التاريخ وتحليل البيانات أثبتا ذلك.. الاستعانة بالمتخصصين في ركلات الترجيح خلال الوقت الإضافي خيار مخفق

أصبحت المباراة النهائية لكأس العالم لكرة القدم قطر 2022، بين فرنسا والأرجنتين، النهائي الثالث بالمونديال الذي يحسم بركلات الترجيح، بعد مونديال 1994 بين البرازيل وإيطاليا ومونديال 2006 بين إيطاليا وفرنسا.

وكالعادة وقع كلا المدربين الفرنسي ديدييه ديشان والأرجنتيني ليونيل سكالوني في إغراء الدفع "بالمتخصص في ركلات الجزاء" في نهاية الوقت الإضافي لمنحه مهمة تسديد إحدى الركلات الترجيحية، رغم أنه لا يؤتي ثماره أبدًا، حسب دراسة تحليلية لركلات الجزاء والترجيح في كرة القدم.

وفحصت شركة نيلسن جريسنوت المتخصصة في تحليل البيانات ذلك التوجّه الحديث نسبيًا، ووجدت أن من بين اللاعبين السبعة الذين تم الدفع بهم في نهاية الوقت الإضافي في كأس العالم أو بطولة أمم أوروبا، فقد أخطأ السبعة جميعًا في تسديد ركلات الترجيح، وخسرت 5 منتخبات بركلات الترجيح في نهاية المطاف.

درجة الإحماء حاسمة

وحدث ذلك لأول مرة في كأس العالم 2006، عندما قرّر مدرب إنجلترا -آنذاك- سفين غوران إريكسون أن خبرة قلب الدفاع جيمي كاراغر تفوق أي خلل فني محتمل، وهي وجهة نظر ثبت خطؤها عندما تقدّم كاراغر لتسديد الركلة الترجيحية أمام البرتغال وقتها.

ومرّت 10 سنوات حتى حدث ذلك مرة أخرى، وتحديدًا في بطولة أوروبا 2016، في حين كان ثلاثة لاعبين طرفًا في هذا الأمر خلال منافسات أدوار خروج المغلوب، أو الدور النهائي في بطولة أوروبا العام الماضي، إضافة لاثنين في كأس العالم هذا العام في مباراة واحدة، هي: المغرب وإسبانيا لحساب ثمن النهائي.

إعلان

ويبدو أن الجانب الإيجابي للدفع بلاعب مهاري يتّسم بالحسم أمام المرمى، وهو لاعب يشعر المدرب أنه يمكنه التعامل مع الضغوط، يأتي مناقضًا لفكرة أن اللاعب ذاته لم يلمس الكرة لمدة ساعتين أو أكثر خلال المباراة، ويقضي معظم ذلك الوقت جالسًا على دكة الاحتياط.

وقال كبير المحاضرين في اكتساب المهارات بكلية علوم الرياضة والصحة والتدريبات الرياضية بجامعة بورتسموث لرويترز مات ميلر ديكس، "هناك شيء يُشار إليه باسم ‭‭‬‬التناقص في مدة الإحماء‭‭".

النجاح في تنفيذ ركلات الترجيح يخضع لدرجة الإحماء حسب شركات متخصصة في تحليل بيانات اللاعبين (غيتي)

وأضاف مات ميلر ديكس: "الأمر لا يتعلق كثيرًا بالوقاية من الإصابات، ولكن بدرجة الإحماء التي ستقوم بها قبل تنفيذ المهارة الحركية، هناك تحليل جرى حول هذا الأمر مؤخرًا مع رابطة دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين فيما يخص الرميات الحرة، حيث وجد المحللون أنه في حالة وجود فرصة لتسديد رميتين حرتين، كان معدل النجاح للرمية الثانية أكبر مقارنة بالرمية الأولى، ثم بالتساوي في حال تنفيذ ثلاث رميات حرة، إذ يزيد معدل النجاح مع كل رمية تالية".

وتابع: "يشير هذا إلى حقيقة أنه بالنسبة لمهارة معينة مثل تنفيذ ركلة الجزاء، وإذا كنت ستشارك بديلًا، فأنت أقل قدرة على أداء مهارة حركية بالدقة نفسها لأنك أقل استعدادًا".

وسجلت مباريات عدة في كأس العالم أو في بطولة أمم أوروبا إهدار لاعبين، تم الدفع بهم أواخر الوقت الإضافي للركلات الترجيحية التي سدّدوها، والتي كان أبرزها:

جيمي كاراجر، إنجلترا أمام البرتغال، دور الثمانية بكأس العالم 2006

خسرت إنجلترا (3-1) وقبل ذلك دخل كاراجر في الدقيقة 119 بدلًا من الجناح آرون لينون وسدّد ركلة الجزاء الرابعة لإنجلترا بعد أن أضاع المنتخبان ركلتين لكل منهما، وكان كاراجر بحاجة للتسجيل ليجعل النتيجة (2-2) لكن الحارس ريكاردو أنقذ تسديدته الضعيفة بسهولة، وسجل كريستيانو رونالدو ركلة الجزاء التالية، ليدفع البرتغال للعبور لنصف النهائي.

إعلان

سيموني زازا، إيطاليا أمام ألمانيا، دور الثمانية بأمم أوروبا 2016

خسرت إيطاليا أمام ألمانيا بركلات الترجيح (6ـ5) وشارك زازا في الدقيقة 121 بدلًا من جيورجيو كيليني، قبل أن ينفذ زازا ركلة الجزاء الثانية لإيطاليا بعد أن سجل الفريقان الضربة الأولى لكليهما، وتراجع زازا حوالي 15 خطوة قبل أن يسدد الكرة فوق العارضة، لتصبح تلك الركلة محلّ سخرية وتندّر على منصات التواصل، لتكون واحدة من أسوأ طرق تنفيذ ركلات الترجيح.

رودري، إسبانيا أمام سويسرا، دور الثمانية بأمم أوروبا 2020

فازت إسبانيا بركلات الترجيح (3ـ1) وقبل انطلاق حصة الركلات الحاسمة، تم الدفع برودري في الدقيقة 119 بدلًا من بيدري، وسدد ركلة الجزاء الثالثة لإسبانيا بعد أن أضاع كل فريق ركلة جزاء.

أرسل رودري تسديدته إلى يسار يان زومر، ولكن ليس بعيدًا عن متناوله بما يكفي لينقذها حارس سويسرا. ومع ذلك أهدرت سويسرا ركلتيها الثالثة والرابعة، في الوقت الذي سجلت إسبانيا ركلتيها التاليتين لتفوز (3-1).

ماركوس راشفورد، إنجلترا أمام إيطاليا، نهائي بطولة أوروبا 2020

شارك ماركوس راشفورد وجيدون سانشو في الدقيقة 120 بديلين لكايل ووكر وجوردان هندرسون على ملعب ويمبلي في نهائي أمم أوروبا 2021، ووصلت النتيجة إلى (2-2) في ركلات الترجيح، ولكن مع إضاعة إيطاليا لركلة واحدة، كان لدى إنجلترا الأفضلية.

ماركوس راشفورد سدد في الجهة اليسرى لمرمى الإيطالي دوناروما لكنه أضاع الركلة الترجيحية التي أسهمت في تتويج إيطاليا بطلة لأوروبا 2021 (رويترز)

ومع ذلك سدد راشفورد في القائم الأيسر بعد انطلاقة شابها التردد، ليهدر فرصة أخذ الأسبقية لمنتخب بلاده، لكن الأمر لم ينته بعد.

سانشو، إنجلترا أمام إيطاليا، نهائي بطولة أوروبا 2020

بعد إهدار راشفورد للركلة، أحرزت إيطاليا ركلة ناجحة لتتقدم (3ـ2)، وتقدّم سانشو الذي حلّ بديلًا في آخر الوقت الإضافي، لكنه سدد على يسار جيانلويجي دوناروما في متناول يده لينقذها حارس إيطاليا.

ورغم أن إيطاليا أهدرت ركلتها الخامسة، وهو ما ترك بوكايو ساكا أمام فرصة لتعديل الكفة وإبقاء ركلات الترجيح مستمرة، لكن حارس إيطاليا أنقذ ركلته -أيضًا- وتُوّجت إيطاليا بطلة لأوروبا بعد الفوز (3ـ2)

إعلان

بابلو سارابيا، إسبانيا أمام المغرب، دور 16 بكأس العالم 2022

خسرت إسبانيا ثمن نهائي مونديال قطر الحالي أمام المغرب، وغادرت السباق المونديالي من الدور نفسه الذي خرجت فيه في روسيا 2018، لكن طريقة خروجها كانت أكثر إثارة، إذ أهدر 3 لاعبين ركلاتهم الترجيحية، وعجزوا عن مغالطة المغربي ياسين بونو.

وحلّ سارابيا بديلًا لنيكو وليامز في الدقيقة 118 من المباراة والوقت الإضافي، وعلى الرغم من أنه جرى الدفع به من أجل ركلات الترجيح، فإنه كاد أن يحسم المباراة لصالح منتخب بلاده، عندما سدد في القائم الأيمن في آخر تسديدة في الوقت الإضافي.

وتواصل سوء الحظ لسارابيا، بعد أن أضاع ركلة الترجيح الأولى لإسبانيا، حيث سددها في القائم.

بدر بانون، المغرب أمام إسبانيا، دور 16 لكأس العالم 2022

وفي المباراة ذاتها التي فاز فيها المغرب بركلات الترجيح (3ـصفر)، دخل بدر بانون بديلًا لعز الدين أوناحي في الدقيقة 120 في تشكيلة أسود الأطلس.

وسدد بانون ركلة الجزاء الثالثة للمغرب مع تقدم المغاربة (2- صفر) بعد أن أهدرت إسبانيا ركلتي جزاء، وبدا أن بانون لم يدخل أجواء اللقاء بشكل صحيح، وأطلق تسديدة هادئة ليتصدى لها أوناي سيمون بسهولة، لكن خيبة أمله لم تدم طويلًا، حيث أهدر سيرجيو بوسكيتس الركلة الثالثة لإسبانيا، تاركًا المجال لأشرف حكيمي للتسجيل، ودفع المغرب نحو دور الثمانية.

المصدر : رويترز

إعلان