شكاوى في الفيفا ومشاكل بالدوري.. هل تؤثر الأوضاع المتوترة بمحيط نسور قرطاج على جاهزيتهم لمونديال قطر؟

نسور قرطاج يتطلعون للتأهل للمرة الأولى للدور الثاني في المونديال بعد 5 مشاركات سابقة لم يتجاوزوا فيها الدور الأول (رويترز)

تونس- عادت قضية العلاقة المتوترة بين وزارة الرياضة في تونس واتحاد كرة القدم لتلقي بظلالها على معسكر منتخب تونس، وذلك قبل أسبوعين على انطلاق مشاركة نسور قرطاج في نهائيات كأس العالم في قطر بين 20 نوفمبر/تشرين الثاني و18 ديسمبر/كانون الأول من العام الحالي.

وجاءت المذكرة التي أرسلها الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) للاتحاد التونسي الأسبوع الماضي، للمطالبة بتوضيحات بشأن "مؤشرات للتدخل الحكومي" في شؤون الكرة؛ لتزيد الأوضاع توترا بين اتحاد الكرة ووزارة الرياضة، وتفتح جبهة جديدة من الصراع بين الطرفين.

وتضمنت مذكرة الفيفا تهديدا صريحا للاتحاد التونسي بتجميد عضويته وإقصاء المنتخب من المونديال في حال ثبوت تدخل حكومي في إدارة شؤون الاتحاد؛ مما دفع الأخير إلى نفي التدخلات المزعومة من قبل السلطات في ردّه على مذكرة الفيفا لتفادي أية عقوبات غير متوقعة، لكن ذلك لم يضع حدا لحالة الاحتقان، وتصاعد الانتقادات من قبل المشجعين الذين نددوا بالأجواء المتوترة التي تسود محيط نسور قرطاج التي يعدّونها عائقا كبيرا أمام طموح المنتخب للخروج بنتيجة مشرفة من مشاركته السادسة في تاريخ المونديال والثانية على التوالي.

وتطمح جماهير كرة القدم في تونس إلى أن يظهر منتخب بلادهم بمستوى يعكس المكانة التي تحتلها الكرة التونسية قاريا وعربيا، حيث احتل منتخب نسور قرطاج المركز 30 في التصنيف الدولي للمنتخبات لشهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولكن يبدو أن "الضجيج" المسموع صداه بقوة في معسكر منتخب تونس، والسجال العنيف منذ أسابيع بين وزير الرياضة كمال دقيش ورئيس اتحاد الكرة وديع الجريء قد يقلصان -حسب الملاحظين- حظوظ النسور في مونديال الدوحة.

عراقيل وحرب تصريحات

وبدأت العلاقة المتوترة بين وزارة الرياضة -بوصفها السلطة المشرفة على الرياضة في البلاد- واتحاد كرة القدم تأخذ منحى تصاعديا منذ يونيو/حزيران الماضي، لتستمر بوتيرة متصاعدة حتى الآن؛ مما أصبح يشكل تهديدا جديا لجاهزية منتخب تونس قبل أيام من السفر إلى الدوحة، في وقت انقسمت فيه الآراء في الشارع الرياضي بين أطراف تتهم وزير الرياضة بتصفية حسابات شخصية مع رئيس اتحاد كرة القدم، وبين أطراف أخرى ترى أن اتحاد الكرة هو المسؤول الأول عن الوضع المتردي الذي تعيشه الكرة التونسية، وأبرز مظاهره تأجيل انطلاق الموسم الجديد من الدوري الممتاز وإلغاء عدد من المباريات من دون مبرر.

وحدد اتحاد الكرة في 30 سبتمبر/أيلول الماضي موعد انطلاق الدوري، إلا أنه اضطر لتأجيل ضربة البداية مع إلغاء عدد من المباريات حتى إشعار آخر بسبب قضية إدماج نادي هلال الشابة الذي نزل للدرجة الثانية الموسم الماضي، لكنه كسب قضيته ضد اتحاد الكرة في أروقة المحكمة الرياضية الدولية (تاس) التي أقرت عودته؛ مما أفرز حالة من اضطراب مواعيد المباريات وفرض على اتحاد الكرة إلغاء عدد منها وتأجيل أخرى.

ودخلت وزارة الرياضة دائرة الجدل الذي كان يحيط بالدوري في تلك الفترة، وقررت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلغاء انطلاقة الدوري بسبب "عدم توفر شروط السلم الاجتماعي في مباريات الدوري وانعدام العدالة الرياضية بين الأندية"، على حد قولها، لكن نشطاء بمواقع التواصل اتهموا وزير الرياضة كمال دقيش بتعطيل النشاط الرياضي والإضرار بمصلحة المنتخب من أجل تصفية حسابات شخصية مع مسؤولي اتحاد الكرة.

كمال دقيش: اتحاد الكرة مطالب بترسيخ العدالة بين الأندية (الجزيرة نت)

وفي مواجهة أسئلة وسائل الإعلام حول توتر الأوضاع داخل الكرة التونسية وانعكاساتها المحتملة على جاهزية نسور قرطاج في مونديال الدوحة، قال وزير الرياضة إن "الوزارة لا تتخذ قرارات بصفة اعتباطية، وهدفها ترسيخ مبدأ المساواة بين الجميع".

لكن الوضع ازداد احتقانا عندما نشرت وسائل إعلام مذكرة الفيفا قائلة إنها رسالة تهديد لاتحاد كرة القدم للمطالبة بتوضيحات حول تدخل حكومي مزعوم في إدارة شؤون الاتحاد؛ مما يشكل خرقا للقانون الأساسي للاتحاد الدولي الذي ينص على استقلالية الاتحادات الأعضاء فيه.

وبخصوص العقوبات المحتملة على منتخب كرة القدم بسبب ما يرجح أنه تدخل من الوزارة في شؤون الاتحاد والسعي إلى حله، قال دقيش "كل ما يتم ترويجه من أن المنتخب التونسي سيكون متضررا من هذا الوضع لا يعدو أن يكون فزاعة يستعملها البعض ممن يروق لهم خرق القوانين، نحن تحترم قرارات الأندية وهناك نصوص قانونية تسير كرة القدم لا بد أن تطبق، أما بخصوص المنتخب الوطني فنحن مستعدون لنوفر له كل آليات وظروف النجاح، لكن ترسيخ العدالة الرياضية أمر إيجابي وضروري".

وتابع "الوزارة تجري أعمال تفقد لحسابات كل الاتحادات الرياضية وليس فقط اتحاد كرة القدم، لا أحد فوق القانون، من يتهمنا ببث البلبلة في صفوف المنتخب واهم".

بدوره، كشف المدير الفني للمنتخبات بالاتحاد التونسي لكرة القدم الصغير زويتة عن أن "ما حصل من تأجيل عدد من المباريات في الدوري ستكون عواقبه وخيمة على المنتخب التونسي في طريق استعداده لخوض كأس العالم". مضيفا أن المنافسات الرسمية والمباريات هي الضامن الوحيد لجاهزية اللاعبين بدنيا وفنيا وذهنيا، حسب قوله.

الصغير زويتة: نخشى أن يمس اضطراب مواعيد الدوري جاهزية المنتخب الوطني (الجزيرة)

وأضاف زويتة -في تصريحات للجزيرة نت- "لا شيء يمكن أن يعوض المنافسات والمقابلات لضمان جاهزية لاعب كرة القدم فنيا، وبدنيا خاصة، وتأجيل بعض مباريات الدوري بقرار من وزارة الرياضة كان بمثابة السير في الطريق الخطأ، وانعكس سلبا على نتائج الأندية التونسية في المنافسات القارية. نحن نخشى أن يمس ذلك جاهزية المنتخب الوطني الأول وسائر منتخبات الشبان التي تخوض بدورها منافسات رسمية مهمة، ومثل هذه الأوضاع قد تتسبب في إصابات مفاجئة للاعبين في وقت يحتاج فيه المنتخب لكل لاعبيه قبل فترة قصيرة من السفر إلى الدوحة".

وتابع المدير الفني لاتحاد كرة القدم "مصلحة الكرة التونسية والمنتخب تقتضي توفير أفضل الظروف للجهاز الفني واللاعبين، والاتحاد يقوم بمجهودات كبيرة لضمان مشاركة ناجحة في كأس العالم، نحن نرى أن انطلاق الدوري الآن مؤشر إيجابي لضمان أوفر الحظوظ أمام نسور قرطاج للتألق في قطر 2022".

والجدير بالذكر أن انطلاقة الدوري التونسي -التي تأخرت أكثر من مرة عن موعدها الأول- شهدت اضطرابا في مواعيد أغلب المباريات واقتصرت على عدد محدود، إذ إن ناديي الأفريقي والصفاقسي لم يخوضا أية مباراة حتى الآن، في حين خاض كل من الترجي -حامل اللقب- ونجم المتلوي والملعب التونسي مباراة وحيدة.

وتخوض تونس مباريات الدور الأول من مونديال قطر ضمن المجموعة الرابعة، وتبدأ مشوارها المونديالي أمام الدانمارك في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، كما تواجه أستراليا في 26 من الشهر ذاته، وتختتم الدور الأول بمواجهة المنتخب الفرنسي -حامل اللقب- في 30 من الشهر نفسه.

منتخب تونس يستهل مبارياته في مونديال قطر بمواجهة نظيره الدانماركي (رويترز)

وخلال مشاركاتها الخمس السابقة في كأس العالم لم تنجح تونس في تخطي الدور الأول، رغم أنها كانت قاب قوسين أو أدني من بلوغ الدور الثاني في مشاركتها الأولى بدورة الأرجنتين عام 1978، عندما حققت آنذاك أول فوز لمنتخب عربي وأفريقي في تاريخ المونديال، وذلك على حساب المكسيك (3-1).

المصدر : الجزيرة