اعتمد على أصحاب الخبرة واستلهم أسلوب سيميوني.. كيف شكّل الركراكي منتخبا لا يقهر؟

نجح مدرب المغرب وليد الركراكي في قيادة منتخب بلاده لبلوغ دور نصف النهائي لكأس العالم 2022 في قطر، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخ كرة القدم العربية والأفريقية على حد سواء.

وعلى الرغم من قصر المدة التي تولّى فيها الركراكي تدريب "أسود الأطلس"، فإنه صنع منتخبًا صلبًا يصعب هزيمته، وهو ما تأكّد في مونديال قطر 2022.

وتسلّم الركراكي تدريب منتخب المغرب في 31 أغسطس/آب الماضي، أي قبل شهرين ونصف الشهر تقريبًا من انطلاق كأس العالم، خلفًا للبوسني وحيد حاليلوزيتش، الذي شهدت فترته الكثير من الخلافات والفوضى، على الرغم من نجاحه في إيصال المغاربة إلى نهائيات كأس العالم 2022.

لا خسارة مع الركراكي

ومنذ توليه تدريب المغرب، قاد الركراكي "أسود الأطلس" في 8 مباريات، 3 منها ودّيّة والبقية في كأس العالم، حقّق فيها 5 انتصارات و3 تعادلات.

وفاز المغرب على تشيلي 2-صفر وعلى جورجيا 3-صفر، وتعادل سلبيًا مع باراغواي، في مباريات ودّيّة قبل انطلاق كأس العالم.

وفي المونديال القطري، تعادل منتخب المغرب مع كرواتيا سلبيًا، ثم فاز على بلجيكا 2-صفر، وعلى كندا 2-1، في دور المجموعات، ثم تجاوز إسبانيا في ثمن النهائي بركلات الترجيح بعد التعادل بدون أهداف، ثم فاز على البرتغال في دور الثمانية بهدف وحيد.

وخلال هذه المباريات سجّل منتخب المغرب 13 هدفًا، واهتزّت شباكه مرة وحيدة، واللافت أنها جاءت بالنيران الصديقة، عن طريق المدافع نايف أكرد في المباراة ضد كندا.

وسلّطت صحيفة "ماركا" (MARCA) الإسبانية الضوء على عمل الركراكي، وأشارت في تقرير لها إلى أن حارس مرمى المغرب ياسين بونو كان القائد في كتيبة المدرب الوطني، وأساس الصلابة الدفاعية، التي أخرجت بلجيكا وإسبانيا والبرتغال من كأس العالم.

وأبرزت الصحيفة تصريحات الركراكي، التي قال فيها "وصولنا لهذه المرحلة ليس معجزة؛ بل نتيجة عمل شاق، بعد إسبانيا نجحنا في الفوز على فريق رائع آخر مثل البرتغال، لقد قدّمنا كل شيء".

وأضاف "هذه المجموعة لديها روح عظيمة، لقد لعبوا تحت تأثير الإرهاق، وقبل المباراة أخبرت "الأولاد" أنه يتعيّن علينا كتابة التاريخ لأفريقيا".

هجوم وصبر ثم ضرب

وتقول "ماركا" عن لاعبي المغرب "إنهم يهاجمون بلا هوادة، ويصبرون ويصمدون حتى يوجّهوا الضربة القاضية، إنهم لا يُهزمون".

وتابعت "منذ أن تولّى الركراكي تدريب المغرب، نسي اللاعبون كيفية إخراج الكرة من شباكهم، لقد لعبوا ثماني مباريات واستقبلوا هدفًا كان بالنيران الصديقة.. نايف أكرد كان الوحيد الذي هزم بونو في عصر الركراكي".

وبالعودة إلى أول أيام الركراكي، فقد قرّر الاعتماد على لاعبين من أصحاب التجربة، والذين سبق لهم اللعب بكأس العالم في روسيا؛ مثل: رومان سايس وحكيم زياش وأشرف حكيمي، فضلًا عن آخرين لعبوا مباريات كثيرة على غرار سفيان أمرابط وعز الدين أوناحي.

وفي خط الهجوم، بقي مدرب الوداد السابق وفيًا لمهاجم إشبيلية يوسف النصيري، على الرغم من استدعاء عبد الرزاق حمد الله.

وتشير "ماركا" إلى أسلوب الركراكي الذي يعتمد على التنظيم الدفاعي وإغلاق المنطقة المحكم، يقابله سرعة في الانتقال من الدفاع إلى الهجوم، مع استغلال سرعة وقوة المهاجم بالضغط على حامل الكرة، وهو أسلوب مدرب أتلتيكو مدريد نفسه الأرجنتيني دييغو سيميوني.

خبير في الكرة المغربية

ونجح اللاعبون في تطبيق فلسفة المدرب بطريقة مبهرة، وهو الأمر الذي برز في تصريحات الحارس الثاني لمنتخب المغرب منير المحمدي. وقال المحمدي "الركراكي يعرف كرة القدم المغربية جيدًا، وقد غيّر الأمور على المستوى التكتيكي، لقد تكيّف معنا بشكل جيد في وقت قصير، وأراد منا أن نلعب بشكل منظّم، وأن نعرف متى نضغط وأن نتعامل جيدًا مع المنافس".

وتابع "في الهجوم هو يقدّم لنا العديد من الخيارات والتنوع لتحقيق أقصى استفادة من كل لاعب منا".

ولم يُخفِ الركراكي سعادته بالعمل الذي يشرف عليه حاليًا، وحالة الانسجام الكبيرة بينه وبين اللاعبين، فصرّح "نحن جيدون من الناحية التكتيكية، فلا نترك مساحات كما أن لدينا لاعبين يمكنهم صنع الفارق في أي مباراة".

وأعاد المستوى الرائع الذي يقدّمه منتخب المغرب في كأس العالم 2022، إلى الأذهان "معجزة" اليونان، الذي تُوّج منتخبها بكأس أوروبا "يورو 2004″، بالطريقة ذاتها، لكن الاختلاف الوحيد هو أن "أسود الأطلس" يميلون إلى الهجوم عندما تحين الفرصة.

ويواجه منتخب المغرب نظيره الفرنسي يوم الأربعاء المقبل في دور نصف النهائي لكأس العالم، وذلك على ملعب البيت عند الساعة 22:00 بتوقيت مكة المكرمة.

ويقول بونو عن هذه المباراة "يمكننا مواجهة أي فريق في العالم، وأن نصنع المعجزات"، بينما تؤكّد "ماركا" أن على نجوم فرنسا بذل جهود كبيرة لكسر صمود فريق الركراكي.