عندما يتسلل التلاعب إلى الملاعب!

(FILE) A file picture dated 08 July 2015 shows an officer standing guard as the roof closes over the Centre Court during a Wimbledon Championships match at the All England Lawn Tennis Club, in London, Britain, 08 July 2015. Association of Tennis Professionals (ATP) supremo Chris Kermode made a spirited defense of the integrity of world tennis on 17 January 2016, after charges of match-fixing over the past decade were floated by Britain's BBC and the Buzzfeed news website. Speaking as the first grand slam of the year got under way in Australia, Kermode said the Tennis Integrity Unit - charged with investigating any suspected betting, doping or match-fixing - had not hesitated to pursue their work. The BBC said it had 'secret evidence of match-fixing in tennis,' but did not name any players. The programme said it had seen 'confidential documents which reveal how some (players) were linked to gambling syndicates in Russia and Italy which won hundreds of thousands of pounds betting on matches they played in.' Documents were believed to have been passed to media by whistleblowers, and concern the alleged activities of a group of 16 players from about eight years ago. EPA/GERRY PENNY EDITORIAL USE ONLY/NO COMMERCIAL SALES
عالم التنس هو آخر الرياضات التي اتهمت بالفساد (الأوروبية)

محمد العربي سلحاني

على النقيض من نسخها السابقة، انطلقت بطولة أستراليا المفتوحة لكرة المضرب هذا العام وسط فضيحة فساد مدوية، بعد اتهامات بالتلاعب في مباريات شملت 16 لاعبا من أفضل خمسين من المصنفين في العالم، بينهم فائزون ببطولات الغراند سلام.

فبعد فضائح تعاطي المنشطات في ألعاب القوى، وقضايا الفساد التي هزت عرش الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، جاء الدور على كرة المضرب (التنس).

وكشفت شبكة تقارير إعلامية عن أن 16 لاعبا من المصنفين في المراكز الخمسين الأوائل في العالم في العقد الأخير كانت تحوم حولهم شبهات التلاعب بنتائج المباريات لمصلحة مكاتب مراهنات.

‪كريس كرمود‬  رفض أي تهم بالتغطية على أي مخالفات تتعلق بالتلاعب بالمباريات (أسوشيتد برس)
‪كريس كرمود‬  رفض أي تهم بالتغطية على أي مخالفات تتعلق بالتلاعب بالمباريات (أسوشيتد برس)

وذكر موقع "باز فيد" أن المتلاعبين قدموا مبالغ قدرها خمسون ألف دولار أو أكثر للاعبين من أجل التلاعب بنتائج المباريات، حتى أن بعضهم زار آخرين في غرف فنادقهم.

وترتبط هذه الملفات بتحقيقات أجرتها رابطة اللاعبين المحترفين التي تدير اللعبة عام 2007، وأظهرت أن مجموعة من المراهنين في إيطاليا وروسيا قاموا بالمراهنة بمئات الآلاف من الدولارات على مباريات تم التلاعب بنتائجها، بينها ثلاث في ويمبلدون، كما أن ثمانية لاعبين ممن تحوم الشبهات حولهم أيضا يخوضون حاليا غمار بطولة أستراليا المفتوحة على ملاعب ملبورن، كما أعلن التقرير.

وأماطت التقارير اللثام عن تحقيقات تتعلق بمباراة أقيمت عام 2007 بين الروسي نيكولاي دافيدنكو الذي خسر وقتها أمام مارتن فاسالو أرغويلا المصنف 87 حينها، لكن التحقيقات لم تعثر على أي شيء ملموس، ولم توجه الاتهام لأي من اللاعبين.

لكن رئيس اتحاد اللاعبين المحترفين كريس كرمود رفض أي تهم بالتغطية على أي مخالفة تتعلق بالتلاعب في المباريات، وقال "وحدة النزاهة بالتنس ومسؤولو التنس يرفضون بشكل قاطع أي تكهنات بتجاهل أدلة التلاعب بالنتائج لأي سبب أو عدم التحقيق فيها".

‪‬ هناك ما بين ثلاثمئة وأربعمئة شركة مراهنات على الإنترنت عبر العالم بحسب الإنتربول(رويترز)
‪‬ هناك ما بين ثلاثمئة وأربعمئة شركة مراهنات على الإنترنت عبر العالم بحسب الإنتربول(رويترز)

شركات المراهنات
واقترن غالبا التلاعب بنتائج مباريات بشركات مراهنات عبر العالم تنشط في العديد من الرياضات، منها لعبة كرة القدم، والغرض الأساسي منها هو الربح المالي.

فقد اقتحمت عملية المراهنة عالم كرة القدم بقوة في العقود الأخيرة، ومعها بزغ مصطلح "التلاعب بنتائج المباريات"، تلك الظاهرة التي أفسدت ولا تزال متعة البطولات الرياضية.

وبغرض تأمين أكبر ربح مادي ممكن وتجنب الخسائر، تعمد شركات المراهنات إلى الاطلاع على نسبة المراهنة على لقاء ما، ومقدار الربح الذي ستجنيه في كل الحالات الممكنة، فتختار الخيار المناسب، وتعمل على تطبيقه، عبر تقديم رشى ضخمة لأحد الأطراف، التي بإمكانها إنجاح هذه العملية، مثل حكم المباراة أو مدرب فريق أو رئيس ناد أو لاعب مؤثر، ويكون غالبا قائد الفريق أو حارس المرمى.

وتعد الدوريات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والإسبانية بجميع درجاتها من أبرز الدوريات التي تدخل ضمن المراهنات، إلى جانب كأس العالم والبطولات القارية المختلفة.

وأظهرت تحقيقات جرت في أنحاء القارة الأوروبية عمليات تلاعب ضخمة في نتائج مباريات كرة القدم حققت أرباحا غير مشروعة تصل إلى ثمانية ملايين يورو ( 11 مليون دولار).

وقال رئيس الشرطة الأوروبية روب فاينرايت في فبراير/شباط 2013 إن تحقيقا أظهر تلاعبا في 380 مباراة في بطولات كبرى، أهمها تصفيات كأس العالم وكأس أوروبا وبطولات الدوري الممتاز في عدة دول أوروبية.

وأضاف أنه تم تفكيك شبكة إجرامية تضم نحو 425 متهما من لاعبين وحكام ومسؤولي أندية.

وقبل ذلك، وفي عام 2005 تحديدا، اعترف الحكم روبيرت هويزة بتعامله مع المافيا الكرواتية لترتيب نتائج مباريات بالدرجات الدنيا بالكرة الألمانية.

بدورها، لم تكن آسيا في منأى عن الظاهرة، حيث عرف عام 2011 التهديد بإلغاء الدوري الكوري بعد تدخل شركات مراهنات بتوزيع أموال على لاعبين للتلاعب بالمنافسات.

ولم يسلم العالم العربي من الظاهرة، حيث كان لبنان صاحب العنوان الأبرز، فقد اعتقل ثلاثة من حكامه في سنغافورة بتحقيق في تلاعب في مباراة بكأس الاتحاد الآسيوي، وتعاملهم مع عصابة من مكاتب المراهنات في البلاد.

‪دان تان‬ (وسط)(أسوشيتد برس)
‪دان تان‬ (وسط)(أسوشيتد برس)

مافيا المراهنات
في كتاب نشره مؤخرا، يذكر السنغافوري ويلسون راج بيروما أحد مسؤولي شبكة للمراهنات أنه نجح في التلاعب بنتيجة مباراة ودية بين مصر وأستراليا في 2011 برشوة الحكم البلغاري.

وفي العام الماضي، أعلنت الشرطة السنغافورية ووكالة مكافحة الفساد في البلد الآسيوي أن رجل الأعمال المشتبه رقم واحد في فضائح التلاعب بنتائج المباريات عبر العالم دان تان يساعد السلطات في تحقيقاتها بعد اتهامه بالتلاعب في 32 مباراة كروية في ثلاث دول تشمل المجر وإيطاليا وفنلندا.

وأصبح دان تان مشتبهاً فيه رئيسياً بحسب وكالة "يوروبول" الأمنية كأبرز متلاعب بمئات المباريات حول العالم لمصلحة مكاتب المراهنات.

وتقول الوثائق المتاحة لجهاز الشرطة الدولية (الإنتربول) إن هناك من بين ثلاثمئة وأربعمئة شركة منتشرة حول العالم تعمل في نظام المراهنات عبر آلاف المواقع، وأغلبها شركات "غير شرعية".

ونجحت تلك الشركات في تحقيق أرباح مالية خيالية، مما دفع البعض إلى تكوين عصابات دولية تعرف حاليًا باسم "مافيا المراهنات".

ولفتت وثائق الإنتربول إلى أن أكثر من أربعين ألف مباراة في العالم تخضع نتيجتها للتلاعب، وفقًا لما أكدته شركة "سبور ترادار" ومقرها العاصمة الإنجليزية لندن، مشيرة إلى أن حجم الاستثمار في مجال المراهنات يبلغ نحو تريليون دولار.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

إعلان