أبرزها التتويج بأمم أفريقيا.. أحلام كبيرة للمغاربة بعد مشاركة "أسود الأطلس" التاريخية في المونديال

وضعت مشاركة المنتخب المغربي لكرة القدم التاريخية في نهائيات كأس العالم، حدًا لمسلسل الإخفاقات الكروية التي طبعت السنوات الأخيرة لأسود الأطلس، وازداد منسوب الثقة لدى المغاربة في أن يكون مونديال قطر آخر محطة مع مآسي المشاركات المخيّبة، أو حتى تلك التي دخلت ضمن خانة "المشرّفة"، آملين في أن يتم استثمار هذا الإنجاز، ويكون المنصة الحقيقة لأقوى انطلاقة في تاريخ الكرة المغربية.

وتعدّ بطولة كأس أمم أفريقيا القادمة -المزمع إقامتها في ساحل العاج في عام 2024- أول وأبرز رهان للجماهير المغربية الحالمة بأن تعانق أيادي نجوم منتخب المغرب كأس البطولة، للمرة الأولى منذ نسخة أديس أبابا عام 1976.

ولم يُخفِ مدرب منتخب المغرب وليد الركراكي تطلّعه لهذا التحدي، وأقرّ بأن سقف طموحات المغاربة أصبح عاليًا جدًا، ولن ترضى الآن سوى بالتتويج باللقب القارّي القادم، على الرغم من اعترافه بصعوبة المهمة في وجود منتخبات قوية متلهفة، على غرار: تونس ومصر والجزائر والسنغال –حاملة اللقب– ونيجيريا وغانا، بالإضافة إلى المستضيف ساحل العاج.

وكتب المنتخب الفرنسي -أمس الأربعاء- آخر سطر في قصة مغربية رائعة في مونديال قطر، بعد أن فاز على زملاء حكيم زياش 2-صفر، لكن أسود الأطلس دخلوا التاريخ من أوسع الأبواب بعد أن أصبحوا أول بلد عربي وأفريقي يبلغ المربع الذهبي لأغلى المنافسات الكروية.

إعلان

"الأسود" يستعيدون هيبتهم

يعتقد اللاعب الدولي المغربي السابق الحسين أوشلا أن "مستقبل المنتخب سيكون واعدًا جدًا بعد المونديال؛ لأننا حصلنا على العنصر المهم داخل اللعبة، وهو الثقة من خلال هذه المشاركة التاريخية والناجحة جدًا في المنافسة العالمية".

وفي حديث مع الجزيرة نت أكّد أن هذه المشاركة "منحتنا أمورًا عدة كنا نفتقدها، فالآن بات لمنتخب المغرب هيبة على المستوى الأفريقي، أقوى من أي وقت مضى".

وأضاف "ما يجب أن نفعله اليوم هو أن نفكر معًا ونشارك جميعنا في استثمار الإنجاز،  خاصة على مستوى كأس أمم أفريقيا القادمة، وهي الكأس الغالية التي لا نزال نحلم برفعها".

ويرى المتحدث أن "هذا الظهور المشرّف سيفتح لنا العديد من الأبواب التي من شأنها أن تجعلنا في مصافّ المنتخبات الأقوى عالميًا، كما أنها قد تمهّد الطريق لهذا الجيل؛ كي يكون حامل اللقب الأفريقي الثاني في تاريخ المغرب، بعد سنوات طويلة من الغياب عن التتويج القاري".

FIFA World Cup Qatar 2022 - Round of 16 - Morocco v Spain
فرحة المدرب وليد الركراكي مع النجم حكيم زياش (رويترز)

ما بعد مونديال قطر ليس كما قبله

من جانبه يرى الناقد الرياضي والإعلامي المغربي إبراهيم شخمان أن التلاحم والروح الوطنية والقتالية العالية التي أبان عنها نجوم المنتخب المغربي لم يسبق أن شاهدها الجمهور المغربي أبدًا، على الأقل في السنوات القليلة الماضية، وعدّها "واحدة من أهم مكتسبات هذه البطولة، وسر تحقيق هذا الإنجاز".

وأوضح شخمان -في حديث للجزيرة نت- أن "حتى حكيم زياش الذي لطالما اتُّهم بالتخاذل وعدم الالتزام من أجل المجموعة، أحرج الجميع وكذّب كل هذه الأقاويل، وكان هو المقاتل الأول على أرضية الملعب، سواء بمهام دفاعية أوهجومية، بالإضافة إلى أهدافه الحاسمة".

وأرجع الفضل في ذلك إلى الركراكي "الذي يعرف جيدًا عقلية اللاعب المحترف بحكم أنه كان هو -أيضًا- لاعبًا محترفًا- وإصرار الجميع على تدوين اسمه من ذهب في تاريخ منتخب بلاده".

إعلان

من جهته رفض الإعلامي المغربي يونس مسكين وصف الخروج المغربي من المونديال بـ"الهزيمة"؛ بل هو "انتصار كبير على الروح الانهزامية"، وفق تعبيره.

وكتب الإعلامي المغربي -عبر حسابه على فيسبوك قائلًا- "لم نُهزم لأن المعركة لم تكن ضد الآخرين، لم تكن ضد فرنسا -(التي سرقت منا التأهل كما هي عادتها في اللصوصية)- ولا ضد كرواتيا ولا بلجيكا ولا إسبانيا ولا البرتغال ولا حتى كندا، معركتنا كانت داخلية، ضد أنفسنا، ضد روحنا الانهزامية، ضد عدم تقديرنا لذواتنا كأفراد ولذاتنا الجماعية، ضد انكسارنا وتفككنا وضياعنا الداخلي".

وأضاف "لقد انتصرنا لأننا حلمنا، لأننا وثقنا في أنفسنا، لأننا تركنا خيباتنا وأعطابنا واختلالاتنا، وحتى خلافاتنا حتى ونحن نرى سفراء الانتهازية والاستغلال في محيط منتخبنا، تركنا كل ذلك وزحفنا جماعيًا لانتزاع ما آمنا أننا أهل له ونستحقه".

وأردف "من لم يشعر بما حصل للإنسان المغربي خلال العشرية الأخيرة من عملية التفاف كبرى جمعت ما هو دولي بما هو إقليمي بما هو داخلي محلي، لتهشيم شخصيته وكسر طموحه، وجعله يندم على أحلام مشروعة خرج لتحقيقها ذات يوم، لن يفهم ولن يلمس ولن يتذوق طعم الانتصار الذي تحقق".

FIFA World Cup Qatar 2022 - Semi Final - France v Morocco
جانب من الجماهير المغربية التي تابعت مباراة المغرب وفرنسا (رويترز)

كيف سيكون شكل "الأسود" بعد المونديال؟

هذا هو السؤال الذي يتبادر على ذهن العديد من عشاق "أسود الأطلس"، خاصة وأن هذه المنافسة كشفت عن وجود مجموعة من المراكز في الفريق تحتاج إلى دعم، وتجلّى ذلك بشكل واضح في مباراة فرنسا الأخيرة.

وبهذا الخصوص يعتقد المدرب المغربي الحسين أوشلا أن "وليد الركراكي سيحافظ بنسبة 90% على التشكيلة التي خاض بها المونديال؛ لأن هذه البطولة مكّنته من الاطلاع بشكل جيد على نقاط قوة وضعف المنتخب، ومعرفة العناصر التي لم تكن في المستوى".

إعلان

غير أن أوشلا يؤكّد أن "العديد من المراكز يجب أن نبحث لها عن تعزيزات، نتحدث على الخصوص عن مركز الدفاع؛ لأنه لا بد الآن من البحث عن لاعب قادر على تعويض العميد رومان سايس، الذي بدأ يدق باب الاعتزال".

وأضاف "أعتقد أننا في حاجة لمدافع محوري يتميز بالسرعة والقوة ويلعب في المستوى العالي، حتى يملأ الفراغ الذي من الممكن أن يحدثه رحيل سايس".

وتابع "الأمر نفسه بالنسبة لمركز الهجوم، نحن لا نزال في حاجة إلى مهاجم صريح ورأس حربة قادر على تحويل نصف فرصة إلى هدف، وينافس النصيري على هذا المركز".

إلى جانب ذلك أشار اللاعب السابق لفريق الجيش الملكي، إلى وجود مشكلة كبيرة لدى المنتخب؛ تتمثّل في الظهير الأيسر "حيث يجب أن نملأ هذا الفراغ، ولا يمكن أن نلعب بنصير المزراوي تارة وأشرف حكيمي تارة أخرى، رغم أنه ليس مركزهما الأصلي، أنا أظن أن دخول يحيى عطية الله أعطى مؤشرات إيجابية، ويجب أن نراهن عليه هو أيضًا وأن نمنحه الثقة الكافية".

متوسطا ميدان منتخب المغرب سفيان بوفال وعز الدين أوناحي (الفرنسية)

من أجل استثمار الإنجاز

الرحلة المونديالية المغربية لم تنته بعد، و"الأسود" لا يزالون يطمحون في الحصول على المركز الثالث والميدالية البرونزية، ليكونوا أول من يتقلّدها في القارة والمنطقة العربية، عندما ينازلون منتخب كرواتيا في مباراة الترتيب، لكن ذهن المغاربة بدأ يتوجّه -منذ الآن- إلى كأس أفريقيا القادمة، ما دامت المعنويات مرتفعة للغاية.

فالرهان الأول والأكبر بعد تجربة قطر الجميلة هو "الفوز بكأس أفريقيا، ولا بد الآن من تقوية هذا الفريق وبث مزيد من الثقة فيه، وتحفيزه أكثر على التتويج باللقب القاري الذي لطالما انتظرناه منذ سنة 1976؛ لأن طموحات المغاربة أصبحت كبيرة جدًا بعد المستوى الذي ظهر به منتخبهم في قطر، وأعتقد أن عدم تتويج الأسود بلقب النسخة المقبلة سيكون أمرًا محبطًا للمغاربة"، حسب الحسين أوشلا.

إعلان

ومن أجل استثمار هذا الإنجاز، يعتقد أوشلا أنه "يجب أولًا الاستمرار على النهج والخطى ذاتها التي أخذناها منذ سنوات، وبالطبع العمل المنجز على مستوى البنى التحتية الرياضية، والتي أصبحت من الأفضل على المستوى القاري والعربي، ثم الاستمرار في العمل المسجل على مستوى مدارس التكوين، سواء تلك التي تستهدف المدربين أو حتى اللاعبين، والتي من شأنها ملء الفراغ، وتكوين كوادر على مستويات عالية".

وأشار أوشلا إلى رغبته الكبيرة في أن يواصل المغرب العمل على تحديث الملاعب "حتى تصبح لدينا ملاعب تضاهي ما شاهدناه في قطر، التي  نجحت نجاحًا باهرًا في تنظيم كأس العالم؛ لأن هناك يقينًا الآن على أنه سيأتي يوم وسيكون فيه المغرب منظّمًا لهذه الكأس في المستقبل القريب".

المصدر : الجزيرة

إعلان