سادت مشاعر من الحزن والغضب بين الألمان بعد صدمة خروج منتخب بلادهم من الدور الأول لنهائيات كأس العالم لكرة القدم للمرة الأولى منذ 80 عاما.
لن تنجح الرسوم البيانية والتحليلات الإحصائية في تقديم تفسير للخروج المفاجئ لمنتخب (المانشافت) حامل اللقب من الدور الأول لكأس العالم هذا العام. فالسبب لا يرجع إلى الأرقام بل إلى الإحساس بالرضا عن الذات الذي أظهرته كرة القدم الألمانية خلال السنوات الأخيرة.
فمنذ الانتصار الرائع الذي تحقق في كأس العالم 2014 ارتكنت العناصر الفاعلة الرئيسية في كرة القدم بألمانيا على هذا المجد، واكتفت بجني الأموال وظنت أن الأوقات الجيدة ستستمر إلى الأبد. لكن هذا لم يحدث.
وخسرت ألمانيا مرتين، وحققت انتصارا واحدا في الدقائق الأخيرة، وخرجت من الدور الأول للبطولة لأول مرة منذ ثمانين عاما أمس الأربعاء.
وإذا عدنا بالأحداث إلى عام 2014 سنجد أن أربعة فرق ألمانية تخطت دور المجموعات بدوري أبطال أوروبا وتأهلت لدور الـ 16. لكن فريقا واحدا فقط هو الذي تأهل للدور نفسه في بطولة الموسم المنصرم.
وعام 2013 واجه بايرن ميونيخ منافسه بروسيا دورتموند في نهائي ألماني خالص لدوري الأبطال. ومنذ ذلك الوقت لم ينجح أي فريق ألماني في التأهل لنهائي البطولة.
وفاز بروسيا بالدوري عامي 2011 و2012 ومن بعدها سيطر بايرن على اللقب بشكل كامل، وهو ما أصاب المسابقة بالملل مع اقتصار الفوز بالبطولة على فريق واحد معروف.
وتسبب تراجع الروح التنافسية بالدوري في أن يفقد اللاعبون هذه الروح التنافسية بشكل خطير.
حتى بايرن نفسه أصبح لا يحتاج لتنشئة لاعبين يخصونه بعد الآن. فبعد تكدس الأموال بالحسابات البنكية وزيادة الدخل بات في إمكان النادي شراء أي لاعبين يرغب فيهم، ليبقى توماس مولر اللاعب الحقيقي الذي نشأ بالنادي.
لوف العنيد
أضف إلى هذا إحساس المدرب يواكيم لوف نفسه بهذا التعالي بعد أن أصر بعناد على الاستعانة بنفس المجموعة الرئيسية من اللاعبين لمدة تقارب عشر سنوات.
وقال عقب الخسارة الأولى أمام المكسيك "لماذا يتوجب أن أفقد الثقة فيهم بعد مباراة واحدة".
وتوقف لاعبون مثل مولر وجيروم بواتينغ ومسعود أوزيل وسامي خضيرة ومانويل نوير عن مطاردة النجاح على الصعيد الدولي منذ فترة طويلة، وأصبحوا يهتمون باستعراض ملابسهم وسياراتهم ومنازلهم وأحذيتهم أكثر من التفاخر بإنجازاتهم الكروية. ويرجع آخر موسم جيد لهم إلى عام 2014.
وسواء بقي لوف أم لا فسيكون أمامه في مرحلة ما بعد المونديال أن يعيد ترتيب الأوراق، ويعيد بناء الفريق من نفس المصدر تماما كما حدث مع منتخب 2014.
وكان الجهد الرائع المبذول من جانب الدولة بقطاع الناشئين واكتشاف المواهب نقطة الانطلاق في مسيرة عالمية استمرت عشر سنوات، مما يجب على المدرب أن يعيه ويطبقه.