شغف كروي واندماج في المجتمع.. تجربة مميزة لذوي الاحتياجات الخاصة في ملاعب قطر

القطري عبدالرحمن سعيد بتجربته في استاد خليفة الدولي

محمد السيد-الجزيرة نت

يتردد المواطن القطري عبد الرحمن محمد -وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة- على ملاعب كرة القدم بشكل مستمر، غير أنه لأول مرة يتواجد في مقاعد خاصة دون الحاجة لمساعدة أحد أو العناء في مشاهدة المباراة، وذلك بفضل المنصة الأولى من نوعها، والمخصصة لذوي الإعاقة في ملعب خليفة الدولي. 

عبد الرحمن -الذي يعاني من شلل نصفي- خاض تجربة مثيرة لمشاهدة مباراة قطر والعراق في افتتاح بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم التي أقيمت أمس الثلاثاء في ملعب خليفة الدولي أول الملاعب جاهزية لاستضافة نهائيات كأس العالم في قطر 2022.

بدأت تجربة عبد الرحمن عندما دخل المنطقة المحيطة بملعب خليفة الدولي ليجد عربة مخصصة لذوي الإعاقة، استقلها حتى البوابة الـ12 للملعب المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث توجد فيها كراسٍ متحركة، وعلى بعد أمتار مسار ومصعد خاص.

واصطحب عبد الرحمن مرافق من المتطوعين حتى منطقة الأماكن المخصصة لذوي الإعاقة في الدور الثاني والقريبة من أرضية الملعب، ووفر له مكانا مناسبا لمشاهدة المباراة وسط الجمهور بأريحية ودون وجود عوائق.

يقول عبد الرحمن العاشق لفريق العربي للجزيرة نت إنه منذ سنوات يجر كرسيه المتحرك من منزله إلى مختلف الملاعب لمتابعة مباريات كرة القدم، سواء لناديه العربي أو المنتخب، لكن تجربته في ملعب خليفة الدولي كانت مختلفة ومميزة في كل شيء ما عدا خسارة قطر.

ويضيف أن فريق المتطوعين رحب به منذ الوصول إلى الملعب، ووفر له كل سبل الراحة من أجل إيصاله لمقعده المخصص في أماكن ذوي الإعاقة، والتي تم اختيارها بعناية وسط الجماهير العادية حتى يشعر بالانتماء، وتتيح له في الوقت نفسه الرؤية بصورة مميزة.

ويؤكد أن الأماكن المخصصة لذوي الإعاقة في ملعب خليفة تظهر للمرة الأولى في بطولات الخليج، وهو ما يؤكد أن قطر قطعت أشواطا كبيرة في الاهتمام بذوي الإعاقة في مختلف المجالات وكل الأحداث والفعاليات التي تقام على أرضها، سواء كانت رياضية أو غيرها.

وأعادت دولة قطر افتتاح ملعب خليفة الدولي في مايو/أيار 2017 بعد تطويره حسب مواصفات الاتحاد الدولي لكرة القدم ليكون أول الملاعب الجاهزة لمونديال قطر 2022. undefined

وبجانب عبد الرحمن جلس العراقي عبد الكريم أحمد يتابع مباراة بلاده مع قطر في افتتاح خليجي 24 بشغف كبير ودون معاناة.

يقول عبد الكريم -الذي وصل الملعب عن طريق مترو الدوحة- للجزيرة نت إنه لم يجد مشقة في الوصول إلى مكانه بالملعب في ظل المسار الخاص بذوي الإعاقة واللوحات الإرشادية، والتجهيزات المميزة المتوفرة من سيارة خاصة ومصاعد ومقاعد.

ويرى عبد الكريم أن توفر مثل هذه الإمكانيات في ملاعب كرة القدم ووسط الجماهير من شأنه أن يساعد في إقبال ذوي الإعاقة على مشاهدة المباريات في الملاعب بصورة مستمرة، ثم اندماجهم في المجتمع.

وفي الجهة المقابلة من المدرج جلس السوداني أحمد كمال يشاهد مباراة قطر والعراق في ترقب شديد، ويشعر بحرارة التحية كلما علا التصفيق في المدرجات على فرصة خطرة أو لعبة جميلة.

ويقول أحمد للجزيرة نت إن حب الكرة لا تحده المعوقات الجسدية ولا الطبيعية، وإنه يحرص على الحضور لمشاهدة جميع المباريات من الملعب، حيث يحفظ عن ظهر قلب تاريخ فريقه وأعضاء فريقه، سواء من يلعب في التشكيلة الرسمية أو الاحتياط.

ويضيف أنه رغم حضوره متأخرا للمباراة فإنه وجد من الترحيب والمساعدة في ملعب خليفة الدولي ما جعله يدخل ويجلس في مكانه المخصص في المدرج المخصص لذوي الإعاقة في ظرف دقائق معدودة.

undefined

ووضعت اللجنة العليا للمشاريع والإرث -الجهة المسؤولة عن تنفيذ مشاريع كأس العالم قطر 2022- خطط استخدام مفصلة لذوي الإعاقة ضمن تصاميمها الأصلية للملاعب المخصصة لاستضافة المونديال، ومنها ملعب خليفة الدولي، وذلك في إطار مؤشرات التنمية الإنسانية والاجتماعية التي حددتها رؤية قطر الوطنية 2030.

ويوضح المتطوع الأردني محمد مازن المسؤول عن المنطقة المخصصة لذوي الإعاقة أن عمله يقوم على الاهتمام بأفراد هذه الفئة منذ دخولهم من بوابة الملعب حتى الوصول إلى مقاعدهم في الأماكن الخاصة لهم.

ويقول مازن -الذي حضر خصيصا من الأردن للمشاركة في كأس الخليج وكأس العالم للأندية- للجزيرة نت إن هناك فريق عمل خاصا من المتطوعين لاستقبال ذوي الإعاقة مع مرافقيهم وتوديعهم، مع توفير كافة الخدمات لهم من ممرات ودورات مياه خاصة بهم.

ويضيف أن التعليمات الصادرة لفريق المتطوعين من اللجنة العليا للمشاريع والإرث تحثهم على معاملة هذه الفئة بدرجة عالية من الاحترام، حيث إنهم الأشخاص الذين يجب أن يغادروا الملعب أولا، وهم الأشخاص المصرح لهم بالمغادرة في أي وقت.

undefined

من جهتها، تؤكد المسؤولة الإماراتية في فريق المتطوعين مها علي عن دخول وخروج الجماهير من بوابات ملعب خليفة الدولي أن هناك اهتماما خاصا بالأشخاص ذوي الإعاقة، حيث يحرص الجميع على توفير كل احتياجاتهم ونساعدهم في تلبية كافة مطالبهم.

وتقول مها للجزيرة نت إن هناك فريقا من المتطوعين لمرافقة ذوي الإعاقة منذ دخول الملعب وحتى الوصول إلى مقاعدهم، ويذلل لهم كافة المصاعب، خاصة في أماكنهم بالمدرج، حيث يتم تخصيص أماكن مرتفعة للبعض حتى يستطيع تخطي الحاجز الزجاجي والرؤية بوضوح.

واعتبرت أن توفير مواقف مخصصة لذوي الإعاقة داخل الملاعب ومسارات وأماكن ومقاعد ودورات مياه خاصة يساهم بصورة كبيرة في سرعة اندماج هذه الفئة مع المجتمع.

المصدر : الجزيرة