الرياضة المصرية بقبضة النفوذ السعودي الإماراتي
عبد الرحمن محمد-القاهرة
وحظي الناديان الكبيران بمصر -الأهلي والزمالك- بالاهتمام الأكبر للاستثمار السعودي بشكل خاص، الذي ظهر بصورة واضحة خلال زيارة رئيس هيئة الرياضة السعودية تركي آل الشيخ لمصر منذ أيام، وشهدت الإعلان عن عدد من المشروعات الاستثمارية الرياضية، كان أبرزها إنشاء ملعب جديد للنادي الأهلي باستثمارات سعودية وإماراتية.
ولحق هذا الإعلان تصريح لآل الشيخ كشف فيه عن حصوله على ضوء أخضر للاستثمار في الزمالك أيضا، ليعلن بعدها أحمد جلال نائب رئيس نادي الزمالك الاقتراب من اتفاق بين ناديه ورئيس هيئة الرياضة السعودية لإنشاء ملعب آخر على غرار ملعب النادي الأهلي المزمع إنشاؤه.
وحسب مراقبين، فقد عكس هذا النفوذ السعودي الواضح في الرياضة المصرية لقاءَ آل الشيخ والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال الزيارة، وإعلان رئيس النادي الأهلي محمود الخطيب منح رئيس هيئة الرياضة السعودية منصب الرئاسة الشرفية لناديه، وهو ما قوبل بامتعاض في الأوساط الرياضية المصرية.
ورغم اتساع دائرة النفوذ السعودي في الرياضة المصرية، فإن ذلك لم يمنع وجود منافسة إماراتية ظهرت باستمرار استحواذها على استضافة وتنظيم مباراة السوبر المصري للمرة الثالثة على التوالي، ورغم محاولات سعودية لسحب هذا البساط، فإن تلك المحاولات لم تفلح، واكتفى آل الشيخ بمكافأة الأهلي بمليوني جنيه بعد فوزه بكأس السوبر.
النفوذ شمل الإعلام الرياضي وحقوق الرعاية، حيث أعلن آل الشيخ أن هناك مساعي من قبل مستثمرين سعوديين لشراء قناة النادي الأهلي، كما تسيطر شركة "صلة" السعودية على حق رعاية النادي الأهلي، بينما وقعت شبكة قنوات "أون تي في" المصرية اتفاقية مع تليفزيون أبو ظبي لتبادل البرامج الرياضية وإذاعة مباريات الدوري المصري.
من جانب آخر، ارتفع عدد المحترفين المصريين في الدوري السعودي إلى ثمانية، وهو مستوى غير مسبوق، كما تتفاوض أندية سعودية وإماراتية مع عدد آخر من اللاعبين المصريين، وبرر آل الشيخ تعاقده مع لاعبين مصريين بسعرهم الرخيص، وهو ما أثار حالة تذمر في الأوساط المصرية.
ويرى الناقد الرياضي أحمد سعد أنه لا يمكن فصل ما يحدث في القطاع الرياضي عن الوضع السياسي الذي يشهد نفوذا كاملا للسعودية والإمارات في الدولة المصرية منذ الانقلاب العسكري في يوليو/تموز2013.
ويذهب سعد في حديثه للجزيرة نت إلى أن قانون الرياضة الجديد تم تفصيله خصيصا لهذا الغرض، مشيرا إلى أنه كما صدرت قرارات وقوانين سمحت ببيع جزر مصرية للسعودية، وتمهد لبيع أرض أخرى لها وللإمارات، فإنه من المتوقع أن تتم السيطرة على صروح رياضية مصرية من قبلهما، وفي المقدمة ناديا الأهلي والزمالك.
ويعتبر سعد أن ذلك أمر متوقع، كون السيسي مدينا للسعودية والإمارات بمساعدات تجاوزت خمسين مليار دولار، وما يحدث في القطاع الرياضي وإن كان ظاهره استثمارا تجاريا لرجال أعمال فإنه يأتي في إطار تسديد فواتير تلك المساعدات التي بالتأكيد لم تقدم دون مقابل.
في المقابل، يرى الخبير في التشريعات الرياضية محمد عباس أن هذه الاستثمارات وإن بدت محصورة بيد دولتي السعودية والإمارات، فإنها مفيدة للرياضة المصرية؛ من حيث توفير المنشآت والبنية التحتية، كما أنها تعود بالنفع المادي على الأندية المتعاقد معها من قبل هؤلاء المستثمرين.
وفي حديثه للجزيرة نت، لا يجد عباس غضاضة في تفرد السعودية والإمارات بهذه الاستثمارات، كونه لم يقطع الطريق على أي مساع استثمارية أخرى، حيث يرى أنه في حال قُدمت عروض من قبل دولة أخرى ستجد التجاوب السريع معها من قبل الأطراف المصرية.
وأشار إلى أن الرياضة من مسارات الاستثمار الخصبة بمصر، بالنظر إلى عائداتها الكبيرة والسريعة، وشعبية قطبي الكرة المصرية الأهلي والزمالك على المستويين المحلي والدولي، وحجم السوق المصرية.
من جانبه، قال الصحفي الرياضي حسن عبد العظيم إن الدعم السعودي للرياضة المصرية يأتي في إطار سعيها للحفاظ على حلفائها بالمنطقة، وأشار إلى أن السعودية لا تدعم الرياضة المصرية فقط، فدعمها واضح للرياضة في بلدان عربية أخرى كفلسطين ولبنان.
ويرى عبد العظيم -في حديثه للجزيرة نت- أنه رغم الإيجابيات المترتبة على هذه الاستثمارات، فإن انحسارها في تعاقدات مع كيانات كبيرة كالأهلي والزمالك يجعل الاستفادة محدودة، معتبرا ذلك دليلا على كون هذه الاستثمارات بعيدة عن الأغراض السياسية، فلو كانت كذلك لاستهدفت تحسين صورة النظام بدعم القطاع عامة، حسب رأيه.