ريتشارد كيز يفند الاحتجاجات ضد مونديال قطر 2022 بقيادة النرويج وألمانيا

صورة الملعب المكتوب عليه 2022 بام مونديال قطر 2022
العمال يكتبون "كيو 2022" (Q2022) إشارة إلى مونديال قطر في أحد ملاعب المونديال أثناء إنشائها (مواقع التواصل)

علق الإعلامي البريطاني ريتشارد كيز على احتجاج بعض المنتخبات الأوروبية ضد تنظيم قطر كأس العالم لكرة القدم 2022 بحجة المزاعم الحقوقية للعمال، وفند الادعاءات التي رُوج لها على أنها حقائق، وأوضح كذبها من خلال ما رآه، وليس ما سمعه.

وكتب كيز مقدم البرامج بقنوات "بي إن سبورتس" (beIN SPORTS) مقالا على موقعه الخاص بعنوان "الاحتجاجات ضد قطر 2022-للتنبيه فقط"، قال فيه إنه "من أشد المؤيدين للاحتجاجات؛ لأنها غالبا ما تكون الطريقة الوحيدة لإحداث التغيير، لكن علينا التأكد من أن احتجاجاتنا تستند إلى الحقائق، وأننا نقوم بها ضد كل مستحقيها دون تمييز. علينا أيضا أن نتأكد من أن المحتجين أنفسهم لا يقولون شيئا في العلن، ويفعلون عكسه عندما يناسبهم ذلك ويفيدهم، وإلاّ فلن يكون هذا احتجاجا؛ بل نفاقا يستهدف خداعنا جميعا".

وأضاف "قبل أن يهاجمني المغرضون المعتادون بعد قراءتهم أول جملة أو جملتين من هذا المقال، أقول نعم أنا أعيش في قطر. أنا مقيم هنا، ولا أتحدث دفاعا عن أحد، هذه المدونة مستقلة كليا، تماما مثل البودكاست الذي أعده مع آندي".

وتابع "لا أحد يملي علينا ما نقول. طوال وقت عملي في الدوحة لم يحاول أي شخص التأثير في رأيي، ولم يُخبرني أحد ولو لمرة واحدة بما يمكنني قوله وما لا يمكنني قوله، وهذا يتناقض بشكل صارخ مع السنوات العديدة التي قضيتها في "سكاي" (Sky)، حيث غالبا ما كان يقال لي افعل ما نقوله لك يا ريتشارد، وإلا فقد ينتهي الأمر بجيمس مردوخ (James Murdoch) في السجن إذا تم الكشف عن هذا الأمر أو ذاك".

وأكد كيز أنه عندما عاد إلى العاصمة القطرية (الدوحة) في 2013 بعد أن زارها لأول مرة لإطلاق قناة الجزيرة الرياضية عام 2008، لم يصدق ما رآه من تغيرات، وأنه على مدار عقد تقريبا، رأى بعينيه مدى تطور المدينة خلال تنقلاته وسؤاله باعتبار أنه صحفي.

ورد كيز على أحدث موجة من الاحتجاجات ضد قطر بقيادة النرويج وألمانيا في تصفيات مونديال قطر 2022، من خلال 3 نقاط مركزة قال فيها.

أولا: يجب التسلح بالحقائق، فهذا أقل ما يمكن أن يفعله أي محتج حقيقي، وإلا فإنني سأشكك في أجندته. خلال الشهر الماضي شاهدت عددا لا يحصى من العناوين والتصريحات المغلوطة، التي نُسبت إلى "قادة الرأي" و"المؤثرين"، أو ربما تم تحريفها، ومن بينها العدد الذي أوردته صحيفة "الغارديان" (Guardian) عن حدوث 6500 وفاة بسبب ملاعب كأس العالم، التي تم تشييدها في قطر.

هذا، ببساطة، ليس صحيحا، ومن المقبول أن نقول إن هذا ليس صحيحا، بدون أي إهانة لمن لقوا حتفهم بتلك الطريقة المأساوية، وينطبق فقدان الذاكرة بالنسبة للحقائق وتحريفها على أمور أخرى، فالحقائق عادة ما يتم تجاهلها بشكل مستمر عندما يتعلق الأمر بقطر؛ لكن يتم الاعتماد عليها كدفاع عندما تتعلق بالآخرين. في الحقيقة ما عليك سوى أن تنظر إلى الحصار السخيف، الذي أدى مؤخرا إلى شرذمة المنطقة، والذي تم التخلي عنه دون سابق إنذار بعد 4 سنوات، عندما أدرك رئيس أميركي يتحلى بالمنطق أنه لم يكن يستند إلى حقائق.

ثانيا: إن الاحتجاج يجب أن يستند إلى مبدأ، ولا يمكنك أن تغير هذه المبادئ وفق مزاجك، وإلا فإنه سيكون احتجاجا زائفا أو مستندا إلى أجندة. في روسيا يوجد مقياس مختلف تماما لانتهاكات حقوق الإنسان سواء تاريخيا أو في الوقت الحالي؛ لكنني لا أذكر وجود أي قميص احتجاجي في كأس العالم، الذي أقيم في روسيا عام 2018. هل خرجت احتجاجات مناصرة لحقوق الإنسان ضد الصين دفاعا عن المسلمين الإيغور على مدى سنوات، أم لم تكن تلك الانتهاكات كافية للاحتجاج عليها؟ أين كانت الملابس المصممة خصيصا حينذاك؟ أشك في أن حقوق الإنسان هي القضية التي تدافعون عنها.

ثالثا: رسالة لنجومنا لكرة القدم الذين يتلقون رواتب مبالغ فيها بدرجة كبيرة، إذا أردت أن تصبح من جماعات الضغط السياسية، فلا بأس في ذلك، اطرح جميع النقاط التي ترغب بها بدون حساب؛ ولكنك لن تكون محصنا ضد النقد العام، الذي يترتب على الخطاب السياسي لمجرد أنك لاعب كرة قدم، إذا كنت تقود حملات عالمية لحقوق الإنسان، فيجب التساؤل بشأن منزلك الثالث والرابع الذي تملكه في دبي.

كما يجب التساؤل حول صورتك وأنت تحتفل بجراحة طارئة في الدوحة، "حقوق الإنسان داخل الملعب وخارجه"؛ لكن ليس في المستشفى الذي استفدت منه؟ ماذا عن صور (السيلفي) وأنت على جانب الحلبة في مباراة جوشوا للملاكمة في الرياض، أو صورتك وأنت تحيي السائقين في حلبة "الفولامولا 1" في البحرين؟ هل دعمت زميلك في الفريق مسعود أوزيل، وهو يتعرض للتجاهل والاستبعاد في فريق أرسنال بسبب دفاعه عن قضايا المسلمين وحقوق الإنسان؟ وماذا عن قبول الشيكات من مانشستر سيتي؟ ولدي الكثير من الأمثلة الأخرى. كما قلت سابقا، فإن النفاق ليس أمرا جيدا.

وقال كيز "أريد أن ألفت نظر اللاعبين إلى موقف منظمة العفو الدولية حول قطر 2022، إذ يبدو أنها لن تقاطع الحدث. وهذه من الحقائق التي تكتب بالخط الصغير حتى لا يلتفت إليها أحد، لم أعد أذكر المرات التي دعوت فيها على مر السنوات زملاء من الصحافة الغربية لزيارة قطر، حتى أنني وافقت على استضافتهم وتغطية جميع النفقات بشرط واحد؛ ألا وهو "قولوا الحقيقة، أخبروا الناس بما ترونه بالفعل"، وفي كل مرة كان الجواب هو نفسه "لا أستطيع أن أفعل ذلك يا ريتشارد؛ لأنه لا يتناسب مع السياسة التحريرية لصحيفتي".

وأضاف "للأسف لم تتعاف الصحافة في إنجلترا بعد من مرارة خسارتها لحق استضافة بطولة 2018، وتصر على أنها كانت مؤامرة كبرى. أقترح عليهم قراءة تقرير غارسيا بكامل صفحاته الـ350 (وكذلك أنصح فريق ملف إنجلترا في ذلك الوقت بقراءته). على أي حال، لنركز على المزيد من التغيير الإيجابي، وعلى أفضل بطولة كأس عالم في التاريخ. إنه كأس عالم للعالم العربي كذلك، وفي النهاية فإن كرة القدم هي للجميع وليست للغرب فقط".

المصدر : الجزيرة