حكم وحيد فقط اعتزل قبل 14 عاما.. لماذا لا نشاهد حكاما سودا في الدوري الإنجليزي الممتاز؟

يلاحظ أغلبية عشاق الدوري الإنجليزي (أشهر وأقوى الدوريات عبر العالم) غيابا كليا للحكام من ذوي البشرة السوداء في مبارياته وحضورا دائما للحكام البيض، وهذا الأمر جعل كثيرين يطرحون تساؤلات حول ما إذا كانت صفارة "البريميرليغ" تعاني من العنصرية، وجاءت صحيفة "ذا أثليتيك" (The Athletic) لتطرحه في تقرير لها.
ووفق التقرير، فإنه على طول تاريخ كرة القدم الإنجليزية لم ينجح سوى حكم أسود واحد في تسلق هرم النظام التحكيمي ليصل إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو يوريا ريني الذي أصبح في 23 أغسطس/آب 1997 أول حكم أسود لمباراة في الدوري الإنجليزي، واستمرت مسيرته لمدة 11 موسما حكّم خلالها في أكثر من 170 مباراة حتى مباراته الأخيرة في 11 مايو/أيار 2008، في حين ظلت مباراته هذه آخر مرة كان فيها رجل أسود هو المسؤول الأول في مباراة بالدوري الإنجليزي الممتاز، ومنذ ذلك الحين (14 عاما) لم يكن هناك أي حكم أسود في "البريميرليغ".
Uriah Rennie a été le premier arbitre noir de la #PremierLeague.
Il a commencé à arbitrer en Premier League en 1997 et a été responsable de 175 matchs au cours de sa carrière de 12 ans, durant laquelle il a distribué un total de 543 cartons jaunes et 40 cartons rouges. pic.twitter.com/loth2unfE0
— La_Treizième_légion_romaine (@LaTreizeine) February 7, 2022
غياب مثير للريبة
ونقل تقرير "ذا أثليتيك" تصريحا لهيكسون لوفينس -وهو حكم شبه محترف سابق- قال فيه إن بروز حكم أسود واحد فقط لا يعد أمرا جيدا في لعبة متنوعة كما هي الآن، فخلال موسم 21-22 لم يكن هناك حكام غير بيض في الدوري الإنجليزي الممتاز، ومن بين 200 حكم يديرون الدوريات السبعة الأولى في إنجلترا هناك 4 فقط من السود أو الآسيويين، وهم سام أليسون وجويل مانيكس وآجي أجيبولا وصني جيل.
وأقر لوفينس في المناسبة نفسها بأن الأنظمة التي كانت تطبق في الماضي عانت من مشكلات في تعيين حكام سود أو ينتمون إلى بعض المجتمعات المهمشة، بسبب نظام المراقبة والتقييم الذاتي الذي تحتاجه للترقي.
وقال "الحكام يخطئون دائما، إذ لا يمكنك فعل كل شيء بشكل صحيح، وعندما تكون حكما ذا بشرة سوداء سيبرز ذلك أكثر، وأعتقد أن هذا أضر بالعديد من الحكام شبه المحترفين الموهوبين الذين يحاولون تسلق هذا السلم".
ما معايير اختيار الحكام؟
يجيبنا عن هذا السؤال راسل هويت الذي يعمل في دوري لانكشاير وشيشاير لكرة القدم للهواة، ويجمع بين العديد من الأدوار في اتحاد مقاطعة شيشاير لكرة القدم، حيث يقول إن هناك 4 أو 5 حكام غير بيض في الدوريات التي يتولى مسؤوليتها (لا نساء بينهم)، ولديه وجهة نظر واضحة حول كيفية تعيين مسؤول المباراة المناسب.
وبخصوص معايير الاختيار، يقول هويت إنها "تعتمد على عدة ظروف، أولا: هل هذا الشخص قادر على التحرك فوق هذا المستوى؟ ثانيا: هل التقارير الواردة عن ذلك الشخص ذات طبيعة إيجابية؟ وإذا لم تكن كذلك فلماذا ليست ذات طبيعة إيجابية؟".
وأضاف هويت أنه على الرغم من كل ما يروج فإن عدد الحكام الذين يمارسون في المستويات الدنيا من ذوي البشرة السوداء والأصول الآسيوية يبقى قليلا مقارنة بعدد الحكام البيض، فقد أظهرت أرقام عن الموسم الماضي أنه من بين 24 ألفا و500 حكم نشط في إنجلترا يعرّف ألفان من هؤلاء الحكام أنفسهم على أنهم من أصول عرقية أو آسيوية، وأغلبهم يكونون بين مستوى الهواة وشبه المحترفين.
شهادة حكم من السود
بدوره، اعترف هيكسون لوفينس -الذي امتهن التحكيم وهو يبلغ من العمر 16 عاما وأمضى عدة سنوات في إدارة مباريات الدوري- بأنه منذ عام 2010 تمت فرملة تقدم الحكام من خلفيات الأقليات في الهرم، وهو شعور تتشاركه مجموعة دعم حكام الأعراق السوداء والآسيوية والمختلطة.
وأوضح لوفينس -الذي حكّم في الدرجة الرابعة لـ5 أعوام- أنه كانت لديه بعض الملاحظات التي شعر من خلالها أن مراقبي اتحاد كرة القدم لا يحكمون بشكل محدد على قدراته التحكيمية، بل كانوا يحكمون على أساس عدد من العوامل التي ربما لا يكون العرق أحدها بالضرورة.
وأورد أن المراقبين انتقدوا شكله وقصة شعره في أكثر من مناسبة، مما منحه الانطباع بأنه لن يفلح في بلوغ المراد، واختار في النهاية ترك المجال بعد 10 سنوات من العمل فيه.
وعلى الرغم من ابتعاده عن التحكيم فإن لوفينس لا يزال مراقبا للحكم، وقال "لحسن الحظ تغيرت الأنظمة للأفضل، ولدينا تدريب ضروري في حال تعرضنا للتحيز"، مضيفا "تم القضاء على الكثير من تلك المشكلات التي مررت بها من خلال النظام، ولم يكن الأمر ممتعا".
وضعيات متفاوتة
أصبح التحكيم وظيفة صعبة، ويعاني المجال من تفاوت الأجور، إلى جانب سوء المعاملة التي يعاني منها حكام المباراة في أعلى الهرم وأسفله.
وفي هذا السياق، يصف هويت مهنة التحكيم بأنها شيء قد يبدو ناكرا للجميل ولا تستحق كل هذا العناء، ولكنها مع ذلك هي مصدر دخل أولئك الذين يرتدون القمصان السوداء ويطلقون الصفارة.
من جهته، قال الحكم لوفينس لـ"ذا أثليتيك" إنه "لولا التحكيم لما كنت الشخص الذي أنا عليه اليوم، أنا واثق، لم يزعجني أي شيء أبدا، أنا مدين للتحكيم بكل شيء".
وعلى الرغم من تأكيده أنه لم يتعرض لمضايقات أو عنصرية صريحة بخصوص لون بشرته فإن لوفيس يتذكر واقعة حدثت له في عمر الـ17 وكان يدير مباراة لفريق الأطباء البيطريين حيث سمع عبارات مست مشاعره، لكنه يفضل عدم الدخول في تفاصيلها.