ساو باولو تغرق في الحزن بعد الخسارة "المذلة" للسيليساو

خسارة منتخب البرازيل أمام ألمانيا
الجمهور البرازيلي لم يتحمل هول الهزيمة الثقيلة (الجزيرة)

أحمد السباعي-ساو باولو

لم يذق الملايين من البرازيليين طعم النوم الليلة الماضية بعد الخسارة التاريخية المذلة التي تعرض لها منتخب بلادهم أمام ألمانيا، اللاعبون يبكون في الملعب كالأطفال وكذا سكان مدينة ساو باولو البالغ عددهم أكثر من 12 مليونا، فبعد خروجهم من منطقة المشجعين -التي ضاقت جنباتها بعشرات الآلاف منهم- هاموا على وجوههم، بين غاضب ومستاء، ومستفسر عن سبب الخسارة دون الحصول على جواب.

الشوارع شبه فارغة، والصمت يلف أكبر مدينة في البرازيل، والحزن يخيم عليها، وأغلقت جميع المؤسسات أبوابها -كما هي عادة المدن البرازيلية قبل كل مباراة للسيليساو- استعدادا لمباراة الحلم والانتقال للنهائي والظفر بالنجمة السادسة، لكن رياح المانشافت جاءت عكس ما تشتهي سفن السامبا، وأمطرت شباكها بسباعية تاريخية لم يسبق أن تلقاها المرمى البرازيلي، ومكنت الألمان من الثأر لخسارتهم أمام البرازيل (2-0) في نهائي مونديال 2002.

‪تفاؤل الجمهور بالفوز قبل المباراة تبعته خيبة أمل من النتيجة‬ (الجزيرة)
‪تفاؤل الجمهور بالفوز قبل المباراة تبعته خيبة أمل من النتيجة‬ (الجزيرة)

سكولاي المسؤول
المشجع روبرتو الغاضب من الخسارة حمل مسؤولية الخسارة للمدرب لويس سكولاري "الذي أخفق في اختيار التشكيلة التي تجمع بين الخبرة والشباب، واستبعد كاكا ورونالدينيو، وعندما أصيب نيمار لم يكن بديله على قدر المسؤولية، ناهيك عن الفراغات والأخطاء الدفاعية التي ظهرت مع غياب تياغو سيلفا".

ويتابع بعدما علم أن سكولاري اعتذر وتحمل مسؤولية الخسارة "ماذا أفعل أنا ومائتا مليون برازيلي بالاعتذار، وهو يعرف تماما ماذا تعني كرة القدم لهذا الشعب؟ هل اعتذاره سيمنحنا اللقب؟".

هذه الخسارة كانت كافية ليعرف المرء أهمية الكرة المستديرة لدى شعب السامبا، فالليلة كانت ليلاء عليهم لدرجة أن بعضهم كان قد تخلى عن فكرة معارضة إقامة المونديال على أرضه بسبب المليارات التي صرفت ولم تعد بالنفع على الشعب، وذلك من أجل دعم منتخبه للظفر بالكأس الذهبية، لكن "رجال سكولاري" خيبوا الآمال -كما أكد لويس- الذي كان يشارك في المظاهرات المناهضة لإقامة المونديال.

"مليارات صرفت وملاعب بُنيت، وكل هذا دون أن يهتموا ببناء منتخب قوي يحرز اللقب، منتخبنا لم يكن منذ البداية في مستوى جيد، لكن المجموعة التي كان فيها والفرق التي واجهها في الدور الثاني وربع النهائي لم تكن من الصف الأول، ورغم ذلك عانينا للفوز عليها" يؤكد لويس. ويختم أنه سيعود للمظاهرات "لأن الحلم الذي كنا مستعدين للتضحية من أجله تبخر، فلنعد إلى الواقع المر لمواجهته".

‪الشارع البرازيلي لم يصدق نفسه‬ (الجزيرة)
‪الشارع البرازيلي لم يصدق نفسه‬ (الجزيرة)

انهيار مفاجئ
برونا ونجلها جلسا على الرصيف يواسيان بعضهما الآخر، تقول إنها جاءت إلى منطقة المشجعين في ساو باولو قبل ثلاث ساعات من بدء المباراة حتى تحجز مكانا لها ولابنها مكان في مقدمة الصفوف تمهيدا للاحتفال بالفوز والتأهل، وتكمل باكية "خسارة غير متوقعة، ماذا حصل؟ خمسة أهداف في أقل من نصف ساعة لعب، نزلت كالصاعقة علينا، وكأننا في كابوس ولن نستيقظ منه".

نجلها إدوارد (عشر سنوات) الذي لم يتوقف عن البكاء، قال "كنا نأمل أن يبقى الكأس هنا، في موطن كرة القدم، ولكن الأمور كانت سيئة جدا، أين أنت يا نيمار؟".

وبعد بحث طويل عن مشجع ألماني التقينا توماس الذي كان يحاول أن يخبئ علم بلاده خوفا من غضب وردود فعل البرازيليين، وقال إنه صدم بهذا الانهيار السريع والمفاجئ لمنتخب السامبا الذي كان المبادر في بداية اللقاء "كنا ننتظر مباراة قوية وندية لا تعرف هوية الفائز إلا مع صافرة الحكم، ولكن ما حدث لم يكن أكثر المتشائمين يتوقعه".

وتابع أن مشكلة البرازيل في اعتمادها على أفراد وليس على مجموعة، فمدربها استبعد عناصر الخبرة، واعتمد على الشباب، على عكس مدرب الماكينات الألمانية يواكيم لوف الذي استدعى كلوزه وشفينيشتايغر ليدعما الشباب ويساعدا المنتخب عندما يحتاج إليهما، والنتيجة كانت هذا الفوز الكبير.

المصدر : الجزيرة