من هذا، بل في الحقيقة إنّ مُعظَم النّاس يشعرون بالشعور ذاته المُقلِق في الأيام الأخيرة للإجازة؛ الأمر الذي قد يحرمهم القدرة على الاستمتاع بالعطلة في أيّامها الأخيرة، والدخول في نوبة من الذعر والقلق ولوم الذات والحزن.

 

قد تشعر بأنّك غير مُستعد للعودة إلى نظام الحياة الروتيني الصارم الذي كان يسبق الإجازة، وقد تشعر أيضًا بأنّ هُناك ما فاتك من إنجازات وخطط وأهداف كنت تتوقّع أن تنجزها خلال العطلة فتشعر بالذنب والأسى والحزن، وقد تبدأ بلوم نفسك أو لوم زوجتك أو عائلتك على إضاعة وقتك، وقد تمارس تجاههم شيئًا من العنف غير اللفظيّ والممارسات العدائية الرمزية لأنّك تشعر بأنّهم يتحمّلون مسؤولية هدر إجازتك دون إنجازات تُذكَر، ولأنّكَ لا تُعبِّر لهم عن شعورِك بصريح القول، فإنّك تستعيض عن ذلك بإلقاء غضبك عليهم على أبسط الأشياء وأتفهها.

 

إن كنت تشعر بأيٍّ من هذا، فنحنُ هنا سنساعدك على فهم ما تمرّ به من جهة علم النفس، وسنقدِّم لكَ أيضًا خطوات عملية ستساعدك على تخطّي هذا الشعور وتجاوزه بسلام قدر الإمكان، وعلى استعادة فاعليتك وعافيتك النفسية وطبيعتك التلقائية، بحسب نصائح خبراء السلوك وعلماء النفس.

 

ما ينبغي أن تعرفه عن الأثر النفسي لانتهاء عطلة العيد

العودة من الإجازة

سواء أكنت في إجازة عيد الفطر أو عيد الأضحى أو حتّى في إجازتك السنوية، وسواء أشعرتَ بهذا الإرباك الشعوري وهذا الفزع أو تعرف شخصًا يمرّ بهذا الحزن والأثر النفسي العميق لانتهاء العيد، فعليكَ أن تُدرِك وأن تتذكّر على الدوام أنّه من الطبيعي جدًّا أن تشعر بهذا الشعور المزعج وأن تمرّ بهذه الخبرة الشعورية المخيفة والمُقلِقة، وأنّ معظم البشر يمرّون بهذا لكنّهم يختلفون في كيفية ومدى تعبيرهم عن خوفهم وأحيانًا يفتعلون مشكلات في نطاقات أخرى دون أن يُدرِكوا أنّهم يستبدلون توتّرهم وخوفهم بالغضب وإلقاء الّلوم على الآخرين.

 

من المهم أن تدرك أن ما تمرّ به طبيعي ولا يحدث لكَ وحدك دون سائر الناس، بل إنّ هذه الظاهرة معروفة في علم النفس، إذ بحسب الدراسات، يُصاب أكثر من 44% من النساء وأكثر من 33% من الرجال بالقلق والتوتّر الناجم عن العيد (Holiday Stress)، كما تُصاب شريحة عريضة من البشر باكتئاب ما بعد الإجازة (Post-Holiday Blues)، وكذلك بأحزان ما قبل بداية أسبوع العمل (Sunday Night Blues).

 

بحسب الدراسات أيضًا، فإن استخدام منصّات التواصل الاجتماعي ومتابعة صور الأصدقاء وتجاربهم الممتعة من سفر وطعام وتجارب فريدة، يرتبط بشعورنا بالقلق بأنّنا لم نستثمر إجازتنا وأوقاتنا كما ينبغي، وبأنّنا لم نفعل شيئًا يُذكَر، وبأنّنا لم نستطع تحقيق الأهداف والخطط التي كُنّا ننوي تحقيقها؛ ما ينعكس على الصحّة النفسية للمرء سلبًا ويزيد من احتمالات إصابته بالاكتئاب والقلق.

 

لماذا أشعر بالحزن والخوف من انتهاء إجازة العيد؟

العودة من الإجازة

ثمّة أسباب علمية عدّة قد تكون كامنة وراء خوفنا وفزعنا من انتهاء الإجازة ومن دخولنا في حالة شعورية سيّئة عقب الإجازات، أهمّها أنّ أيّ وضع انتقالي يُشكِّل في مفهومه العميق صدمة للذات، فالذات حين تتكيّف مع وضع ما وتستقرّ فيه زمنيًّا تشعر بالطمأنينة والراحة بفعل ثبات الأمور واستقرارها، ومن ثم حصر المفاجآت والمخاطر في نطاق ضيّق ومحدود، ولكنّ النفس البشرية حين تضطر للخروج من وضعها الحالي دون رغبة منها، فإنّ هذا يتسبّب ابتداءً بصدمة نفسية للذات لإدراكها بأنّ عليها أن تتخلّى قسرًا عن وضعها الآمن الحالي، مُقابل الإقبال على وضع جديد مُربِك ومليء بالاحتمالات الجديدة والمخاطر غير المتوقّعة، واستمرار هذا الإرباك الشعوري لفترة زمنية قبل الاستقرار بالوضع الجديد.

 

وفقًا لهذا التفسير، فحتّى إجازة نهاية الأسبوع تكون مثيرة للحزن والإرباك في اليوم الذي يسبق يوم العمل الأوّل بالأسبوع، لأنّ الذات تكون قد تكيّفت مع وضع مريح وممتع خلال نهاية الأسبوع، ثُمّ سرعان ما تجد نفسها مضطّرة للتخلّي عن هذا الوضع والانتقال الإجباري إلى عجلة الحياة اليومية من عمل أو دراسة. ومن هنا، تكون إجازة من النوع الأكبر -مثل إجازة عيد الفطر أو عيد الأضحى- سببًا في إحداث أزمة داخلية لدى النفس سببها الاضطرار والعودة لمسار إجباري مستنزف ومليء بالمخاطر والمفاجآت وفق مبدأ الاحتمالات.

 

بالإضافة لذلك، فإنّ أحد أهمّ أسباب تولّد الحزن والأسى والشعور بالذنب والإرباك عند انتهاء إجازة العيد هي الأهداف غير الواقعية التي يضعها الإنسان لنفسه قبل الدخول بإجازة أو عطلة العيد، إذ يعمد كثير من البشر إلى تأجيل مهام ضرورية وأساسية لا يستطيع إنجازها في خضم فوضى الحياة اليومية، ومن ثمّ يتوقّع ويخطط أن تكون إجازة العيد هذه هي المُخلِّص والمُنقِذ لتدارك كل المهام العالقة والمتأخّرة والتي لا يُتاح له إنجازها خلال أيام الوظيفة أو الدراسة.

 

تكمن المشكلة الأساسية في الأهداف غير الواقعية والتوقّعات المبالغ فيها لكونها تتعارض مع طبيعة الإجازات الاجتماعية مثل الأعياد التي تكون حافلة بالمهام والمسؤوليات الاجتماعية، وبعدم التنظيم الزماني، حيث تحدث الزيارات والأنشطة الاجتماعية بشكل طارئ وغير متوقّع ويجدها كثير من الأفراد فرصة لاستعادة التواصل واللقاء مع أطراف اجتماعية يندر أن يتمكّن الإنسان من الالتقاء بهم خلال العام نفسه للانشغال بالدراسة أو العمل.

الالتقاء مع الأصدقاء

ثمّة أسباب أخرى كامنة وراء الأسى والفزع الذي يجتاحنا عند انتهاء كلّ إجازة، منها على سبيل المثال الانحياز للسَّلبية، وهو انحياز إدراكي تلقائي وطبيعي موجود في النظام الإدراكي والتفكيري للإنسان، يجعله على الدوام يُعظِّم من المخاطر المحتملة ويبالغ في استحضار الجوانب السلبية للأحداث، فمثلًا قد لا يتذكّر الإنسان من إجازته سوى الأحداث السيّئة التي مرّ بها، أو قد يبدأ بتوقّع جزء كبير من المشكلات المحتملة التي ستنهال عليه عند عودته للعمل أو الدراسة، وهي توقّعات في كثير من الأحيان تكون غير واقعية، يُكذّبها الواقع ولا يحصل جزء كبير منها، مع هذا ينسى الإنسان أنّها لم تحدث أساسًا بفعل انحيازه الإدراكي للسلبية. وبحسب علماء النفس، يرجع هذا الانحياز لجذور تطوّرية حين كان يعيش الإنسان في الغابات وفي عصور ما قبل المدينة، حيث كان من الضروري التنبّه للمخاطر والأحداث السلبية والحذر منها لأنّها كانت مسألة بقائية تتعلّق بالحياة أو الموت، وعدم تنبّه الإنسان لها قد يُكلّفه حياته.

 

ماذا أفعل كي أتغلّب على اكتئاب بعد العيد وقلق انتهاء الإجازة؟

حتّى تتغلّب على قلق انتهاء الإجازة وما سيعقبه من حزن أو اكتئاب ما بعد العيد، فيجب أن تتحضّر نفسيًّا لإمكانية استمرار هذه الحالة بضعة أيام ولأسابيع بعد انتهاء الإجازة قبل تلاشي الشعور واندماجك بالتزامات الحياة اليومية من جديد بكفاءتك السابقة نفسها، إذ تختلف استجابات الأفراد ومدى سرعة تعافيهم من شخص لآخر بحسب طبيعة الشخص وبحسب طبيعة العمل أو الدراسة التي سيُقبِل عليها، فقد يتعافى بعض الأشخاص منذ اليوم الأوّل الذي تتكسّر فيه أوهامهم حيال المخاطر والمشكلات المتوقّعة في العمل أو الدراسة، وقد يحتاج أشخاص آخرون إلى أسابيع، بحسب طبيعة المهام المتراكمة والعالقة وإشكالات العمل والقلق العاطفي وسمات الشخصية.

 

أيًّا كنت، سواء أكنتَ ممّن سيحتاجون وقتًا للتعافي أو ممّن سيتعافون في وقتٍ قصير، إليك هذه النصائح العلمية بحسب علماء النفس لتجاوز قلق واكتئاب ما بعد العيد وانتهاء الإجازة.

 

  • أولًا: أعد التفكير في التوقّعات التي وضعتها لإجازتك

إذا أردتَ التعافي من اكتئاب ما بعد العيد، فأوّل ما عليك فعله هو أن تجلس قليلًا مع نفسك وتطرح السؤال الآتي: ما الذي كُنتُ أريده من إجازة العيد؟ غالب الظنّ أنّك ستضع عددًا كبيرًا من الأهداف والخطط العملية التي كنت تنوي إنجازها خلال العطلة، لكنّك يجب أن تُذكِّر نفسك بأنّ العيد بطبعه مليء بالمسؤوليات الاجتماعية والزيارات المُفاجئة، وأنّ معظم الناس لا يملكون الحفاظ على خصوصياتهم وأوقاتهم وإنجاز مهام العمل والدراسة خلال العيد.

 

بدلًا من ذلك، وحين تُعيد تعريف الأهداف المرجوة من إجازة العيد، بإمكانك أن ترى أنّكَ قد أديتَ أداءً جيدًا لنفسك حين أخذت قسطًا من الراحة، وأن تشعر بالامتنان بأنّك تمكّنت من التواصل الاجتماعي والالتقاء بالعديد من الأقارب والأصدقاء وأنّك قد أنجزت على مستوى المسؤوليات الاجتماعية.

 

  • ثانيًا: لا تغرق في أوهام عقلك حيال ما سيأتي

العودة من الإجازة

يُصيبك الفزع والخوف عند انتهاء العيد أيضًا لأنّك قد تنظر إلى القادم كما لو أنّه وحش يركض باتّجاهك من بعيد، إنّك تعتقد في هذه اللحظة أنّ هناك مشكلات في العمل وامتحانات في الجامعة أو المدرسة ستنهال عليكَ دفعة واحدة فور عودتك للعمل، وهذا انحياز إدراكي وخديعة ذهنية يمارسها عقلك كي تتأهّب لتجنّب المخاطر، لكن يجب أن تتوقّف قليلًا وتتخيّل أنّ الأيّام القادمة هي أسابيع وأيّام كثيرة وأنّ أي مهمة أو مجموعة مهام ستتوزّع على الأيّام القادمة من حيث الإنجاز، ففي نهاية المطاف أنتَ لا تملك القدرة على أن تقوم بأكثر من مهمّتين إلى ثلاث مهمات رئيسية في اليوم الواحد، وسينتهي هذا اليوم ثُمّ يأتي اليوم الذي يليه والذي ستستكمل فيه ما تستطيع، وهكذا إلى أن تعود لإيقاع الحياة الروتينية واليومية.

 

  • ثالثًا: استثمر المشكلة لتخطيط روتين جديد لحياتك

من الصحيح أنّ انتهاء إجازة العيد هو إيذان بانتهاء فترة جميلة وممتعة من حياتك، لكنّها أيضًا تُشكِّل مرحلة زمنية فاصلة بين روتين حياتيّ سابق وروتين حياتي قادم وجديد، لذلك من الأفضل أن تستغل هذا الفاصل الزمني بأنّ تبدأ بالالتزام بعادات يومية صحّية وبالتخطيط لحياتك بعد العيد، فمثلًا قد تقول لنفسك: سأبدأ بعد العيد بالاستيقاظ باكرًا قبل الدوام، وبقراءة جزء من كتاب أو من القرآن بعد صلاة الفجر قبل الذهاب إلى الدوام يوميًّا، أو سأعود إلى النادي الرياضي بدءًا من بعد العيد، أو سأحافظ على عاداتي الغذائية الجيّدة التي اعتدت عليها في رمضان؛ وهكذا فأنتَ تستثمر هذا الفاصل الزمني كي تخطّط لمجموعة سلوكيات جديدة تتزامن مع بداية مرحلة زمنية جديدة.

 

  • رابعًا: لا تترك نفسك وحيدًا، اخرج مع أصدقائك وشاركهم مخاوفك

حين تشعر بهذه المخاوف ممّا سيأتي، لا تترك نفسك وحيدًا، بل سيكون من المفيد على المستوى النفسي أن تكمل نشاطاتك الاجتماعية مع الأصدقاء والأهل، وأن تصارحهم بأنّك تشعر بعدم الارتياح وعدم الاستعداد لمواجهة الحياة اليومية من جديد، وهكذا، فقد يرسل إليكَ الأصدقاء أو العائلة رسائل الاطمئنان والدعاء بالخير خلال أيامك الأولى، فتشعر بأنّك لا تواجه هذه الحياة وحدك، وبأنّك تستند إلى روابط أصيلة تسندك نفسيًّا واجتماعيًّا.

 

  • خامسًا: استشر طبيبًا نفسيًّا في حال شعرت بأنّك تفقد السيطرة

إذا استمرّت حالة عدم التكيّف مع عودة الدوام الرسمي للوظيفة أو المدرسة أو الجامعة، وإذا بقيتَ تشعر بأنّك غارق تحت سطوة الهلع والخوف أو الحزن من انتهاء الإجازة وعدم استثمارها بالشكل الأمثل، وإذا شعرت بأنّك قد فقدت السيطرة على حياتك بطريقة تجعلك مُتعطِّلًا وتبقيك عاجزًا عن الإنجاز المهني أو الدراسي لفترة طويلة، فحينها يجب أن تستشير طبيبًا أو أخصائيًّا نفسيًّا كي يساعدك على استعادة عافيتك وتهدئتك.

 

أدوات ستساعدك

 

  • تطبيق ذكي: ضع مسافة بينك وبين مخاوفك عن طريق تطبيق "توازن" للتأمّل

تطبيق توازن

في أي لحظة تشعر فيها بأنّك مذعور أو بأنّ نوبة من الذعر تجتاحك عند الخوف والقلق أو حتّى عند شعورك بالحزن والاكتئاب، فإنّ أفضل التقنيات العاجلة التي قد تساعدك هي التأمّل، وهي من الممارسات العلاجية المثبتة علميًّا والتي تساعدك على التخلّص من الأفكار الاقتحامية والمخاوف القهرية، وتعينك على أن تأخذ مسافة بين أفكارك ومشاعرك، ومن ثم التفكير بطريقة أكثر عقلانية وأكثر إيجابية وهدوءًا وتُلاشِي شعورك بالهلع أو الخوف.

 

سواء أكنت تستخدم نظام أندرويد أو أَبل، بإمكانك تحميل التطبيق من خلال موقع "توازن" بحسب نوع نظام التشغيل لديك.

 

  • جدول إعادة بناء الأفكار: استبدال الأفكار غير الواقعية بالبدائل الواقعية والعملية

جدول إعادة بناء الأفكار: استبدال الأفكار غير الواقعية بالبدائل الواقعية والعملية

حين تُصاب بالهلع أو الخوف أو الحزن، فإنّك ستفكّر بطريقة تزيد من اكتئابك أو قلقك بحسب مدرسة العلاج المعرفي السلوكي، لذلك فإنّ أهم ما يجب أن تفعله حين تشعر بالقلق هو ألا تترك نفسك فريسة لتفكيرك الذي لا تراه، بل تُحضِر ورقة وقلمًا وترسم هذا الجدول، ثُمّ تخوض نقاشًا ناضجًا مع نفسك حول مدى جدّية الأفكار المبالغ بها التي تقتحم تفكيرك، وبدائل الواقع الممكنة.

 

لقد صمّمنا هذا الجدول كي تستفيد منه، وكي ترسمه بنفسك أو تُدخِله إلى برنامج الإكسل، ومن ثَم تضع الأفكار التي تجتاحك والأفكار الواقعية البديلة بحسب الحالة التي تمرّ بها.

————————————————————————-

المصادر

  1. Motivational, emotional, and behavioral correlates of fear of missing out. Andrew K. Przybylski (2013)
  2. Summer FOMO: Why you shouldn’t feel upset or guilty about staying home this summer.
  3. Trauma and transformation – a psychologist on why difficult experiences can radically change us – Steve Taylor (2021)
  4. Understanding Post-Holiday Depression and Blues. Libby MacCarthy (2021)
  5. What doesn’t kill us… Stephen Joseph. BPS (2012)
  6. The Holiday Blues: Professional Tips on How to Cope. Psycholoy.org (2021)
  7. 7 Tips to Beat the Post-Holiday Blues. Margaret Wehrenberg (2020)
المصدر : الجزيرة