سانشيز والكرة القطرية.. قصة نجاح من أسباير إلى كأس العالم 2022

سانشيز سطر تاريخا للكرة القطرية ووضعها على قمة الكرة الآسيوية (وسائل التواصل)
سانشيز سطّر تاريخا للكرة القطرية ووضعها على قمة الكرة الآسيوية (مواقع التواصل)

في عالم كرة القدم لا يقل دور المدرب عن اللاعب، بل ربما يكون الأكثر أهمية وحجر الأساس في النجاحات، وهو ما حققه الإسباني فيليكس سانشيز مع كرة القدم القطرية بعدما سطّر تاريخا جديدا لها، ووضعها على قمة القارة الآسيوية.

سانشيز الذي لم يكن يعرفه الكثيرون قبل التدريب في قطر، ظهرت بصماته سريعا مع المنتخبات القطرية، وكان له دور كبير في تطوير الكرة القطرية، حيث انتهج أسلوبا يعتمد على الانضباط التكتيكي والاحتفاظ بالكرة والهجوم المرتد.

لم تبدأ مسيرة سانشيز (47 عاما) في قطر كمدرب، فبعدما قضى 10 سنوات في أكاديمية "لا ماسيا" التابعة لنادي برشلونة الإسباني، انضم عام 2006 إلى أكاديمية أسباير للعمل على تطوير "مشروع الأحلام" لكرة القدم في قطر.

خلال عمله في أسباير، تمكن سانشيز بخبرته من المساهمة في إرساء نظام عمل وقواعد منهجية للتنقيب عن أبرز المواهب، معتمدا على حنكته وقدرته في التنبؤ بمستقبل أي لاعب شاب، ومستفديا من خبرته في أكاديمية نادي برشلونة الشهيرة التي تخرج منها العديد من اللاعبين المميزين.

الانضباط والارادة والروح القتالية والطاعة للمدرب هي العناصر التي أدت لنجاح سانشيز (الجزيرة)
الانضباط والإرادة والروح القتالية هي العناصر التي أدت لنجاح سانشيز (الجزيرة)

وجود سانشيز في أسباير واستفادته من الخيارات الضخمة التي توفرها في اكتشاف المواهب، سهّل من مهمته عندما تولى عام 2013 مسؤولية تدريب منتخب تحت 19 عاما، فبعد عمل دام 7 سنوات في أسباير، تمكن المدرب الإسباني من انتقاء مجموعة مميزة من خريجي الأكاديمية، وشكل فريقا قائما على الثقة بالنفس والحب الشديد والاحترام المتبادل بين لاعبيه.

تجربة سانشيز التدريبية مع الكرة القطرية جنت ثمارها سريعا، فبعد عام من توليه مسؤولية منتخب الشباب، تمكن من حصد لقبه الأول في بطولة آسيا للشباب عام 2014.

ومع الجيل نفسه، تدرج المدرب الإسباني في تولي مسؤولية منتخبات الفئات السنية سواء تحت 20 عاما أو 23 عاما، حتى تم اختياره لتولي المنتخب الأول خلفا للأوروغواياني خورخي فوساتي، ليبدأ بعدها مرحلة مهمة في مسيرته قائمة على إظهار كفاءاته الشخصية وخططه التدريبية المعتمدة على الانضباط التكتيكي.

سانشيز نجح في رفع معنويات لاعبي وزيادة ثقتهم بأنفسهم (الجزيرة)
سانشيز نجح في رفع معنويات لاعبيه وزيادة ثقتهم بأنفسهم (الجزيرة)

لقب آسيا

واصل سانشيز جني ثمار جهوده في أسباير، حيث استكمل مشواره في المنتخب الأول مع الجيل نفسه، الذي ساهم في انتقائه واكتشافه، ومن ثم تربى على يديه لعدة سنوات، طوّر خلالها قدراتهم الفنية وأكسبهم خبرات احترافية.

كان سانشيز صبورا ولم يتعجل تحقيق النتائج، فبعد توليه المسؤولية في 2017، واجه بداية صعبة إذ ودع المنتخب دور المجموعات في بطولة الخليج الـ23 بالكويت، كما أن الاستعدادات للبطولة الآسيوية لم تكن مشجعة، فتلقت قطر الخسارة أمام أوزبكستان (2-صفر) ثم أمام الجزائر وإيران.

لكن الفلسفة الإسبانية بدأت تترسخ في أذهان اللاعبين تدريجيا، إذ فرض سانشيز الانضباط والتنظيم داخل صفوف المنتخب، فحقق 6 انتصارات متتالية في البطولة الآسيوية، وهز شباك المنافسين بـ16 هدفا، وبقيت شباكه نظيفة وهو يتخطى أبطالا سابقين مثل السعودية والعراق، ومن ثم الوصول إلى المباراة النهائية والفوز على اليابان 3-1.

كانت موضوعية سانشيز عاملا مهما في حصد اللقب الآسيوي، وكأنه كان يكتفي بإنجاز كل مباراة، ويترك مصير المباراة التالية لما يتحقق على أرض الملعب، ورفعت خطته معنويات اللاعبين وزادت ثقتهم بأنفسهم، فلعبوا بأعصاب هادئة وتميزوا بدقة فائقة في التمرير والتمركز، ونادرا ما منحوا الكرة إلى الخصم عن طريق الخطأ.

سانشيز نجح في فرض الانضباط والتنظيم داخل صفوف منتخب قطر (الجزيرة)
سانشيز نجح في فرض الانضباط والتنظيم داخل صفوف منتخب قطر (الجزيرة)

وركز المدرب الإسباني كثيرا على عدم ترك المنتخبات الأخرى تنفذ ما تريده في الملعب، ونجحت خطته تماما لأن اللاعبين التزموا بالتعليمات وفاجؤوا المنافسين من مباراة إلى أخرى مؤكدين أنهم يستحقون اللقب عن جدارة، ليكون نتاج ذلك تجديد عقد سانشيز مع قطر حتى مونديال 2022.

ونجاح منتخب قطر تحت قيادة سانشيز لم يكن وليد الصدفة، وإنما هو تتويج لمجهودات ومواقف تم التعامل معها على أفضل نحو، وقرارات مفصلية وخطة طويلة المدى نفذها المدرب الإسباني منذ أن كان في أسباير ليبني منتخبا قادرا على تمثيل قطر في كأس العالم 2022.

منزلة الأب

واعتبر علي سالم عفيفة نائب المدير العام لأكاديمية أسباير أن سر نجاح سانشيز مع الكرة القطرية هو وجوده في الأكاديمية لمدة 7 سنوات، حيث تدرج مع الجيل الحالي للمنتخب منذ أن كانوا صغارا في أسباير، وقادهم في منتخبات الفئات السنية، وحصد معهم بطولتي آسيا للشباب والرجال.

وقال عفيفة في تصريح للجزيرة نت إن سانشيز يرتبط بعلاقة مميزة مع الجيل الحالي للمنتخب، فهو في منزلة الأب لهم، حيث عمل معهم وهم صغار وكبروا معه، وتعلموا منه كيفية التعاون والعمل في منظومة واحدة.

عفيف ينوه بقدرة سانشيز على اختيار عناصر المنتخب والنجاح معهم (وسائل التواصل)
عفيفة ينوه بقدرة سانشيز على اختيار عناصر المنتخب (مواقع التواصل)

وأوضح أن سانشيز استغل المواهب التي وفرتها أسباير، وتمكن من توظيفها بصورة صحيحة، ليبني جيلا مميزا من اللاعبين، واستمر معهم لسنوات، وبات يعرف طريقة تفكيرهم وكيفية استغلال إمكانياتهم، ليحقق بهذه التوليفة النجاح، مستغلا توفير الاستقرار الذي كان عاملا مهما.

كان الانضباط وقوة الإرادة والروح القتالية والإخلاص والطاعة التامة للمدرب هي القيم والعناصر التي أدت لنجاح سانشيز في الكرة القطرية، وظهرت بصمته من خلال المجموعة المميزة من اللاعبين الذين ظهروا بشكل مقنع في إطار الأسلوب الذي رسمه لهذا الجيل في أسابير منذ أن كانوا صغارا، والذي يعتمد على القوة الدفاعية والانضباط والنظام والتحركات البسيطة بالإضافة للهجوم المنظم.

وأبدى نائب المدير العام لأكاديمية أسباير ثقته في مواصلة نجاح هذه التوليفة خلال مونديال قطر، إذ إنه يثق في قدرة المنتخب على الظهور بصورة جيدة وتقديم أفضل ما لديه.

وقاد سانشيز منتخب قطر للشباب في 10 مباريات، حقق خلالها 9 انتصارات وتعادلا، والمنتخب الأول في 83 مباراة حقق 43 فوزا و16 تعادلا و24 خسارة.

المصدر : الجزيرة