"سيسي".. لاعب مزج الأمل واليأس والرغبة للعب الكرة

حسن سيسي لاعب سيراليوني يبحث عن الشهرة

مجدي بن جبيب-تونس

على امتداد الطريق الرابط بين مدينتي تطاوين وبنقردان بالجنوب التونسي، مرت الصور سريعة أمام عيني الشاب "حسن سيسي" وتلاطمت الأسئلة في ذهنه المشوّش: ماذا تخفي له الأيام وهل تبتسم الأقدار فيحقق حلم طفولته وينطلق في مسيرة كروية مشرقة أم يعود إلى حياة البطالة والفقر في موطنه سيراليون؟

نجح اللاعب الشاب (18 عاما) في الاختبار مع نادي اتحاد تطاوين في الدوري الممتاز، ونال إعجاب مدربه، ولكنه وجد نفسه مضطرا للعمل في أشغال البناء والزراعة في انتظار أن يسوي وضعية إقامته ويحصل على تأهيل قانوني يمكنه من إمضاء عقد كروي احترافي.

وتبدو قصة اللاعب الشاب القادم من سيراليون الواقعة غرب القارة الأفريقية مثيرة ولكنها تنضوي على أبعاد إنسانية كثيرة، وتختزل في طياتها مصاعب عدة اعترضته قبل وصوله إلى مدينة تطاوين في صيف 2018.

الحسن سيسي (وسط ) خلال مشاركته مع أحد الأندية الهاوية في غينيا (الجزيرة)
الحسن سيسي (وسط ) خلال مشاركته مع أحد الأندية الهاوية في غينيا (الجزيرة)

رحلة المجهول
"حياتي مزيج من الأمل واليأس والرغبة في مجابهة الصعاب لتحقيق طموحاتي، لدي حلم وسأحققه طال الزمان أم قصر، علي أن أرسل الأموال لعائلتي في سيراليون لتساعدني على تسوية إقامتي في تونس". كانت هذه آخر كلمات حسن سيسي وهو يروي للجزيرة نت رحلته المثيرة التي انطلقت في 2016.

ويضيف سيسي المولود في أحد الأحياء شديدة الفقر بالعاصمة فريتاون أنه "بدأ ممارسة كرة القدم في 2012 بنادي "أف سي سوقار" وهو ناد هاو في الدوري السيراليوني، لكن خطواته كانت متعثرة هناك، فنشاط الدوري انقطع منذ 2015، "لذلك سافرت إلى غينيا في 2016 وهناك لعبت مع ناد هاو قبل أن تدفعني الظروف القاسية إلى مغادرتها".

وغادر "حسن" غينيا نحو مالي ومنها إلى الجزئر ليصل إلى ليبيا في 2017، وهناك تضاعفت معاناته واضطر للعمل في أوضاع قاسية جدا.

وتابع "قبل الهروب لتونس مع شبان الأفارقة، لا أزال أذكر شظف الحياة هناك، كانت الأوضاع في ليبيا تنبئ بالخطر في كل لحظة، نجحنا في الوصول إلى الجنوب التونسي في يونيو/حزيران الماضي، عبر مدينة بنقردان، مكثت هناك زهاء شهرين قبل أن أتواصل مع مسؤولين من اتحاد تطاوين وأعرض عليهم خدماتي".

الحلم المبتور
في مدينة تطاوين التي تعيش على وقع صعود النادي للدوري الممتاز، التقى حسن سيسي بمسؤولي الفريق وخضع لاختبار تحت إشراف المدرب إسكندر القصري كلّل بالنجاح، لكنه اصطدم بعدم اكتمال وثائقه الإدارية لإمضاء عقد احترافي.

الحسن سيسي (على اليمين) مع أحد زملائه السابقين (الجزيرة)
الحسن سيسي (على اليمين) مع أحد زملائه السابقين (الجزيرة)

واضطرت الظروف اللاعب إلى العمل في أشغال البناء والفلاحة، فظل يتنقل بين مدينتي تطاوين وبنقردان ليوفر قوته من عمله اليومي في حظائر البناء أو في حقول الزيتون نهارا والتدرب مساء.

لم يخف سيسي طموحه بأن يخط مسيرة كروية ناجحة، ولكن ذلك سيكون رهينا لتسوية كل الإجراءات قبل إغلاق فترة تنقلات اللاعبين نهاية يناير/كانون الثاني 2019.

تدرب لاعب الوسط في اتحاد تطاوين وأظهر مؤهلات كروية شجعت مدرب الفريق على المطالبة بضمه، فيما لم يخف زملاؤه مما أظهره في التمارين.

‪الهادي خلفة لاعب اتحاد تطاوين أكد أن سيسي وجد مساندة من زملائه خلال الفترة الصعبة التي مر بها‬ (الجزيرة)
‪الهادي خلفة لاعب اتحاد تطاوين أكد أن سيسي وجد مساندة من زملائه خلال الفترة الصعبة التي مر بها‬ (الجزيرة)

وعنه يقول لاعب اتحاد تطاوين، الهادي خلفة "يبدو أنه لاعب سريع وموهوب، لقد حدثنا عن معاناته وحاجته الماسة إلى العمل وتوفير قوت يومه لمجابهة مصاريف الإقامة والتنقل، إنها حالة إنسانية تخفي خلفها حلما مشروعا للبروز ونحت مسيرة لامعة".

ويضيف أنه وزملاءه سعوا إلى مساعدة اللاعب على الاندماج داخل الفريق وإعانته ماديا ومعنويا بعد أن علموا أنه عاش أشهرا من المعاناة منذ مغادرته بلاده.

وتُعد فرصة اللاعب الموهوب قائمة لتجهيز وثائقه وتوقيع عقد احترافي مع اتحاد تطاوين في فترة التنقلات الشتوية التي تنطلق في 15 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

المصدر : الجزيرة