النظرة المجتمعية والتهميش الإعلامي.. جلسة نقاشية بالدوحة ترصد العقبات التي تعترض الكرة النسائية

الدوحةـ عبّرت لاعبات محترفات وخبيرات في عالم كرة القدم النسائية عن أملهن في أن تتجاوز الفتيات والسيدات بمختلف مناطق العالم، الحواجز والقيود التي تقف حائلا أمام ممارستهن للرياضة بشكل عام، لا سيما لكرة القدم، وأكدن ضرورة تحلي النساء بالمثابرة والتحدي من أجل إثبات حقهن وجدارتهن بممارسة اللعبة الأكثر شعبية في العالم.
جاء ذلك في جلسة نقاشية بعنوان "النساء وكرة القدم" احتضنها "متحف قطر الأولمبي والرياضي 1 2 3″، وبتنظيم مشترك مع السفارة الألمانية في دولة قطر، ومعهد "غوته" لمنطقة الخليج، وشهد مشاركة قيادات كرة القدم النسائية في المنطقة والعالم.
اقرأ أيضا
list of 4 items"كيف يمكن أن يحدث هذا؟".. خطأ فادح وهدف ساذج في الدوري الأميركي للسيدات
وفاء الكتابة وخذلان الحب لدى نساء الريف والمدينة.. ديوان “على الأوستراكا أن تظلّ خضراء” للمصرية سمر لاشين
ميّز الكرة النسائية.. الفيفا يعلن جدول مباريات مسابقتي كرة القدم للرجال والسيدات في أولمبياد باريس
وخلال الجلسة استعرضت المشاركات العوائق والقيود التي لا تزال تعترض انتشار رياضة كرة القدم النسائية، والمتمثلة في النظرة المجتمعية والتهميش الإعلامي، والتأكيد على ضرورة التوعية الثقافية والإعلامية بأهمية الرياضة للنساء والفتيات وتقديم الدعم الحكومي لها بالإضافة إلى أهمية التسليط الإعلامي وإبراز الإنجازات النسائية على الصعيد المحلي والدولي من أجل المساهمة في نشر اللعبة بين مزيد من شرائح المجتمع.
وتقول المدربة السابقة لمنتخب قطر لكرة القدم للسيدات، والمدربة الحالية للمنتخب السعودي للسيدات الألمانية مونيكا شتاب إن دخول النساء والفتيات لعالم كرة القدم أمر جيد، فكرّة القدم ليست مجرد لعبة بل ثقافة نتعلم من خلالها الكثير من القيم وتمثل آلية لإحداث تغيرات إيجابية في المجتمع من خلال خلق روح التحدي والمنافسة بين الفرق والأندية.
وتوضح شتاب، في تصريح للجزيرة نت، أن أبرز التحديات التي واجهتها منذ وجودها في منطقة الخليج قبل نحو 10 سنوات هي إقناع الآباء وأولياء الأمور بالسماح للفتيات بممارسة كرة القدم وأنها ليست مقصورة على الذكور فقط، لافتة إلى أن الكثير من العائلات تظن أن ممارسة البنات للكرة سيحرمهن من الزواج وإنجاب أطفال.

تحفيز النساء
وأشارت شتاب إلى أن وسائل الإعلام والمؤسسات الثقافية مطالبة بالقيام بدور مهم في التوعية بالرياضة وأهمية تمتع جميع النساء بالحرية في ممارسة الرياضة واختيار اللعبة التي يختارونها سواء كانت كرة القدم أو غيرها من الألعاب، مشيرة إلى أن هذه التوعية من شأنها تحفيز النساء على حب واقتحام عالم الرياضة وفي نفس الوقت تقديم الدعم والتعزيز المجتمعي.
وعن تجاربها في إعداد الفرق النسائية في الخليج، تقول شتاب إنها عندما تولت تدريب المنتخب القطري للسيدات قامت بالعديد من الجولات على المدارس من أجل اختيار المواهب، مشيرة إلى أنه رغم عدم شيوع ممارسة الكرة النسائية في المجتمع القطري آنذاك إلا أنها وجدت إقبالا ملحوظا من النساء وأثبتن أنهن قادرات على التحدي وخوض المنافسات مثل الرجال.
وأوضحت الخبيرة الألمانية أن المنتخب القطري النسائي رغم تلقيه خسائر بنتائج كبيرة في بداية تأسيسه، إلا أنه استطاع مع الوقت تطوير أدائه وتحقيق نتائج جيدة بعد الاشتراك في العديد من المنافسات الإقليمية والقارية، مشيرة إلى أنها رغم علمها بأن الخسارة أمر سيئ وغير مقبول في الدول العربية إلا أنها استطاعت أن تزرع بين اللاعبات القطريات أن الخسارة هي الطريق الأفضل للتعلم وأنه يجب تقبل الخسارة بكل روح رياضية مثل الفرح بالفوز.
وتؤكد المدربة الحالية للمنتخب السعودي لكرة القدم للسيدات أن الخليج لديه فرق نسائية تتطور يوما بعد يوم، وفي هذا الصدد تشير إلى أن الكرة النسائية بدأت تنتشر بشكل كبير بين الفتيات في السعودية، وقالت إنها لمست حرصا شديدا من جانب الفتيات على حضور التدريبات في أوقاتها بالإضافة إلى الاهتمام الحكومي الكبير بالكرة النسائية.

مواجهة التحديات
أما فرخندة مهتاج قائدة المنتخب الأفغاني لكرة القدم للسيدات فتحدثت عن العوائق والتحديات التي تواجه كرة القدم النسائية في بلادها بسبب عدم توفر البنية التحتية من ملاعب ومنشآت وخصوصا خارج العاصمة كابل؛ مما يصعب على الفتيات ممارسة الرياضة بسهولة، بالإضافة إلى المخاوف التي تعيشها الفتيات والنساء بشكل عام بعد اعتلاء حركة طالبان سدة الحكم.
وأكدت مهتاج التي تعيش في كندا منذ الصغر، أنها تكافح مع زميلاتها من أجل استمرار المنتخب الأفغاني، الذي تأسس في 2007، في خوض المباريات والمنافسات الإقليمية والدولية رغم صعوبة ذلك، حيث يقيم نصف أعضاء الفريق في أوروبا بينما يوجد النصف الآخر في أفغانستان، مع ما يمثله ذلك من تحد كبير في ظل الوضع الأمني والسياسي.
وأشارت إلى أن صعود حركة طالبان تسبب في خوف كثير من اللاعبات، وهو الأمر الذي أدى إلى انسحاب الفريق من مباريات التصفيات المؤهلة إلى كأس آسيا للسيدات التي أقيمت بالهند في فبراير/شباط الماضي.
ومع ذلك تؤكد قائدة المنتخب الأفغاني ثقتها في قدرة النساء والفتيات الأفغانيات على مواجهة التحديات والظروف الصعبة التي تعيشها بلادها، مشيرة إلى أنها تأمل أن يتفهم الجميع أن ممارسة كرة القدم ستسهم في التخلص من التمييز والطائفية، وتساعد على نشر التسامح بين الشعوب، بالإضافة إلى تعزيز قيم التضامن الإنساني في مواجهة التحديات.
من ناحيتها، تتطلع لاعبة المنتخب القطري لكرة القدم للسيدات هاجر صالح لمزيد من الدعم للعبة في كل أرجاء العالم، حيث ترى أن الرياضة لديها القدرة على تغيير المجتمع والأفراد نحو الأفضل.

استمرار الدعم
وتؤكد هاجر صالح، في تصريح للجزيرة نت، على الدور المهم والمتعاظم للرياضة في تشجيع التسامح والاحترام فضلا عن مساهمتها في تمكين المرأة والشباب والأفراد والمجتمعات لبلوغ الأهداف المنشودة في مجالات الصحة والتعليم والاندماج الاجتماعي.
وتأمل اللاعبة القطرية أن تحظى المنتخبات النسائية لكرة القدم في الحصول على المزيد من الخبرات من خلال خوض تجارب ومباريات مع فرق ومنتخبات قوية مما يساهم في إكساب عناصر المنتخب الخبرة والاحتكاك ويغني تجارب اللاعبات.
وتؤكد هاجر أن عام 2023 سيكون مرحلة مهمة فيما يتعلق بالرياضة النسائية في قطر وليس في كرة القدم فقط خاصة بعد الإرث الكبير الذي ستتركه بطولة كأس العالم التي ستنطلق الشهر المقبل على الملاعب القطرية، لافتة إلى تلاشي العديد من العقبات التي كانت تعترض طريق كرة القدم النسائية في قطر.
بدورها استعرضت رئيسة لجنة رياضة المرأة القطرية السابقة أحلام المانع مراحل إدخال الكرة النسائية إلى قطر قبل أكثر من 21 عاما والصعوبات التي واجهت ذلك كي تلقى قبولا من المجتمع.
وأكدت، خلال جلسة "النساء وكرة القدم"، أنه من خلال الجهد والمثابرة ودعم الدولة تم إعداد جيل من الفتيات كنواة لمنتخب قطر للسيدات والذي نجح في اكتساب الخبرات على مدار السنوات بعد المشاركة في البطولات الخليجية والعربية والآسيوية حتى نجح في الحصول على المركز الـ108 في تصنيف الفيفا عام 2013.
وتتوقع المانع أن تشهد السنوات القادمة حضورا قويا للكرة النسائية في قطر بعدما شهدت الفترة الأخيرة تغيرا في نظرة المجتمع لممارسة الفتيات لكرة القدم والرياضة بشكل عام.