أكاديميات كرة القدم الخاصة بتونس.. صناعة النجوم أم الأوهام؟

أكاديمية تكوين الناشئين في كرة القدم بتونس
أكاديمية كرة القدم في قربة تضم أكثر من 120 لاعبا تتراوح أعمارهم بين 6 و13 عاما (الجزيرة نت)

مجدي بن حبيب-تونس

شهدت تونس خلال السنوات الأخيرة انتشارا مهولا للأكاديميات الخاصة لتكوين البراعم والناشئين في كرة القدم ممن فضلوا تلقي أبجديات الكرة خارج أسوار الأندية.

وحسب إحصائيات وزارة الرياضة في تونس بلغ عدد هذه الأكاديميات حتى مطلع العام الجاري 86 أكاديمية تضم لاعبين تتراوح أعمارهم من 4 إلى 18 عاما، وذلك بإشراف أساتذة ومدربين متحصلين على شهادة التدريب في كرة القدم.

وتباينت الآراء بشأن مستوى التكوين والتدريب في الأكاديميات الخاصة ومدى التزامها بالمقاييس المتعارف عليها لتخريج لاعبين شبان وإلحاقهم بالأندية والمنتخبات.

‪اليازيدي: تكوين لاعبي كرة القدم لابد أن يخضع لضوابط ومناهج علمية‬ (الجزيرة نت)
‪اليازيدي: تكوين لاعبي كرة القدم لابد أن يخضع لضوابط ومناهج علمية‬ (الجزيرة نت)

غايات تجارية
انطلقت تجربة أكاديميات التكوين الخاصة عام 2000 بمراكز لتعليم الأطفال أبجديات اللعبة وتأهيل قدراتهم الجسدية، قبل أن يتزايد عدد المولعين بالمراكز الخاصة على حساب مراكز التكوين داخل الأندية، بحسب نوفل اليازيدي مدير أكاديمية تكوين للناشئين في برج السدرية (جنوب العاصمة).

وقال اليازيدي للجزيرة نت إن" تكوين لاعبي كرة القدم لابد أن يخضع لضوابط علمية ومناهج متعارف عليها في أكبر مدارس التكوين بأوروبا، وهذا ما نسعى إلى النسج على منواله رغم فوارق الإمكانات المادية وقلة الفضاءات التي تبقى العائق الأبرز لصقل مواهب الناشئين وفق مناهج متطورة".

ولئن اعتبرت بعض الأطراف أن الجوانب التجارية تطغى على نشاط مراكز التكوين الخاصة مما يقلل من فرص نجاح اللاعبين ويهمش الجانب التكويني، فإن اليازيدي كشف أن المراكز ذات الغايات التجارية قليلة العدد وتتمركز فقط في الأحياء الراقية حيث تبلغ رسوم التسجيل 70 دولارا شهريا.

وتابع "لا نصنع الأوهام للاعبين، بل نعمل على صقل مواهبهم وإعدادهم للالتحاق بالنوادي المدنية مقابل رسم رمزي يقارب 30 دينارا (17 دولارا) في الشهر".

ويتلقى نحو 130 لاعبا -أغلبهم دون سن العاشرة- تمارين ومباريات تطبيقية بإشراف ستة مدربين ومدير فني ومدير رياضي، وذلك في خمسة أصناف منها البراعم والمدارس والناشئون والشبان، علما بأن الأكاديمية بعثت مؤخرا فريقا نسائيا يضم ثماني فتيات أعمارهن دون الرابعة عشرة.

‪بن حميدة: فكرة إنشاء مركز لتكوين اللاعبين انبثقت عن مطالب من الأولياء‬ (الجزيرة نت)
‪بن حميدة: فكرة إنشاء مركز لتكوين اللاعبين انبثقت عن مطالب من الأولياء‬ (الجزيرة نت)

تمويل النوادي الكبرى
ولا يقتصر دور الأكاديميات على الترفيه وتعاطي الرياضة، بل تساهم في تمويل الأندية باللاعبين الشبان وتأهيلهم لخوض غمار الاحتراف، بحسب أنور بن حميدة مدرب الناشئين في إحدى الأكاديميات بمدينة قربة (شمال شرق).

يقول بن حميدة إن فكرة إنشاء مركز لتكوين اللاعبين انبثقت عن مطالب من الأولياء لتكون في البداية نشاطا رياضيا لملء الفراغ خلال العطل المدرسية، قبل أن تتطور لتشمل جوانب التكوين العلمية بهدف تكوين لاعبين محترفين وصناعة نجوم قادرين على التألق في عالم الساحرة المستديرة.

ومنذ نشأته عام 2006 ساهم المركز في تمويل النوادي المدنية بقرابة 320 لاعبا لعل أبرزهم الصادق يدعس وأيوب شعبان (الترجي التونسي) والصادق كريم (النادي الأفريقي) ويسري حمزة (النجم الساحلي) وغيرهم.

وتضم أكاديمية التكوين التي أسسها اللاعب الدولي السابق عبد اللطيف حداد أكثر من 120 لاعبا في فئات سنية بين 6 و13 عاما، علما بأنها تحتضن سنويا دورة "النسور الصغار" (دون 12 عاما) ويتم خلالها معاينة اللاعبين الممتازين قصد انتدابهم من قبل النوادي الكبرى.

‪بن سلطان: أهمية الأكاديميات الخاصة تكمن في تلقي الطفل للتكوين منذ الصغر‬ (الجزيرة نت)
‪بن سلطان: أهمية الأكاديميات الخاصة تكمن في تلقي الطفل للتكوين منذ الصغر‬ (الجزيرة نت)

ولم يخف بن حميدة في المقابل الصعوبات التي تعترض أكاديميات التكوين الخاصة والمتمثلة أساسا في غياب الدعم المادي من اتحاد كرة القدم ووزارة الرياضة، مما يهدد باضمحلال هذه المراكز التي تواجه صعوبات اقتصادية فضلا عن قلة الفضاءات الرياضية.

وللحديث عن الجوانب الفنية يرى المدرب عبد الحي بن سلطان أن أهمية الأكاديميات الخاصة تكمن أساسا في تلقي الطفل للتكوين منذ نعومة أظافره، باعتبار أنها تستهدف حتى الأطفال في سن الرابعة من العمر بخلاف الأندية التي تشرف على ناشئين في العاشرة كحد أدنى للسن.

وقال بن سلطان -وهو مدرب منتخب ناشئي تونس السابق- للجزيرة نت إن "نشاط المراكز الخاصة يرتكز على التكوين وصقل المواهب، وينأى بهم عن البعد التنافسي الذي يمس من ثوابت التكوين الأساسية ويضر بتعلم أبجديات كرة القدم".

يذكر أن عدد الأكاديميات الرياضية الخاصة في تونس يناهز 94 أكاديمية، من بينها 86 متخصصة في كرة القدم و8 في اختصاصات أخرى.

المصدر : الجزيرة