متزوج لكن أشعر بالوحدة، لماذا يحدث هذا؟ وكيف تتغلب عليه؟

متزوج لكن أشعر بالوحدة، لماذا يحدث هذا؟ وكيف تتغلب عليه؟

تواتينا الوحدة بين الفينة والأخرى في أطوار عمرية ونفسية متباينة، حتى يتبادر إلى الذهن أن ارتباطا عاطفيا كالزواج قد يُذهب عنا كل أثر لها. وقد تحقق لنا العلاقة ذلك حقا، لكنها أيضا قد تدنيه إلينا، بل وتؤصّله. أما الخبر الجيد هنا بحسب علماء النفس وخبراء العلاقات من مثل "نيلو دارداشتي"(2)، فأنه لا بأس، يشيع أن يجد أناس أنفسهم وحيدين في علاقات طويلة الأمد، لكنه إحساس عارض بإمكاننا تخطيه.

 

ليست الوحدة المطلقة إذن حكرا على غير المتزوجين. أظهر استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث أن ما يقرب من 30٪ من غير الراضين عن حياتهم الأسرية يشعرون بالوحدة طوال الوقت أو معظمه، مقارنة بـ7٪ فقط ممن هم سعداء بعلاقاتهم(3). الوحدة إذن هي عاطفة إنسانية معقدة وفريدة من نوعها لكل فرد، نظرا لعدم وجود سبب واحد مشترك، وإن اشتركت جميعها على عدم القدرة على الاتصال.

 

وفقا للباحث "روزنتال ودارداشتي"، إذا كنت تشعر بالوحدة، فإن الشخص الآخر على الأغلب يشاركك إحساسك(5)، إذ وجدت دراسة نُشرت عام 2009 في مجلة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي أن الشعور بالوحدة يمكن أن يكون معديا. فما العمل إذًا؟ كيف أتخلّص من الشعور بالوحدة داخل العلاقة الزوجية؟ وكيف نفهم وجود الوحدة أساسًا بالرغم من توفّر علاقة عاطفية مع شخصٍ آخر؟ سيساعدك هذا المقال بالتعرّف على آراء خبراء علم النفس والعلاج النفسي الأسري والزوجي من منظور علمي وسنقترح لكَ أفضل الخطوات العملية والمثبتة لتخطّي هذا الشعور المزعج.

 

ما ينبغي أن تعرفه عن الشعور بالوحدة في الزواج

زوجين مختلفين
(شترستوك)

من الشائع نسبيا أن تشعر بالوحدة في الزواج: ذكر واحد من كل ثلاثة متزوجين فوق سن 45 عاما يشعر بالوحدة، وذلك وفقا لمسح وطني أجرته "AARP" لعام 2018. لكن هذا لا يعني أن الشعور بالوحدة في الزواج أمر طبيعي بالضرورة، لأنه على الأغلب إنذار يشير إلى مشكلة أساسية في العلاقة أو في حياتك الشخصية ينبغي معالجتها(4).

 

حتى أفضل العلاقات لن تخلو من أوقات قد يكون الشريكان فيها أو أحدهما قد انفصل عن شريكه ويشعر بأنه بعيد إلى حد ما، فغالبا ما تمر العلاقات بفترات من الانفصال ثم إعادة الاتصال باعتباره جزءا طبيعيا من الوجود معا لفترة طويلة من الزمن. أي أنه في بعض الأحيان قد تشعر بالقرب من شريكك وأن كل شيء على ما يرام، ولكن بعد سنوات قليلة تجد أنك لست سعيدا كما كنت في السابق. ذلك ما يراه "جاري براون"، معالج نفسي للأسرة والزواج في لوس أنجلوس.

 

فور أن طرحت الدكتورة "إيلينا بلانكو سواريز" سؤالها حول ما إذا سبق أن داخَلَك شعور بالوحدة، تلقت ردودا بالإيجاب من مختلف المراحل العمرية، الأولى من (13-17)، والثانية من (18-49)، والأخيرة لمن تجاوزوا الخمسين. بالتنسيق ذاته اقتطفنا إجابة واحدة من كل فئة، ما عدا الفئة الأخيرة التي كان من نصيبها اثنان:

  • عندما تكنّ حبا عميقا لشخص، لكنك تدرك أنه لا يشعر بالحاجة إلى رفقتك أو التحدث معك.
  • في وقت مبكر من علاقتنا، كنت كلما زرنا عائلته، غالبا ما أشعر بأنني مستبعدة، لست جزءا من المجموعة، كنت خارجها، كمن يحوم حولها، دون أن يسترعي انتباه أحد. قضيت الكثير من الوقت في محاولة التسلل والاتصال بأصدقائي.
  • كلما ظننت أنني لست مفهومة شعرتُ بالوحدة، كان لا يُنصت إليّ حقا.
  • عندما كان زوجي بعيدا، في الخدمة العسكرية، شعرت بوحدة فظيعة(1).

 

لماذا قد يراودنا الشعور بالوحدة في علاقتنا العاطفية؟

الوحدة
(شترستوك)

توصل عالم النفس الإكلينيكي "آمي روكاش" إلى أن الوحدة تراودنا حينما لا نتلقى الاهتمام(6)؛ ومن ثم فإننا لا نبديه لمن حولنا، وعندما يحس أحد طرفَي العلاقة بأنه غير قادر على مشاركة المشكلات ومناقشتها بأمان مع شريكه(7). يفضي ذلك إلى الغضب والانزعاج، لتتراكم هذه الأحاسيس ما لم تُسَوَّ، كجبل جليدي لا يظهر منه سوى قمته.

 

تتنوع العوامل الباعثة على ذلك الشعور في العلاقات، لتشمل عدم التوافق بين الأزواج، الذي يقود إلى سوء الفهم والتباس الأمور؛ ما يجعل الطرفين عالقين في دوامة من المشاعر التي يعاد تدويرها، من الاستياء وعدم التسامح ونفاد الصبر والشقاء والوحدة. كما أنها كثيرا ما ترجع إلى المسافة والانفصال الجسدي، ابتعاد الزوج لفترات طويلة لتأدية الخدمة العسكرية أو العمل. وربما الإساءة الجسدية أو العاطفية.

 

وقد يرجع الأمر إلى أن أحد الشريكين لا يرغب في كشف مواطن ضعفه، أو لا يقدر على بيان هشاشته. في شأن ذي صلة، تقول "جيني تايتز"، أخصائية علم النفس الإكلينيكي: أحد العوامل المساهمة في الشعور بالوحدة هو عدم التحدث عن مشاعرك، أو خصّ الطرف الآخر بسريرة نفسك.

 

ولذلك جذور تتفرع إلى نشأتنا. تشير بعض النظريات إلى أنه من المرجح أن يواجه الأشخاص صعوبة في تكوين روابط عاطفية وثيقة مثل البالغين إذا لم يكن لديهم مثل هذه الارتباطات مع أحد الوالدين منذ الصغر أو أنهم اختبروا شعور الأبوة أو الأمومة، وفي السياق ذاته فإن الصدمات التي يتعرض لها الإنسان إبان طفولته أو نضوجه يمكن لها أن تجعل من الصعب عليه إقامة علاقات متينة مع الآخرين؛ ما قد يُسهم في الشعور بالوحدة العاطفية(8)، ويسري الأمر أيضا على الذين يتعافون من تجارب مؤلمة.

 

التواصل هو العمود الفقري لأي علاقة، لكن خيانة التعبير لك وانفعالك ضاربا بعرض الحائط شعور الآخر، ما هو إلا منزلق ينحدر بك إلى التواصل العدواني، الذي يجعلك تأخذ موقفا رافضا غير مكترث وجدليا بين شريكين سيؤدي إلى شعور أحدهما بأنه غير مسموع وغير محبوب، ومن ثم شعوره بأنه وحيد في العلاقة.

 

كما يمكن أن تؤدي وسائل التواصل الاجتماعي دورا أيضا لا يقل أهمية، فمقارنة علاقتك بما تراه من علاقات أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي قد تولد شعورا بالوحدة. لنفترض أنه يوم عيد الحب، وقد تناولت مع شريكك العشاء، وأمدك ذلك ببهجة خالصة، لكنك بعد ذلك تزور إلى أحد مواقع التواصل، فترى أفرادا آخرين يستعرضون مجوهرات أو أزهارا وهدايا ثمينة؛ يتضاءل إحساسك بالرضا عن ذي قبل، تعقد مقارنة بين علاقتك وتلك الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة، فينتهي بك الأمر إلى خلق مسافة غير سارة بينك وبين شريكك، من خلال هذه المسافة تبدأ مشاعر الوحدة في الظهور. وكلما زاد الوقت الذي تقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي، شعرت بالوحدة. وجدت دراسة نشرت عام 2017 في المجلة الأميركية للطب الوقائي أن الأشخاص الذين يقضون أكثر من ساعتين في اليوم على وسائل التواصل الاجتماعي كانوا أكثر عرضة مرتين للشعور بالوحدة من أولئك الذين أمضوا نصف ساعة على تلك المواقع.

 

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، يشاهد الشباب وغيرهم باستمرار صورا لأزواج سعداء يستمتعون في جميع أنحاء العالم، لا بد أن يقارنوا أنفسهم وشركاءهم بهؤلاء الأشخاص، خاصة حين يمرون بأوقات عصيبة، قد تداخلهم الغيرة أو السخط، لكننا ننظر إلى الصور السطحية والنسخة المفلترة من الحياة الواقعية فقط. لذا، فإن إحدى الطرق لتحسين علاقتك هي الذهاب إلى الفراش دون النظر إلى هاتفك، فعندما يبدو أن أحد الشريكين مشتت بسبب هاتفه، يشعر الآخر بأنه أقل تقديرا واهتماما به، لأنهم يركزون على ما لدى الآخرين وما ليس لديك(9).

 

ولعل أحد الزوجين دخل العلاقة في الأساس لأنه كان وحيدا. ففي بعض الأحيان، قد يسبق الشعور بالوحدة العلاقة الفعلية. وجدت دراسة (10) نُشرت عام 2016 في مجلة "Nature" أن الشعور بالوحدة يمكن أن يكون سمة وراثية، وأن بعض الأشخاص قد يكون لديهم استعداد وراثي للشعور بآلام أكبر من الوحدة طوال حياتهم. وتحذر من أن الدخول في علاقة كوسيلة لعلاج مشاعر الوحدة الموجودة مسبقا لن ينجح أبدا، تقول: "يأمل الناس أن يكون هذا الشخص الآخر هو الحل لوحدتهم الوجودية في العالم، ولكن هذا ليس هو الحل عادة"، "لا يوجد هذا الشخص الذي سيأخذك بعيدا عن تلك الوحدة إلى الأبد".

 

كيف تعرف ما إذا كانت الوحدة تنبع منك أم من علاقتك؟

الوحدة
(شترستوك)

الوحدة هي الشعور بالعزلة أو الانفصال عن الآخرين. يصوغها معالج الأزواج "كياوندرا جاكسون" (11) من صلتها بالعلاقة الرومانسية -أو الزواج بالأحرى- بقوله إنها حالة جسدية من عدم التواجد أو التعلق بشخص آخر. في حين أن الشعور بالوحدة بمعناه الفضفاض النابع منا فحسب ذو صلة أوثق بمدى تلبية احتياجاتك من علاقتك ومدى شعورك بالامتلاء. فإن مرجعية جاكسون تعود إلى يقينه بأن الوحدة هي أمر أعمق، لأنها حالة نفسية يمكنك فيها أن تكون وحيدا وأنت محاط بجملة من الأشخاص. حين تعشش الوحدة داخلك تصبح منغلقا تماما، وتتعامل مع العديد من الأشياء بمفردك بحيث عندما يهتم أحدهم بأمرك يمكنك أن تكون دفاعيا.

 

تجيب "سنام حفيظ"، أخصائية علم النفس العصبي (12)، عن سؤال: "كيف تعرف ما إذا كنت تشعر حقا بالوحدة في علاقة؟" بقولها إن هناك العديد من العلامات التي يجب البحث عنها، وإن أمكن أن تتفاوت وتتباين من فرد إلى آخر. إحدى أكبر العلامات هي الشعور بعدم أهميتك في حياة شريكك، أن الأولوية تُعطى لأشياء أخرى، وأنه عندما تشارك مشاعرك، قد يصدها أو لا يلقي لها بالا.

 

غالبا ما ينبع الشعور بالوحدة في علاقة ما من ثغرات في التواصل، حيث لا يتحمل شخص ما ثقل المسؤوليات المشتركة، ويعزف عن مشاركة تفاصيل يومه. ففي علاقة صحية، لا يمكنك الانتظار لإخبار شريكك بجميع مكونات كل يوم، الجيد والسيئ وحتى السخيف، ولكن عندما لا تكون لديك رغبة في ذلك، أو تحاول إخبار شريكك، ولا يبدو أنه يستمع إليك، فستنعزل.

 

عدم محاولة قضاء الوقت مع شريك حياتك. إذا وجدت أنك تقضي وقتك على الدوام على وسائل التواصل الاجتماعي، أو كنت تتخذ من الأطفال أو العمل ذريعة لعدم وجودك مع شريكك؛ لتجنب المشكلات، فأنت تشعر بالوحدة في علاقتك، كما تقول "تينا تيسينا"، المعالجة النفسية في لونج بيتش. عندما تكونان بالقرب من بعضكما بعضا، تشعر بالوحدة حتى لو كنت في الغرفة نفسها معه.

 

دعنا نلخص الأمر إذن، متى يدق ناقوس الخطر؟

  • عدم إصغاء شريكك إليك، أو عدم استماعك إليه.
  • الشعور بأنك غير محبوب، ولا تتلقى عناية كافية واهتماما.
  • الشعور بالانفصال الوجداني.
  • الشعور بالقلق عند طرح القضايا.
  • عدم مشاركة الأخبار الجيدة أو السيئة مع من تحب.
  • الشعور بعدم اليقين بشأن المستقبل أو العلاقة أو نفسك.
  • أن تجد نفسك صانع قرار منفردا في حياتك.
  • البدء في وضع خطط قصيرة أو طويلة المدى لا تشمل النصف الآخر.
  • الشعور بالحزن والفراغ واليأس.

 

ماذا أفعل كي أتخطى شعور الوحدة في العلاقة العاطفية؟

  • أولا: دع شريكك يعرف مدى شعورك بالوحدة
حوار بين شريكين
(شترستوك)

لا تُخفِ وحدتك، لا تشعر بالخزي منها، أو الذنب تجاهها، امنحها صوتا، وأَلقِ بها في عرض العلاقة. قد لا يفطن شريكك إليها، ولا يستوحش ما هو ذو أثر غائر فيك. لذا فإن إبداء انطباعاتنا بلهجة لينة خالية من الهجومية والعدائية، كأن تتبعها بقول: "أود قضاء المزيد من الوقت معا، ومشاركة أشياء معك أكثر من المعتاد"، تخرجك من التجربة كشخصين يسبحان في محيط واحد، لا فرد معرض للغرق ولأن يجرفه التيار بعيدا.

 

أَصغِ إلى شريكك إن خالجه الشعور ذاته، تطرّقَا إلى ما تكبدته العلاقة من ضرر، وإلى وسيلة رأب الصدع، وربما تنتهزان بعض الوقت للتخطيط لنزهة أسبوعية، كالسير في المنتزه معا. المغزى هو اقتطاع جزء صغير من الوقت على أساس ثابت دون إلهاء لتقضياه معا.

 

استَرِقْ ولو دقيقة لتفكر: هل ما يراودك من شعور مألوفٌ في العلاقة أم هو عابر وحديث؟ هل من مفترق طريق مررنا عبره؛ فخلق هذا الشعور بالتباعد السحيق رغم قرب المسافات، أم أننا كنا كذلك منذ البداية؟ وهو ما تراه أخصائية علاج الزواج "بيفرلي أندريه"، بقولها: عليك التفكير في القرب العاطفي، ما مدى انسجامك مع شريكك؟ وعما إذا كانت هناك فجوة عاطفية أو فجوة في العلاقة، فقد يجلس شريكك بجوارك لكن الفاصل بينكما يمتد بوسع المحيط.

 

  • ثانيا: تأمل داخلك

"فقط في العلاقة يمكنك أن تعرف نفسك، لا بمعزل عن الآخرين"

– جيدو كريشنامورتي

الوحدة شعور لن يجدينا تفاديه بتحاشي البقاء بمفردنا، وإن بدا أن بإمكاننا سحقه بمواجهته والوعي بما علينا فعله لمعالجته. لعل مشكلتنا تكمن في إثقال كاهل الطرف الآخر ولومه باستمرار والتحامل عليه كلما داخلنا الانزعاج، متناسين أن العلاقات تحتاج إلى الرفق والتفاني.

 

يعينك الانسحاب إلى التأمل على أن تكون أكثر يقظة ووعيا بالحاضر. وتتعدد مسالكه، كالسير ولو دون هدى، والاستماع إلى هدير المياه، وإطالة النظر في الطبيعة والطيور. فقط تنفس بعمق، واعرف نفسك، لأن الوحدة قد لا تذوب إن أحطت نفسك بالحشود. لهذا اقترح الخبراء هذا الخيار في المقام الأول لما ينطوي عليه من استبطان.

 

تتيح لك ممارسة اليقظة التواؤم مع داخلك، والانسجام مع محيطك، والتصرف على سجيتك؛ ما يساعدك على التواصل بصدق مع الآخرين، وتتضاعف إمكانية إقامة علاقات حقيقية ومرضية والانفتاح على التجربة، ومن شأن ذلك التأثيرُ إيجابا على علاقتك بشريكك.

 

يُنصح بالتأمل على وجه التحديد في حال كان شريكك يبذل جهده ليجعلك تشعر بالرضا لكنك لا تجد فكاكا من وحدتك الداخلية. إن لم تتمكن من التعامل معها بمفردك، لا ضير من طلب المساعدة من معالج يدفعك للنظر إلى نفسك والتفكير في مشكلاتك لتستكشف ما يفيدك في علاقتك.

 

  • ثالثا: استشر معالجا للأزواج
استشاري للعلاقات الزوجية
(شترستوك)

إذا سبق أن اختبرت جميع الخطوات المذكورة أعلاه والقادمة، وما زلت تشعر بالوحدة في علاقتك، يُقترح أن تزورا المعالج معا، ففي بعض الأحيان نحتاج إلى زوج من العيون الخارجية لمساعدتك على معرفة سبب شعور أحدكما أو كليكما بالوحدة الشديدة. من خلال التحدث إلى معالج للزوجين، يمكنك تعلم المهارات التي أثبتت جدواها للتقريب بينكما. اعتمد على هذا المحترف لإرشادك شخصيا أو معا حول تعزيز طرق التواصل وهدم كل شعور بالعزلة داخل العلاقة.

 

تقول المعالجة والباحثة "أندريا ف. بولارد" إنه ما إن يبحث الزوجان عن العلاج فإنها لا تطرح أسئلة مثل: "هل تتواصلان جيدا؟"، أو "ماذا فعلت مؤخرا لشريكك؟"، لكنها توجه سؤالا لكلا الشريكين عما إذا كان الحب كائنا حتى الآن فيهما. فبإمكانها تثقيفهم بالأساليب المعالجة، لكن لا يتسنى لها حث الناس على الاهتمام ببعضهم بعضا. لذا، إذا نجت مسحة من الحب، فإن "بولارد" تضعها تحت عدسة مكبرة، وتبدأ رحلتها من هناك.

 

إن ترددت على تلك المعالجة مثلا، ربما سيكون أول ما تسأله لك: ركز على نفسك أولا، حاول أن تتذكر ما أحببته وكيف شعرت به، كن دقيقا، قد ترغب في الكتابة عن حبك، تاليا اسأل نفسك: أين ذهب حبك؟ إذ يمكن أن يختبئ الحب وراء الأحكام والحزن والمخاوف، فنحن لسنا قادرين على حب الآخر بينما نقف لأنفسنا على كل هفوة، فعندما تكون قاسيا على نفسك، فمن المحتمل أن تكون متشددا مع شريكك بمجرد انتهاء فترة شهر العسل.

 

يوصى بعدم الانتظار حتى تتدهور الأمور بالفعل. إذا كنت تشعر بأنك عالق في مشكلات معينة أو واجهت صعوبة في التواصل بشكل فعال مع شريكك وأنت تقدر علاقتك، فهناك علاجات للأزواج قائمة على الأدلة يمكن أن تساعدك على زيادة التقارب في عدد محدد من الجلسات من خلال تعليمك المهارات. يمكن أن تتضمن هذه المهارات التواصل بطرق تعمل على نزع فتيل التوتر، بدلا من تصعيده، وتنظيم عواطفك قبل التحدث إلى شريكك.

 

  • رابعا: امضِ وقتا كافيا مع أصدقائك

قد يمدنا قضاء وقت أقل مع زوجتك/زوجك بتخفيف الشعور بالوحدة، ويساعد العلاقة فعليا. لا تركز طاقاتك وكامل تركيزك على زوجتك، وزّعها في مكان آخر، واستمتع بحياتك، خارج نطاق علاقتك. يشيع في العلاقات فقدان الاتصال مع بعض الرفاق القدامى، لكن الصداقات والعلاقات العائلية ليست ترفا أو شيئا بإمكاننا التخلي عنه؛ فكلا الطرفين المرتبطين بحاجة إلى شبكة دعم قوية تخفف الضغوطات عن الشريك، وهو ما يشار إليه بأنه من المهم للأزواج ألا يعتمدوا فقط على بعضهم بعضا من أجل إحساسهم بالرضا والحيوية، لأن إحدى علامات الوحدة هي الافتقار إلى الصداقات القوية والرضا، والتي تعتبر ضرورة لأي شخص.

 

تفحص الهوايات والعواطف التي يمكن التعويل عليها خارج نطاق زواجك، تفكر كيف يمكنك البدء في تقوية العلاقات الأخرى في حياتك، بما في ذلك الأصدقاء والعائلة، فمن أجل الشعور بالرضا الداخلي عليك أن تمنح نفسك السعادة، أن يكون لديك أهداف لحياتك المهنية، وشغفك الخاص.

 

  • خامسا: خذ مهلة من وسائل التواصل الاجتماعي
اترك الهاتف واسترجع حياتك الاجتماعية
(شترستوك)

بدلا من إرسال رسالة نصية إلى شريكك، أَجرِ مكالمة هاتفية، أو قابله لتناول مشروب سريع في المقهى المفضل لديك. صمم على التركيز على التواصل مع شريك حياتك، فإذا كان شريكك يحب التاريخ فاشترِ له كتابا عن الحرب الأهلية، أو اعرض دفع الأطفال لتناول الآيس كريم بعد المدرسة حتى يتمكن زوجك الذي يعمل من المنزل من أخذ قسط من الراحة ولعب لعبة فيديو لفترة قصيرة.

 

عانق شريكتك، فحين تفعل ذلك يفرز بدنك هرمون الأوكسيتوسين الذي يُطلق عليه غالبا "هرمون العناق"، معززا إحساس التقارب، معمقا من التواصل والترابط والثقة. تشير الممثلة "مارلو توماس" وزوجها "فيل دوناهو"، في كتابهما "ما الذي يجعل الزواج يدوم؟"، إلى ضرورة عناق الطرفين يوميا، وتلك نصيحة من شخصين استمر زواجهما 40 عاما.

 

أدوات ستساعدك

  • مقياس: الشعور بالوحدة

أُنشئ مقياس الشعور بالوحدة في جامعة كاليفورنيا عام 1978، ليطوره عالم النفس "دانييل راسل" عام 1996. يُمكّننا الاختبار من تقدير أبعاد وحدتنا الداخلية، ووزنها في العلاقة، وذلك من خلال الإجابة عن الأسئلة الآتية، وتعيين الرمز المعبر(14)(15):

  • أ- "غالبا ما أشعر بهذه الطريقة".
  • ب- "أشعر أحيانا بهذه الطريقة".
  • ج- "نادرا ما أشعر بهذه الطريقة".
  • د- "لم أشعر بهذه الطريقة قط".

 

  1. أشعر بالانسجام مع الناس من حولي.
  2. أنا أفتقد الرفقة.
  3. ما من أحد يمكنني الارتكان إليه.
  4. لا أشعر بالوحدة.
  5. أشعر بأنني جزء من مجموعة من الأصدقاء.
  6. لدي الكثير من الأشياء المشتركة مع من حولي.
  7. لم أعد قريبا من أحد.
  8. لا أحد ممن حولي يشاركني اهتماماتي وأفكاري.
  9. أنا شخص منفتح.
  10. هناك أشخاص أشعر بالقرب منهم.
  11. أشعر بالإهمال.
  12. علاقاتي الاجتماعية سطحية.
  13. لا أحد يعرفني جيدا.
  14. أشعر بالعزلة عن الآخرين.
  15. أستطيع أن أجد الرفقة عندما أريدها.
  16. هناك أناس يفهمونني حقا.
  17. لست سعيدا بكوني منطويا على نفسي.
  18. الناس حولي ولكن ليس معي.
  19. هناك أشخاص يمكنني التحدث معهم.
  20. هناك أشخاص يمكنني أن ألجأ إليهم.

 

  • اجمع النقاط:

أ = 4

ب = 3

ج = 2

د = 1

  • تعتبر الدرجات بين 30 و40 تجربة طبيعية للوحدة.
  • تشير الدرجات الأعلى من 60 إلى أن الفرد يعاني من وحدة شديدة.

 

تُظهر الدراسات أن الأشخاص الذين حصلوا على درجات عالية في مقياس الوحدة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس يميلون إلى مواجهة مشكلات في المجالات الأخرى المتعلقة بالحراك الاجتماعي. فالأفراد الذين لديهم درجات أعلى في الشعور بالوحدة، لديهم صداقات وعلاقات رومانسية أسوأ من الأشخاص ذوي الدرجات المنخفضة.

 

  • كتاب: كيف تتصدى/تعالج الشعور بالوحدة في العلاقة؟

ترشدنا الكاتبة "كلير روبن"، في كتابها "كيف تعالج شعور الوحدة في العلاقة؟"، إلى إستراتيجيات لإدارة الشعور بالوحدة في العلاقة، ليكون هذا الكتاب بمنزلة دليل موجز لمساعدتك على التغلب على ذلك الإحساس، بفهمه وبناء علاقة تفاعلية والتغلب على الشعور بالوحدة تماما.

كتاب "كيف تعالج شعور الوحدة في العلاقة؟"
كتاب "كيف تعالج شعور الوحدة في العلاقة؟" (مواقع التواصل)

——————————————————————————————————————-

المصادر:

  1. Loneliness in Relationships
  2. Feeling Lonely in Your Relationship? Here’s What to Do About It, TIME. CANDICE JALILI (2019).
  3. How to Stop Feeling Lonely When You’re in a Relationship, WebMD. Hallie Levine (2021)
  4. Married But Lonely: What Causes The Feeling & What To Do, From Therapists, mindbodygreen. Kelly Gonsalves (2020)
  5. Feeling Lonely in Your Relationship? Here’s What to Do About It, TIME. CANDICE JALILI (2019).
  6. In a Relationship, but Still Feeling Lonely, Psychology Today. Robert T Muller Ph.D.(2021)
  7. Common Causes of Loneliness in a Relationship, cigna.
  8. 6 Real Reasons Why You’re Feeling Alone in a Relationship, Lifehack. Dr. Stephanie Azri (2021)
  9. What to Do When You’re Feeling Lonely in a Relationship, verywell mind. Barbara Field (2021)
  10. Genome-Wide Association Study of Loneliness Demonstrates a Role for Common Variation, nature (2017)
  11. What To Do If You Feel Lonely In Your Relationship, Women’s Health. Emilia Benton (2021)
  12. Feeling Alone in Your Relationship? Here’s What to Do, theknot. Jessica Estrada (2021)
  13. 5 Ways to Overcome Loneliness in a Relationship, PsychologyToday. Andrea F. Polard.D.(2018)
  14. UCLA Loneliness Scale
  15. Loneliness in Relationships
المصدر : الجزيرة