تقنية الفار في مصر.. الأندية تشكو غياب العدالة واتهامات متبادلة في اتحاد الكرة

تقنية الفار في مصر .. أزمات جماهيرية بسبب غياب العدالة واتهامات متبادلة في اتحاد الكرة بسوء إدارة الملف - المصدر: الاتحاد المصري لكرة القدم
صورة من موقع الاتحاد المصري لكرة القدم لحكام في غرفة الفار

رغم اعتماد الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" (FIFA) تقنية حكم الفيديو المساعد "فار" لتحقيق العدالة في ملاعب الكرة، فإن الوضع يبدو مختلفا في الملاعب المصرية، حيث شهدت مباريات الدوري المصري في الموسم الجديد اعتراضات على أخطاء التحكيم رغم وجود الفار، بل إن حكام الفار أنفسهم كانوا في مرمى النيران بسبب أخطاء واضحة.

الكرة المصرية عوّلت كثيرا على دخول تقنية الفار إلى الملاعب بعد أن زادت اعتراضات الأندية خلال المواسم الأخيرة على أداء الحكام، ولم تكن تمر مباراة هامة في الدوري المصري إلا وتصاحبها اتهامات بين الأندية بشراء الحكام أو المحاباة لصالح ناد بعينه.

لكن أداء الحكام بعد تطبيق تقنية الفار زاد الأزمة اشتعالا، ووجهت الجماهير اتهامات للاتحاد والحكام بمحاباة الأندية المنافسة، أو دعم الدولة لأحد الأندية في مواجهة الفرق الأخرى.

أحمد مجاهد رئيس اللجنة الثلاثية التي تدير اتحاد الكرة، اعترف في تصريحات تلفزيونية بأن ما يطبق في الملاعب المصرية ليس الفار الذي يطبق في ملاعب العالم، مشيرا إلى عدم وجود تقنية خط المرمى ولا تقنية ضبط التسلل، وأن السيارات الموجودة سيارات بث تلفزيوني قديمة من دون أدوات تقنية مساعدة كافية للحكم، مشيرا إلى أن الحكم لا يشاهد إلا إعادة اللعبة فقط كما يراها المشاهد العادي على الشاشات مع القدرة فقط على إعادتها أكثر من مرة بالسرعة المناسبة.

الفار لم يرحم أحدا

أخطاء الفار لم ترحم أحدا، وعانت منها عدد كبير من الفرق وعلى رأسها الأهلي والزمالك قطبا الكرة المصرية، فالأهلي ألقى باللوم على الفار في التعادل أمام البنك الأهلي وبيراميدز، حيث ألغى حكم الفار هدف فوز الأهلي في المباراة الأولى التي انتهت بالتعادل السلبي، وهو القرار الذي أثار جدلا كبيرا حول صحته وتسبب في إيقاف حكام الفار من قبل إدارة مباريات الأهلي إلى نهاية الموسم، وتكرر الأمر في مباراة بيراميدز حيث ألغى حكم المباراة هدفا للأهلي ولم يحتسب ضربة جزاء واضحة نتيجة عرقلة مدافع بيراميدز لمهاجم الأهلي محمد شريف دون أي تدخل لحكام الفار.

فريق الزمالك اشتكى هو الآخر من ظلم الفار في أكثر من مناسبة، خاصة في مباراة أسوان التي أثارت جدلا تحكيميا كبيرا بسبب ارتكاب حكم المباراة محمد يوسف أكثر من خطأ، أهمها عدم احتساب ركلة جزاء لمصلحة الزمالك في الدقائق الأخيرة، مما تسبب في ايقاف الحكم محمد يوسف وحكم الفار مصطفى مدحت لمدة شهر بعد التأكد من خطأ قراراتهما.

حرب البيانات بين الأندية والاتحاد

أصدر كل من الأهلي والزمالك بيانات رسمية للاعتراض على التحكيم، حيث طالب الأهلي في بيانه "بالتدخل الفوري لإيقاف الأخطاء التحكيمية الفجة وغير المبررة، والتي تسببت في عرقلة مسيرة الأهلي"، وأشار بيان الزمالك إلى أن "النادي لن يقف مكتوف الأيدي حيال ما يحدث في الساحة الكروية حاليا".

لم يتوقف الاعتراض عند الأهلي والزمالك، حيث طالب فرج عامر رئيس نادي سموحة، في شكوى رسمية للجنة الثلاثية المكلفة بإدارة اتحاد الكرة، بشطب حكم الراية لمباراة الفريق مع بيراميدز التي انتهت بالتعادل بهدف لمثله، وذلك على خلفية عدم احتساب هدف صحيح لسموحة بعدما ثبت دخول شريف إكرامي حارس مرمى بيراميدز بالكرة داخل مرماه فى إحدى هجمات سموحة.

ورد اتحاد الكرة ببيان أكد فيه على ثقته في التحكيم المصري "الذي يعد الأعرق والأفضل على مستوى القارة الأفريقية، ويمتلك ذخيرة من الحكام الأكفاء سواء من الدوليين وغير الدوليين"، داعيا العاملين في الوسط الكروي إلى التحلي بالموضوعية لدى تناولهم شؤون التحكيم بعيدا عما تجرفهم إليه المنافسات الرياضية.

أسباب الأزمات التحكيمية

خبراء التحكيم كان لهم رأي في أزمة الفار، حيث يرى الحكم الدولي السابق ناصر عباس أن أهم أسباب الأزمة يرجع لعدم تدريب الحكام بشكل كاف، حيث يحتاجون المزيد من التدريب على الحالات التي تواجههم في المباريات، في حين أشار الحكم الدولي السابق سمير عثمان إلى أسباب أخرى أهمها انشغال بعض الحكام باستخدام هواتفهم الشخصية والتصوير داخل غرفة الفار، مما يتسبب في تشتيت الحكم، مشيرا إلى تسريبات خرجت من غرفة الفار خلال مراجعة هدف الأهلي الملغى في مباراة البنك الأهلي.

من جانبه أطلق الحكم المصري سعيد حمزة النار على اتحاد الكرة في تصريحات تلفزيونية، موضحا أن الحكام يتحملون الكثير من "المهانة"  بسبب تقاعس اتحاد الكرة، وأوضح أنه خلال إدارته مباراة طلائع الجيش والمقاولون لم يكن يسمع قرار غرفة الفار بسبب عطل في السماعات، وأغلبها تعرض للتلف منذ الموسم الماضي.

وقال حمزة إن تطبيق الفار كلّف اتحاد الكرة 80 مليون جنيه (نحو 5 ملايين دولار)، في حين لم يتقاض الحكام "مليما واحدا" من مستحقاتهم منذ 7 أشهر، ولم يحصل أي منهم على ملابس جديدة منذ الموسم الماضي.

انفراج واتهامات

خلال الأسبوع الماضي أعلنت اللجنة الثلاثية المكفلة بإدارة الاتحاد المصري لكرة القدم، عن الوصول لاتفاق مع شركة "ميديا برو" (Mediapro) الإسبانية، ومنحها مهلة 3 أشهر للوفاء بمتطلبات الاتحاد المصري في تقنية الفار، وتحسين الخدمة المعمول بها وفق المواصفات التي حددها الاتحاد المصري خلال المناقصة التي أجريت في هذا الشأن.

وقال رئيس لجنة الحكام الأسبق عصام عبد الفتاح في تصريحات تلفزيونية إن اللجنة الثلاثية ستوفر المزيد من التدريب للحكام لإنهاء أزمة الفار بعد أن نجحت في إجبار الشركة على تطوير الأجهزة القديمة التي قدمتها خلال الفترة الماضية، وتوفير مشغلين محترفين عوضا عن المشغلين المبتدئين الموجودين حاليا، كما نجحت رغم كل الطلبات الإضافية في تخفيض تكلفة المباراة الواحدة من 3 آلاف إلى 1800 دولار فقط.

اللجنة الخماسية السابقة برئاسة عمرو الجنايني اعتبرت تصريحات عبد الفتاح اتهاما لها بسوء إدارة الملف، وأصدرت بيانا أكدت فيه على صحة قراراتها سواء فيما يخص المقابل المادي أو عدم توقيع عقد مع الشركة، وأوضح البيان أن اللجنة لم توقع عقدا مع الشركة لأنها لجنة مؤقتة وكانت قريبة من الرحيل ولم ترد أن تلزم اللجنة الجديدة بقرارها تاركة لها حرية اتخاذ القرار المناسب، وأكدت أن التسعير الجديد بدفع 1800 دولار فقط للمباراة له سلبياته حيث يلزم اتحاد الكرة بدفع مبلغ محدد شهريا حتى لو توقفت المباريات لأي سبب، كما يضيف عاما جديدا في عقد الشركة الإسبانية بشكل تلقائي.

واتهم رئيس اللجنة الخماسية عمرو الجنايني اللجنة الثلاثية بإخفاء تقرير من وزارة الاتصالات وصل إلى اتحاد الكرة يوافق فيه على تطبيق تقنية الفار ويؤكد أنها مطابقة للمواصفات الفنية.

فهل تنجح الخطوات الأخيرة والتعديلات التي حصل عليها اتحاد الكرة من الشركة الإسبانية في إنهاء أزمة الفار التي قضت مضجع الكثير من المسؤولين واللاعبين والجماهير في الملاعب المصرية؟

المصدر : الجزيرة