بعد فوز تشلسي بدوري الأبطال.. توخيل الواعد وغوارديولا المتفلسف

Manchester City v Chelsea - UEFA Champions League
غوارديولا (يمين) يبحث منذ 10 سنوات عن لقب جديد في دوري الأبطال وتوخيل أنجز المهمة ببضعة أشهر (الأناضول)

5 أشهر فقط كانت كافية ليحقق المدرب الألماني توماس توخيل، أحد أكثر المدربين الواعدين في عالم كرة القدم، النجاح الذي يطمح إليه أي مدرب وينضم إلى قائمة النخبة بين مدربي العالم.

وتولى توخيل تدريب تشلسي في يناير/كانون الثاني الماضي، وترك المدرب الألماني بصمة رائعة مع الفريق توّجها بإحراز لقب بطولة دوري أبطال أوروبا بالفوز على مانشستر سيتي بهدف في نهائي إنجليزي خالص للبطولة.

ولطالما ساد الاعتقاد بأن توخيل (47 عاما) المدرب السابق لماينز وبوروسيا دورتموند الألمانيين وباريس سان جيرمان الفرنسي طالب استثنائي في مدرسة المدربين، ولكن توليه مهام تشلسي لإنقاذ الفريق وسط موسم متعثر ونجاحه في الفوز بدوري أبطال أوروبا أصبح إنجازا توّج به مسيرته التدريبية حتى الآن.

وقدم توخيل في النهائي الأوروبي أمس الأول السبت أوراق اعتماده في سجل المجد الأوروبي بعدما قهر خطط الإسباني جوسيب غوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي.

وحقق توخيل الفوز مع تشلسي على مانشستر سيتي في 3 مباريات متتالية رغم الموسم الرائع لمانشستر سيتي الذي توجه بلقب الدوري الإنجليزي.

وقال توخيل، الذي حلّ مكان فرانك لامبارد في تدريب تشلسي في يناير/كانون الثاني الماضي فقط "هذا يحدد المستوى لدينا، وبمجرد انتهاء الاحتفالات، استوعبنا جميعًا هذه التجربة. حان الوقت للنمو والتطور والاستفادة منها لنصبح أفضل".

وأوضح أن "كثيرا من اللاعبين الشبان حققوا هذا النجاح الهائل، والآن أصبح الفريق أمام تحد كبير يتمثل في البقاء على تعطشه والتركيز في الإنجاز التالي".

وأصبح توخيل ثالث مدرب ألماني يفوز بلقب دوري الأبطال في آخر 3 مواسم على التوالي إذ سبقه يورغن كلوب مع ليفربول الإنجليزي في 2019 وهانزي فليك مع بايرن ميونخ الألماني في 2020.

وحقق توخيل مع تشلسي معجزة بسرعة بعدما قاد الفريق للفوز بدوري الأبطال واحتلال المركز الرابع في الدوري الإنجليزي وكذلك قاده إلى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي.

ومن المؤكد أن فوز توخيل بلقب دوري الأبطال مع تشلسي أمس الأول يبدو أفضل مما لو كان الفريق قد فاز باللقب مع باريس سان جيرمان في الموسم الماضي حيث بلغ النهائي لكنه خسر وقتئذ أمام بايرن ميونخ.

ونجح توخيل مع تشلسي في النهائي هذا الموسم من خلال التوظيف الجيد لمواطنه أنطونيو روديجر في مركز قلب الدفاع من ناحية، والاستفادة بأكبر قدر ممكن من مواطنه الآخر كاي هافيرتز في الهجوم إذ مثّل اللاعب إزعاجا مستمرا لدفاع مانشستر سيتي كما سجل هدف المباراة الوحيد.

وحتى الألماني الآخر تيمو فيرنر الذي أهدر فرصتين مذهلتين ليستكمل موسما عانى فيه صعوبات في التهديف أسهم بصورة كبيرة في هدف هافيرتز بانطلاقة متميزة لإيجاد مساحة لزميله.

والآن، ربما أصبح هدف توخيل هو تحقيق مزيد من الألقاب مع تشلسي، ولكن فرص المانشافت تبدو أقل في المنافسة على لقب "يورو 2020".

في المقابل، فغوارديولا الذي دائما ما يحظى بإشادة هائلة بسبب قدراته الخططية ونبوغه على مستوى اختيار طريقة اللعب المناسبة في مباريات الفرق التي يدربها، ربما تعرض لبعض الخداع من قبل موهبته الخططية بعدما أخفق مجددا في الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا.

وخلال مسيرته في تدريب فريقه الأسبق برشلونة الإسباني، قاد غوارديولا الفريق الكتالوني لتقديم حقبة رائعة معتمدا على أسلوب الـ"تيكي تاكا" .

وكان هذا الأسلوب يعدّ هو الأفضل خططيا في ذلك الوقت، وأثمر فوز الفريق بلقب دوري الأبطال تحت قيادة برشلونة في 2009 و2011.

ولكن ملك الإستراتيجيات والخطط -الذي فرض سيطرته في إسبانيا سابقا- يبدو الآن كسمكة خرجت من الماء على الأقل على المستوى القاري.

واستغرق غوارديولا 10 سنوات بعد فوزه بلقبه الثاني مع برشلونة في دوري الأبطال ليبلغ نهائي البطولة مجددا، ولكن خياراته الخططية هذه المرة بدّدت آمال مانشستر سيتي في الفوز بلقب البطولة التي لم يسبق للفريق الفوز بها بل إن الفريق خاض أمس الأول النهائي الأول له في دوري الأبطال وخسر أمام تشلسي.

ولم يدفع غوارديولا باللاعبين فيرناندينو ورودري في وسط الملعب، وهو ما كان خيارا يثير العديد من التساؤلات ومن الصعب فهمه.

ومن بين 61 مباراة خاضها مانشستر سيتي في هذا الموسم، كان اللاعبان حاضرين في التشكيلة الأساسية للفريق في 59 مباراة.

وقال غوارديولا "بذلت قصارى جهدي في اختيار التشكيلة… اخترت أفضل تشكيلة ممكنة لتحقيق الفوز بالمباراة".

وبعد حقبته مع برشلونة، أخفق غوارديولا في إحراز اللقب الأوروبي أيضا مع فريقه السابق بايرن ميونخ على مدار 3 مواسم قضاها مع الفريق قبل الانتقال لتدريب مانشستر سيتي.

ويعدّ بايرن تحت قيادة غوارديولا الفريق الأكثر هيمنة وسيطرة في تاريخ الدوري الألماني (بوندسليغا)، ولكنه خرج من المربع الذهبي لدوري الأبطال في 3 مواسم متتالية.

وقال توماس مولر -الذي لعب تحت قيادة غوارديولا بفريق بايرن- إن المدرب يميل إلى الإفراط في التفكير في المباريات الكبيرة وغير متأكد ما إذا كان سيغير خططه لتناسب الخصم أو يثق بفلسفته.

وكان بايرن تعاقد مع غوارديولا لمواصلة مسيرة النجاح التي حققها الفريق بقيادة المدرب يوب هاينكس الذي قاد الفريق للثلاثية (دوري ألمانيا وكأس ألمانيا ودوري أبطال أوروبا).

ولم يكن الحال مختلفا كثيرا لدى مانشستر سيتي وإن أنفق النادي الإنجليزي مالا أكثر كثيرا من بايرن لتدعيم الفريق وتحقيق إنجاز دوري الأبطال.

ومنذ انتقال غوارديولا لتدريب مانشستر سيتي في يوليو/تموز 2016 أنفق النادي نحو مليار يورو في سوق الانتقالات.

والمثير بدرجة أكبر أن أغلى لاعب تعاقد معه النادي كان البلجيكي كيفن دي بروين إذ بلغ المقابل المالي للصفقة 76 مليون يورو، ولكن هذا اللاعب نفسه هو من قدّم أداء متواضعا في مباراة النهائي الأوروبي أمام تشلسي أمس الأول السبت، كذلك خرج اللاعب في وسط المباراة بسبب إصابة في الرأس.

وتسببت الأموال الطائلة التي أنفقها مانشستر سيتي على الانتقالات في إيقاف النادي عامين من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) بسبب خرقه لوائح اللعب المالي النظيف. ومع ذلك، ألغت المحكمة الدولية للتحكيم الرياضي (كاس) الحكم.

وربما يشعر غوارديولا وفريقه بالرضا بعد فوزهما بلقب الدوري الإنجليزي في موسم تأثر سلبا بشدة جراء جائحة كورونا. ولكن إلى متى سيظل المجد المحلي وحده كافيا للفريق؟

المصدر : وكالات