تكديس النجوم وعقود بالملايين.. هل تشكل أندية الشركات تهديدا للفرق الجماهيرية بالدوري المصري؟

لاعبو بيراميدز يحتفلون بالفوز على المصري
لاعبو بيراميدز يحتفلون بالفوز في إحدى مباريات الدوري المصري (مواقع التواصل الاجتماعي)

منذ بدء منافسات الكرة المصرية أسهمت أندية الشركات في صناعة تاريخ اللعبة محليا، حيث شاركت أندية عريقة مثل السكة الحديد والترام والبلاستيك والقناة والترسانة وغزل المحلة وغيرها في مختلف البطولات، حتى قبل انطلاق بطولة الدوري العام الذي بدأ عام 1948.

ونجحت أندية الشركات سابقا في منافسة الأهلي والزمالك والفوز ببطولتي الدوري والكأس المحلي، وصنعت لنفسها قاعدة جماهيرية دانت لها بالولاء لتتحول إلى أندية شعبية يشجعها الآلاف، يملؤون المدرجات في مبارياته ويتغنون بلاعبي الفريق وبطولاته.

وعلى رأس أندية الشركات التي صنعت جماهيرية حقيقية يقع نادي "الترسانة" التابع للشركة المصرية العامة لورش الري، حيث حصل النادي على بطولة كأس مصر عام 1923، وكان ثاني ناد مصري يفوز بتلك الكأس بعد الزمالك وقبل النادي الأهلي.

ولم يكتف النادي الملقب بالشواكيش بهذه المرة بل توّج بالكأس 6 مرات وفاز بالدوري العام مرة واحدة عام 1963، وشهد ذروة شعبية حتى أصبحت الجماهير تزحف إلى ملعبه في ميت عقبة بالآلاف بفضل أسطورة النادي حسن الشاذلي أحد أبرز هدافي الكرة المصرية عبر تاريخها.

كما نجح فريق شركة غزل المحلة التي أسسها طلعت حرب "أبو الاقتصاد المصري" بصناعة شعبية كبيرة لدى أهالي مدينة المحلة بمحافظة الغربية، ولقب الفريق "بالفلاحين" قبل أن يتحول إلى "زعيم الفلاحين"، بعد أن أصبح النادي الأكثر شعبية في منطقة الدلتا المصرية عقب فوزه بالدوري المصري عام 1973، ووصوله إلى نهائي بطولة أفريقيا للأندية أبطال الدوري عام 1974.

وعلى عكس أقرانه لم ينجح فريق "المقاولون العرب" منذ إنشائه عام 1973 في صناعة قاعدة جماهيرية رغم تحقيقه العديد من البطولات المحلية والقارية وعلى رأسها الدوري والكأس وبطولة أفريقيا للأندية أبطال الكأس 3 مرات أعوام (1982، 1983، 1996).

وعزا البعض فشل النادي الذي لقب بذئاب الجبل في الحصول على قاعدة جماهيرية إلى مكان النادي الذي أقامته الشركة في منطقة الجبل الأخضر بالقاهرة دليلا على قوة شركة المقاولات الأكبر في ذلك الوقت.

تجربة غير ناجحة

وفي أواخر القرن الـ20 عادت أندية الشركات إلى الظهور على استحياء في الدوري المصري، فظهرت أندية مثل نادي مزارع دينا المملوك لشركة دينا للاستثمارات الزراعية، ونادي جولدي "المعادن سابقا" المملوك لرجل الأعمال أحمد بهجت، ولم تستمر هذه الأندية طويلا في دوري الأضواء والشهرة، وسرعان ما عادت إلى دوريات القسم الثالث والرابع معلنة فشل التجربة.

ومع بداية القرن الجديد غزت أندية الشركات والهيئات الحكومية بطولة الدوري، وخصصت هذه الهيئات والشركات ميزانيات ضخمة للتعاقد مع كبار اللاعبين والمدربين، وكانت وزارة البترول على رأس هذه الهيئات بدعم الوزير سامح فهمي الذي فتح خزائنه لـ3 أندية بترولية هي إنبي، وبتروجيت، وبترول أسيوط.

كما دخلت القوات المسلحة على الخط وأطلقت أندية طلائع الجيش وحرس الحدود والإنتاج الحربي، وانضمت لها وزارة الداخلية التي دعمت أندية اتحاد الشرطة والداخلية.

ولحقت شركات الإسمنت الحكومية بالموجة فظهرت أندية إسمنت أسيوط وإسمنت السويس، ولم تغب الشركة المصرية للاتصالات عن المشهد فظهر نادي المصرية للاتصالات وشقيقه تليفونات بني سويف.

وشهدت هذه المرحلة هجوما جماهيريا وقانونيا على أندية الهيئات والشركات حيث تقدم هشام عبد ربه المحامي بالنقض ببلاغ للنائب العام ضد وزير البترول ورؤساء أنديته يتهمهم فيه بإهدار المال العام وتسهيل الاستيلاء عليه، كما أقام عمرو عبد الهادي المحامي دعوى قضائية ضد المسؤولين عن الكرة المصرية، طالب فيها ببطلان مسابقة الدوري المصري، وحل أندية الشركات لإهدار الملايين على أندية الشركات بدل استفادة الشعب منها.

ورغم تحقيق بعض هذه الأندية للبطولات حيث فاز كل من إنبي وحرس الحدود ببطولة كأس مصر مرتين، فإن هذه الأندية لم تحقق أي قاعدة جماهيرية وظلت في برج عاجي بعيدا عن الجماهير التي أغضبها فشل أنديتها الشعبية وهبوطها إلى الدرجات الدنيا التي تنافس فيها أيضا أندية شركات أخرى.

بلا جمهور

وبعد إقرار قانون الرياضة الجديد ظهر عدد من ألأندية الخاصة وعلى رأسها نادي وادي دجلة الذي نجح صاحبه ماجد سامي في الصعود به إلى الدوري الممتاز.

كما صنع نادي الأسيوطي نقلة نوعية في تاريخ الأندية الخاصة بعد أن اشتراه رئيس الهيئة العامة للرياضة السعودية آنذاك تركي آل الشيخ، مكايدة برئيس النادي الأهلي محمود الخطيب عقب خلافات بين الطرفين، قبل أن يترك النادي لرجل الأعمال الإماراتي سالم الشمسي.

واقتربت ميزانية النادي منذ شراء آل الشيخ له عام 2018 من مليار جنيه مصري، واكتفى هو الآخر بمكايدة فريق الأهلي والفوز عليه في أكثر من مناسبة ولم يحقق أي بطولة.

ويشهد الدوري المصري في موسمه الجديد ظهور أندية شركات جديدة مثل أندية البنك الأهلي وسيراميكا كليوباترا التي فتحت خزائنها لتدعيم فرقها في أول أعوامها بدوري الأضواء، حيث تعاقد سيراميكا كليوباترا مع 21 لاعبا جديدا في حين تعاقد البنك الأهلي مع 20 لاعبا، وضم الفريقان 9 محترفين أجانب وعددا كبيرا من نجوم الأهلي والزمالك السابقين في صفقات كلفت خزائن الشركتين مئات الملايين.

ويرى عمرو مصطفى كامل، خبير الاستثمار الرياضي والرئيس التنفيذي السابق لنادي مصر المقاصة، أن ماحدث مع فريق "بيراميدز" تسبب في نقلة تاريخية للكرة في مصر.

وتوقع -في تصريحات لصحيفة البورصة- أنه خلال 10 سنوات ستختفي نصف أندية الدوري وستظهر أندية تصنع شعبية كبيرة بفضل النجوم الذين ستتعاقد معهم، والإنجازات التي ستحققها، وستتحكم القدرات المالية بشكل كبير في مستقبل الأندية وأوضاعها.

وعلى العكس منه شنّ ماجد سامي مؤسس نادي وادي دجلة أحد أبرز الأندية الخاصة هجوما عبر وسائل التواصل الاجتماعي على أندية الشركات الصاعدة حديثا إلى الدوري الممتاز، مطالبا الشركات بالعودة إلى عقود الرعاية وترك التنافس الرياضي للأندية الجماهيرية.

المصدر : الجزيرة