أنفقوا كل مدخراتهم.. "مجانين" الأرجنتين يقاومون الإفلاس وأزمة بلادهم الطاحنة لتحقيق حلم المونديال

FIFA World Cup Qatar 2022 - Fans in Souq Waqif
مشجعان أرجنتينيان في سوق واقف بالدوحة (رويترز)

خطفت الجماهير الأرجنتينية الأضواء منذ اليوم الأول ببطولة كأس العالم 2022 في قطر، سواء بحضورها القوي في البلاد أو في المدرجات، أو حتى من خلال الأجواء الرائعة التي تخلقها في كل الساحات والشوارع الرئيسية والأماكن السياحية في العاصمة الدوحة، وقد ازداد حضورها بشكل ملحوظ منذ وصول منتخبهم للمباراة النهائية.

ويواجه رفاق ليونيل ميسي، غدا الأحد، منتخب فرنسا في المشهد الختامي للمونديال على أرضية ملعب لوسيل، وحلمهم الأول هو رفع الكأس للمرة الثالثة في تاريخهم، وهي الكأس التي تعني الكثير بالنسبة لهم، خاصة أن من سيحملها لن يكون سوى الأسطورة ميسي.

ورغم المشاكل الاقتصادية التي تمر بها البلاد، فإنها لم تمنع الآلاف من تكبد عناء السفر وتكاليفه وتحمل قطع آلاف الكيلومترات من أقصى القارة الأميركية الجنوبية إلى شبه الجزيرة العربية من أجل تقديم الدعم للمنتخب، في حين اضطر العديد منهم إلى بيع أغلى ممتلكاتهم في سبيل ذلك.

في سوق واقف، أو في مشيرب، أو في كورنيش الدوحة أو في مختلف الساحات والأماكن السياحية، لن تجد لونًا طاغيًا إلا "الألبيسيلستي" أو الأبيض والأزرق السماوي اللذين يميزان القميص الرسمي والعلم الأرجنتينيين، ولا يشغل بالهم وأنفسهم الآن سوى أمر واحد: حمل أغلى كأس في العالم للمرة الأولى منذ 36 عاما.

ولا يستطيع الأرجنتينيون الانتظار حتى يوم المباراة من أجل ترديد أغانيهم الشهيرة الداعمة للمنتخب الأرجنتيني، ومن أبرزها أغنية "الأولاد" (Muchachos)، وهي النشيد غير الرسمي لدعم منتخب الأرجنتين، بل يترنمون بها من الآن بينما يرقصون جماعة على إيقاعها.

"نفدت كل مدخراتي"

من جهتها، لفتت الشابة الأرجنتينية بيلين دودوي، ذات الـ24 ربيعا، الأنظار في سوق واقف، وهي ترتدي قميص الأرجنتين الأبيض والأزرق السماوي، وتجمع حولها العشرات من الأشخاص من الأرجنتينيين والسياح، بعد أن كتبت لافتة كبيرة تطلب فيها بأن تحصل على تذكرة لمشاهدة المباراة النهائية.

وقد حظيت دودوي فعلا بتعاطف بعض المارة الذين وضعوا بعض الفكة في قبعة فارغة وضعت على الأرض. وفي تصريح -أدلت به لوكالة أسوشيتد بريس- قالت دودوي إن "كل مدخراتها نفدت، وبالفعل لم يعد لديها المال الكافي لشراء تذكرة، وحدث هذا أيضا معها قبل مباراة نصف النهائي أمام كرواتيا".

وأضافت الشابة الأرجنتينية أنها لم تعد تدري كيف يمكن أن توفر إيجار شقتها لدى عودتها إلى الأرجنتين، ولكنها قالت "لا أحد يستطيع أن يأخذ ما عشت"، في إشارة إلى تجربة السفر لمتابعة منتخبها خلال مونديال قطر وما رافقه من مشاهد وأحداث.

"نحن مجانين"

في سوق واقف، يسرد الشاب الأرجنتيني كريستيان ماتشينيللي قصته "المجنونة" ورحلته إلى قطر من أجل دعم منتخب بلاده في المونديال.

إذ يؤكد ماتشينيللي أنه باع شاحنته هناك في الأرجنتين، من أجل توفير المال الكافي لهذه الرحلة وتشجيع ميسي ليحمل الكأس العالمية لبلاده، وتكرار ما قام به مارادونا في نسخة المكسيك عام 1986.

وقال "لقد بعت شاحنة تويوتا لهذا الغرض، هذا ما كنت أنفقه هنا حتى الآن، ولم يتبق لدي ما يكفي لشراء تذكرة النهائي، لا يوجد تفسير أو سبب، باستثناء أننا -نحن الأرجنتينيين- مجانين كرة قدم، وسنفعل أي شيء مجنون لدعم المنتخب".

الأوضاع الصعبة في البلاد

يقول أوزفالدو سانتاندير (57 عاما) "كنت في حالة حداد بعد الهزيمة أمام السعودية في المباراة الأولى، لقد ضحينا بالوظائف والدراسة والحياة، من أجل شغفنا، لقد كادوا أن يعيدونا إلى ديارنا، لكن الأمور انقلبت الآن، وصرنا على بُعد أيام فقط من لحظة ننتظرها جميعا".

الوصول للمباراة النهائية جلب الفرحة لسانتاندير ورفاقه، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة في بلاده بعد أن سجلت أعلى معدلات التضخم في العالم مع ارتفاع قياسي في معدلات الفقر.

من جانبها، تقول المشجعة الأرجنتينية فيفيانا رودريغيز "لقد بذلنا الكثير من الجهود لنكون هنا. الأرجنتين تمر بظروف صعبة جدا على المستويين السياسي والاقتصادي، فالأسعار هناك تضاعفت 10 مرات".

ومع اقتراب موعد المباراة النهائية، عبر كثير من الأرجنتينيين عن غضبهم من الارتفاع المهول لأسعار التذاكر في السوق السوداء، وطالبوا الفيفا بأسعار معقولة لحضور النهائي الحلم، فتقول إحدى المشجعات الأرجنتينيات "إنهم يطلبون ما يعادل شراء سيارة جديدة تماما مقابل تذكرة".

المصدر : أسوشيتد برس