تاريخ المشاركات المصرية في كأس العالم

فرحة المصريين بالتأهل لمونديال 2018 انتهت بـ3 هزائم قاسية (رويترز)

"عدالة السماء نزلت على ملعب باليرمو"، بحماس منقطع النظير ظل المعلق الرياضي الراحل محمود بكر يردد هذه العبارة بعد احتساب ركلة جزاء لصالح المنتخب المصري أمام نظيره الهولندي في نهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 1990 مكنته من إحراز هدف التعادل.

يتذكر المصريون جيدا هذه الأمسية الكروية الرائعة التي جرت يوم الثلاثاء 12 يونيو/حزيران 1990، واستطاع فيها فريقهم أن يكون ندا لبطل أوروبا في ذلك الوقت، لتنتهي المباراة بتعادل رآه البعض ظالما للمصريين بعد أداء مميز وفرص ضائعة.

لم تكن مباراة مصر وهولندا الأولى للمنتخب المصري في بطولات كأس العالم، فقد سبقتها مشاركة وحيدة عام 1934، ولكنها كانت الأولى التي يشاهدها ملايين المصريين عبر شاشات التلفزيون، لذا فقد حظيت بحضور أكبر في ذاكرة عشاق الساحرة المستديرة، ويعتبرها المصريون مباراتهم الأبرز والأفضل من بين 7 مباريات خاضها المنتخب المصري في نهائيات كأس العالم في مشاركاته الثلاث.

وإذا كان المنتخب المصري سيغيب عن مونديال قطر 2022 بعد أن فشل في التأهل وسقط في الأمتار الأخيرة أمام السنغال فإن مشاركاته السابقة في كأس العالم ما زالت حاضرة في أذهان جمهوره ومحبيه.

المنتخب المصري المشارك في مونديال إيطاليا 1934 كأول منتخب عربي وأفريقي يشارك في البطولة (مواقع التواصل)

الطريق إلى المونديال

جاء الظهور الأول لمصر في كأس العالم مبكرا، وتحديدا في النسخة الثانية التي أقيمت عام 1934 في إيطاليا، ليكون أول منتخب عربي وأفريقي يتأهل للمشاركة في البطولة الأبرز في كرة القدم.

تغلب المنتخب المصري في التصفيات المؤهلة للبطولة على منتخب فلسطين بنتيجة قاسية، حيث انتهت مباراة الذهاب بالقاهرة في 16 مارس/آذار 1934 بنتيجة 7-1، وكرر الفوز في مباراة الإياب في فلسطين يوم 4 أبريل/نيسان 1934 بنتيجة 4-1.

سافر المنتخب المصري إلى إيطاليا في رحلة بحرية استغرقت 4 أيام على متن الباخرة "حلوان"، وفور وصوله بدأ استعداداته لمواجهة نظيره المجري في لقاء تحدد له يوم 27 مايو/أيار 1934 في ملعب جيورجي أسكاريلي بمدينة نابولي.

نزل المنتخب المصري ملعب المباراة آملا في تكرار فوزه الكبير على نظيره المجري قبل 10 سنوات في أولمبياد باريس بـ3 أهداف نظيفة.

لكن التاريخ أبى أن يكرر نفسه، ولم تمض سوى 11 دقيقة حتى أحرز بال تيليكي الهدف الأول للمجر، وفي الدقيقة الـ31 ضاعف جيزا تولدي النتيجة بهدف ثان.

لم يستسلم المصريون، وتمكن اللاعب عبد الرحمن فوزي من إحراز هدفين متتالين في الدقيقتين الـ35 والـ39، ليعود المنتخب المصري من جديد وتنتعش آماله في المباراة، لينتهي الشوط الأول بالتعادل 2-2.

في الشوط الثاني سعى المنتخب المصري إلى تحقيق الفوز، ونجح مختار التتش في إحراز هدف ثالث للمنتخب المصري، لكن الحكم رفض احتسابه بدعوى تسلل الجناح الأيمن لمنتخب مصر محمد لطيف رغم عدم تدخله في اللقطة.

لم يضيع المنتخب المجري الفرصة، وسرعان ما أحرز لاعبه جينو فينتشي الهدف الثالث في الدقيقة الـ53، قبل أن يعزز المجريون تقدمهم بهدف رابع أحرزه تولدي، لتنتهي المباراة بهزيمة المنتخب المصري وتوديعه البطولة التي أجريت بنظام إقصاء الفريق المهزوم.

ظلم تحكيمي

يعتبر حارس منتخب مصر في مونديال 1934 مصطفى كامل منصور أن نتيجة المباراة كانت غير عادلة، متهما حكم المباراة الإيطالي بظلم الفريق المصري بعدم احتساب هدف صحيح، وفي المقابل احتساب هدف للمنتخب المجري رغم وجود مخالفة واضحة.

وأوضح منصور في لقاء تلفزيوني قبل وفاته عام 2002 أن لاعب المنتخب المجري جيزا تولدي تدخل معه بعنف رغم إمساكه بالكرة، إذ قام بركله في صدره ولكمه في أنفه متسببا في كسره، محرزا الهدف الرابع الذي احتسبه الحكم متجاهلا التدخل العنيف.

مجموعة الموت

انتظر المصريون أكثر من 5 عقود حتى تمكنوا من رؤية منتخبهم يلعب مجددا في نهائيات كأس العالم عام 1990 في إيطاليا نفسها التي شهدت المشاركة الأولى لمنتخب الفراعنة.

أوقعت القرعة منتخب مصر مع 3 منتخبات أوروبية قوية، على رأسها منتخب هولندا بطل أوروبا عام 1988، ومنتخبا أيرلندا وإنجلترا.

دخلت مصر المباراة الأولى أمام هولندا، والتي يقودها ثلاثي الهجوم المرعب رود خوليت وفان باستن وفرانك ريكارد، وسط توقعات متفاوتة، فبينما رأى بعض المتفائلين أن مصر بإمكانها الصمود أمام الطواحين الهولندية توقع كثير من الخبراء أن تواجه مصر هزيمة كبيرة أمام بطل أوروبا.

لكن كتيبة الفراعنة كانت على موعد مع التألق، وتمكن نجوم المنتخب المصري من مجاراة أبطال أوروبا، وأضاع أحمد الكأس وجمال عبد الحميد وحسام حسن العديد من فرص التسجيل، فيما كان الدفاع المصري صامدا أمام الهجمات الهولندية حتى الدقيقة الـ58 حين تمكن اللاعب ويم كيفت من إحراز الهدف الأول لهولندا.

لم يستسلم المصريون، وقبل نهاية المباراة بـ10 دقائق تلقى حسام حسن تمريرة طولية في عمق الدفاع الهولندي، وانطلق بالكرة إلى داخل منطقة الجزاء، ليقوم أحد مدافعي هولندا بجذبه ليسقط أرضا، ويحتسب الحكم ركلة جزاء لصالح المنتخب المصري.

استعد مجدي عبد الغني لتسديد ركلة الجزاء، ووقف في مواجهة الحارس الهولندي هانز فان بروكلين، واحتبست أنفاس المصريين وعيونهم معلقة بأقدام عبد الغني الذي سدد كرة أرضية زاحفة بقوة لتسكن شباك المنتخب الهولندي وتجتاح الفرحة العارمة الشارع المصري.

انتهت المباراة بالتعادل 1-1، وحصد المنتخب المصري إشادات واسعة، وتوقع الجميع أن يقدم الفراعنة مباراة أخرى رائعة أمام أيرلندا لكن ذلك لم يحدث.

فخ الدفاع

لجأ مدرب المنتخب المصري الراحل محمود الجوهري في مباراة أيرلندا إلى الدفاع المطلق، وبالغ مدافعو مصر في إعادة الكرة إلى حارس مرماهم أحمد شوبير، لتنتهي المباراة بالتعادل السلبي، وسط انتقادات لطريقة اللعب.

دخل الفريق المصري المباراة الثالثة أمام إنجلترا ولديه آمال كبيرة في تجاوز الدور الأول، لكن أبناء الجوهري خيبوا آمال مناصريهم بعد الهزيمة من إنجلترا بهدف وحيد، ليودع الفراعنة المونديال من الدور الأول.

العودة الأخيرة

وبعد مونديال إيطاليا غاب المنتخب المصري عن الظهور في المونديال لنحو 28 عاما حتى تمكن النجم المصري محمد صلاح من قيادة رفاقه للعودة إلى كأس العالم عام 2018 في روسيا.

وكالعادة جاء تأهل المنتخب المصري بشكل درامي في اللحظات الأخيرة بعد الفوز على منتخب الكونغو بركلة جزاء أحرزها محمد صلاح في الدقيقة الـ95 من المباراة التي انتهت بفوز الفراعنة 2-1، وأعلنت عودتهم مجددا للمونديال الذي أقيم في روسيا عام 2018.

في غياب نجمه الأول محمد صلاح للإصابة واجه المنتخب المصري في أولى مبارياته منتخب أوروغواي القوي الذي يقوده النجمان لويس سواريز وإدينسون كافاني.

استحضر المدرب الأرجنتيني لمنتخب مصر هيكتور كوبر طريقة المدرب الراحل محمود الجوهري الدفاعية، وتمكن من الصمود حتى الدقيقة الـ89 من عمر المباراة، قبل أن ينقض المدافع خوسيه ماريا خيمينيز على كرة عالية ويودعها المرمى المصري مسجلا هدفا قاتلا منح منتخب أوروغواي النقاط الثلاث.

ورغم الهزيمة فإن حارس مرمى المنتخب المصري محمد الشناوي فاز بجائزة أفضل لاعب في المباراة.

هزائم متتالية

حاول المنتخب المصري التعويض في مباراته الثانية أمام منتخب روسيا، وصمد طوال الشوط الأول، لكن أصحاب الأرض لم يمهلوا الفراعنة في الشوط الثاني وانقضوا عليهم بـ3 أهداف متتالية، ولم تفلح عودة صلاح للعب في إنقاذ الموقف، وتمكن فقط من إحراز هدف يتيم لتنتهي المباراة 3-1 لصالح روسيا.

أصبحت مصر أول فريق يودع البطولة رسميا بعد مباراة روسيا، وانتظرت الجماهير المصرية المباراة الأخيرة أمام المنتخب السعودي لعلها تشاهد الفوز الأول لفريقها في المونديال.

لكن صلاح ورفاقه خيبوا آمال جماهيرهم، وسقطوا في فخ الهزيمة الثالثة أمام الأخضر السعودي بنتيجة 1-2، وسجل صلاح هدفه الثاني ليعادل رقم عبد الرحمن فوزي وينتهي المشوار المصري في كأس العالم دون أي فوز.

المصدر : الجزيرة