مشجعو إنجلترا في كأس العالم 2022.. رحلة بحث عن "عائدة إلى موطنها"

لافتات كأس العالم قطر 2022 في المواصلات العامة ببريطانيا (الجزيرة)

لندن- "إنها عائدة إلى موطنها.. إنها قادمة"، شعار ظلّ المشجّعون الإنجليز يردّدونه على امتداد ثلاثة عقود ويزيد، في كل مناسبة ومنافسة كروية، فهذه العبارة الشهيرة تضمّنتها أغنية "الأسود الثلاثة" (The Three Lions)، المؤلَّفة سنة 1996، تحوّلت إلى نشيد المنتخب الإنجليزي يردّدها المشجّعون، وخاصة جملتها الشهيرة "إنها عائدة إلى موطنها" (It’s coming home)كناية على كون إنجلترا هي موطن لعبة كرة القدم.

وبشغف كبير يتابع الإنجليز مباريات منتخب بلادهم، فهم من بين الجماهير الأكثر حضورًا في ملاعب كرة القدم، سواء في مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز، أو في البطولات العالمية التي يشارك فيها المنتخب.

ولم تفتّ الخيبات الكروية المتوالية من عضض المشجّعين البريطانيين، الذي لا يفوّتون فرصة دون ترك بصمتهم بحضور كثيف، وخلْق أجواء خاصة بهم، رغم ما يُحاط بهم من أوصاف بأنهم جماهير مثيرة للشغب في بعض المباريات، ودائمًا ما يكون حضورها موسومًا بالكثير من التحوّط الأمني.

ولا تكاد عينك تخطئ كيف تحضّر المقاهي للأعلام والإعلانات عن عرضها لمباريات كأس العالم في قطر، وخاصة مباريات المنتخب الإنجليزي.

إعلان

تفاؤل حذر

أمام القوس العملاق الذي يُزيّن ملعب ويمبلي الشهير في العاصمة لندن، التقت الجزيرة نت بعدد من الشباب الموجود في محيط هذا الملعب، الذي يعدّ درّة تاج الملاعب الإنجليزية، والذي يستضيف أهم مباريات المنتخب، وكان أهمها في السنوات الأخيرة نهائي كأس أمم أوروبا سنة 2020، والذي خسرته إنجلترا أمام إيطاليا بضربات الترجيح.

تحدّثت الجزيرة نت مع جيمس -وهو شاب في عقده الثاني- الذي كان له رأي متشائم، فسّره بشخصية مدرب المنتخب غاريث ساوثغيت، وقال "أعتقد أننا سنعاني في كأس العالم بسبب المدرب، فهو ليس الرجل المناسب لقيادة المنتخب، خاصة في البطولات الكبرى، إضافة إلى أننا نعاني من الإصابات للاعبين مهمين، وكانوا سيشكّلون إضافة قوية لنا".

وبخلاف تشاؤم جيمس فإن أحمد عبّر عن تفاؤله، فهو من سكان منطقة ويمبلي، كان يلتقط صورة أمام صورة تاريخية لمنتخب إنجلترا -الذي فاز بكأس العالم سنة 1966- وقال "صحيح أننا خلال المباريات الخمس الأخيرة لم نكن في المستوى المعهود الذي لعبنا به خلال السنوات الأربع الماضية، لكن أعتقد أنه عندما يحين وقت الجِد وتنطلق البطولة في قطر، فإنهم سيقدّمون الأفضل".

وفسّر أحمد تفاؤله -أيضًا- بالأجواء في قطر، "فقطر في الشتاء تكون دافئة وجميلة، وستعطي لاعبينا حماسًا وراحة أكبر للعب بالشكل المطلوب".

ويظهر أن طموح المشجّعين الإنجليز هو أن يصل منتخب بلادهم للدور النصف النهائي على أبعد تقدير، وهو ما أكّده هاري في حديثه مع الجزيرة نت، "أعتقد أننا سنصل إلى ربع النهائي أو مربع الكبار، لكن أن نفوز بالبطولة فهذا أمر في غاية الصعوبة، خاصة في وجود منتخبات قوية، والأمر يعتمد -أيضًا- على اللاعبين، فإذا قدّموا الأداء نفسه الذي قدّموه في كأس أمم أوروبا؛ فلدينا فرص جيدة للوصول لأدوار متقدّمة في البطولة".

إعلان

إيقاف الخيبات

عاش منتخب إنجلترا الكثير من الخيبات، التي حوّلت عبارة "إنها عائدة إلى موطنها"، إلى مادة للسخرية والتندّر أحيانًا، ففي كل مرة يكون المنتخب الإنجليزي قريبًا من الظفر ببطولة مهمة، إلا ويتم إقصاؤه بطريقة دراماتيكية.

ولعل كل إنجليزي يردّد عبارة "يد الله"، التي تدل على الهدف الذي سجّله أسطورة كرة القدم دييغو مارادونا ضد المنتخب الإنجليزي سنة 1986 في ربع نهائي كأس العالم بيده، ومنذ تلك اللحظة ظلّت هذه العبارة راسخة في أذهان البريطانيين، للتعبير عن الخيبات الرياضية، بل انتقلت للتداول في العناوين الصحفية للتّعبير عن وضع سياسي غريب، أو فيه إحباط، أو غير مفهوم.

وكانت بطولة أمم أوروبا 2020 -والتي استضافت العاصمة لندن مباراتها النهائية- من أكثر اللحظات إحباطًا للجماهير الإنجليزية، فبعد أن ظلّت هذه الجماهير تمنّي النفس بأن هذه البطولة ستكون من نصيبها -خاصة وأن المباراة النهائية كانت في ملعب ويمبلي- غير أنها ذهبت للمنتخب الإيطالي.

وتتسبّب الحماسة الزائدة للجماهير الإنجليزية في وضعهم دائمًا موضع اتّهام بأنهم مثيرون للشغب، خاصة مع وضع الأمر في خلفيته التاريخية؛ فإنجلترا هي بلاد حركة (الهوليغانز) العنيفة، والتي وإن اختفت تقريبا من الملاعب، فإن الحديث يعود حولها مع كل أحداث شغب تشهدها أي مباراة للمنتخب الإنجليزي.

ومن المتوقّع أن تشهد مباريات المنتخب الإنجليزي متابعة كبيرة في صفوف الجماهير الإنجليزية، بالنظر لتوافق أوقاتها مع أوقات خروج الجميع من العمل، وسيردّد الجميع شعار "إنها عائدة إلى موطنها"، رغم أن الخطاب الإعلامي -وحتى الشعبي- لا يرفع سقف الحلم بالظفر بكأس العالم، بسبب ما يقول البريطانيون إنه سوء حظ يلازم منتخب بلادهم، الذي يعدّ صاحب أعلى قيمة سوقية بين المنتخبات المشاركة في كأس العالم؛ حيث تبلغ قيمة لاعبيه 1.29 مليار يورو.

إعلان
المصدر : الجزيرة

إعلان