مريم حويج.. تونسية تراهن على لقب دوري أبطال أوروبا

مريم حويج (الثانية من اليمين في الصف الثاني) مع زميلاتها في نادي أتاشهير التركي خلال التدريبات.jpg
مريم حويج (الثانية من اليمين في الصف الثاني) مع زميلاتها في نادي أتاشهير التركي (الجزيرة نت)

مجدي بن حبيب-تونس

 

"تبدو مختلفة تماما عن زميلاتها، جسدها الرياضي المصقول وقامتها المعتدلة قد يخفيان شيئا ما في قدميها، قد تكون أمامها فرصة لتجرّب ممارسة كرة القدم".

كانت هذه العبارات التي حدث بها الحبيب دقا أستاذ الرياضة بمعهد مدينة "زاوية سوسة" التونسية (وسط) نفسه خلال حصة التربية البدنية تعبيرا عن إعجابه بحركات التلميذة مريم حويج صاحبة الثلاثة عشر ربيعا، التي كانت تتفوق على زميلاتها في سباقات العدو وسائر التمارين الرياضية المدرسية.

لم تكن حويج (24 عاما) تعتقد أن تلك الحادثة ستشكل منعرجا حاسما في حياتها الرياضية وأن تصبح اليوم إحدى أفضل لاعبات كرة القدم النسائية التونسية والعربية.

وتعد تجربة اللاعبة التونسية التي انتقلت أواخر يونيو/حزيران الماضي لنادي "أتاشهير" التركي فريدة من نوعها، لا لكونها ستصبح أول لاعبة عربية تشارك في أمجد الكؤوس الأوروبية، وإنما لأن مسيرتها شهدت الكثير من العراقيل والمعوقات والتجارب المثيرة.

وسيكون السابع من أغسطس/آب الجاري يوما مميزا في حياة حويج عندما تخوض مسابقة دوري أبطال أوروبا للكرة النسائية مع "أتاشهير" أمام سلافيا براغ التشيكي ضمن الجولة الأولى بدور المجموعات.

مريم حويج (يمين) مع إحدى زميلاتها في فريقها السابق سترازبورغ الفرنسي (الجزيرة نت)
مريم حويج (يمين) مع إحدى زميلاتها في فريقها السابق سترازبورغ الفرنسي (الجزيرة نت)

"في البداية لم أكن أطمح إلى أكثر من التألق في رياضة الجيدو ضمن نادي زاوية سوسة مسقط رأسي، إلا أن شغفي بكرة القدم وعشقي للنجم الساحلي الفريق الأعرق بالساحل التونسي غيرا مسار حياتي الرياضية"، تنطلق مريم في نبش دفاتر الماضي.

وتضيف في حديثها للجزيرة نت "كنت أنتظر بفارغ الصبر الفترة الأسبوعية التي كان مدرب الجيدو يخصصها لنا لخوض مباراة في إحدى ملاعب الرياضات الجماعية (كرة القدم أو كرة اليد) وذلك عقب نهاية تمارين الجيدو، كنت أشعر برغبة جامحة لملامسة الساحرة المستديرة".

قد يكون لهذا الولع ما يبرره، فالفتاة المولودة في الثامن من أغسطس/آب 1994 نشأت بين ثلاثة إخوة وكانت البنت الوحيدة داخل العائلة فأخذت عنهم عشقهم للكرة رغم ما لقيته من صدّ من والديها بدعوى الخوف من إهمالها لواجباتها المدرسية.

وتواصل قائلة "لم يتردد أستاذي ومدرب نادي زاوية سوسة لكرة القدم الحبيب دقا في مساعدتي، ولكن لم يكن هناك ناد للكرة النسائية في مدينتنا فنصحني بأن أنضم إلى جمعية الساحل".

تسارعت الأحداث في حياة مريم، ورغم معارضة عائلتها بدعوى أن كرة القدم لا تناسب الجنس اللطيف، فإنها مضت في طريقها الحالم وآلت على نفسها أن تغير نظرة الكثيرين إلى ممارسة الفتيات لهذه اللعبة.

خضعت اللاعبة لاختبار ناجح في جمعية الساحل، ولم تكد تمضي ثلاث سنوات حتى وجدت نفسها ضمن الكبريات عندما منحها المدرب طارق الحجري الفرصة لتكون أصغر لاعبة بالفريق الأول.

لدي حلم
ورغم أنها تشارك ضمن الدوري التونسي بعمر 16 عاما، برزت صاحبة القميص رقم 10 كأفضل ما يكون بالدوري وأحرزت عديد التتويجات الجماعية والشخصية قبل أن تنال شرف حمل قميص منتخب بلادها وتصبح نجمته الأولى.

وخاضت حويج عشرات المباريات مع المنتخب وشاركت ضمن مسابقة كأس أمم أفريقيا، لكن طموحها الأكبر هو خوض كأس العالم للكرة النسائية بحسب قولها.

وشكلت صائفة 2017 منعرجا ثانيا في مسيرتها إذ تقول "بعد 10 سنوات بجمعية الساحل، انتقلت إلى نادي سترازبورغ الفرنسي، كانت أول تجربة خارجية، الأمر لم يكن سهلا ولكني فرضت نفسي بالتشكيل الأساسي وسجلت 5 أهداف بالدوري".

بعد موسم واحد ضمن الدوري الفرنسي انتقلت لنادي "أتاشهير" بطل تركيا الذي يستعد للمشاركة بدوري الأبطال الموسم المقبل.

وترى "حويج" أن المشاركة بدوري الأبطال إنجاز كبير في سجلها، وتضيف للجزيرة نت "لم يخطر ببالي يوما ما أني سأخوض بطولة بهذا الحجم، شرف لي أن أكون أول لاعبة عربية في المسابقة ولكن طريق النجاح ما زالت طويلة وشاقة".

ورغم النجاحات المتتالية في مسيرتها، لا تخفي مريم حويج حسرتها لتعثر مسار الكرة النسائية بتونس وتوقف نشاط المنتخب مما يعيق تطور اللعبة ويسير بها نحو طريق مجهول على حد وصفها.

وتعيش الكرة النسائية في تونس مشاكل عدة أبرزها غياب الموارد المالية مما أدى إلى توقف نشاط المنتخب واضمحلال عديد الأندية.

المصدر : الجزيرة