هلال القدس.. تتويج من رحم المعاناة


محمد محسن وتد-القدس المحتلة
في أجواء احتفالية عارمة، توج نادي هلال القدس رسميا مساء أمس الجمعة بطلا لدوري كرة القدم الفلسطيني للمحترفين للمرة الأولى في تاريخه، محققا حلما طالما انتظره المقدسيون الذين يتحدون يوميا سيلا من الصعاب في معركة الاستنزاف التي يخوضونها مع الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته التهويدية والاستيطانية.
وحسم الفريق المقدسي اللقب أمس الجمعة بالمرحلة الـ17 قبل الأخيرة، حين هزم على ملعب فيصل الحسيني بالقدس المحتلة شباب الظاهرية 1-3، ليرفع رصيده إلى 42 نقطة أمام ملاحقه شباب الخليل (36 نقطة).
وتخطت الجماهير جدار الفصل العنصري والحواجز العسكرية للاحتفال بلقب فريق العاصمة ومتابعة المباراة التي اتسمت بروح رياضية عالية وإن لم ترتق للمستوى المأمول فنيا، لكن الأنظار كلها اتجهت نحو الاحتفالات التي اتخذت طابعا شعبيا وإن غابت عنها السمة الرسمية بسبب عدم حضور أي مندوب عن السلطة الوطنية الفلسطينية.
وحملت المباراة في طياتها أبعادا سياسية أكثر منها رياضية، وكانت كلمات النشيد الوطني الفلسطيني "بلادي بلادي بلادي" ملازمة للفريق طوال دقائق المباراة، حيث كانت أهازيج الأغاني الوطنية للفرقة الكشفية والشعارات التي رددها الجمهور قوة دفع للاعبي الهلال.
وزينت البالونات الهوائية التي حملت ألوان العلم الفلسطيني فضاء القدس وتطايرت حتى وصلت سماء مدينة رام الله المجاورة، وبدت نشوة على المقدسيين لم يعهدوها منذ الاحتلال، لأن فريق العاصمة الذي أسس عام 1972 فاز لأول مرة في تاريخه بلقب الدوري، متحديا بذلك مخططات التهويد والاستيطان وتفريغ المدينة من الفلسطينيين، ليضع القدس مجددا على الخريطة العالمية.

عزة وانتماء
ويضم النادي بتركيبته ثلاثة لاعبين من الداخل الفلسطيني ساهموا في هيكلته وتثبيت دعائمه بدوري المحترفين وحصد اللقب، بينهم حسام أبو صالح من مدينة سخنين بالجليل الذي لعب سنوات طويلة بالدوري الإسرائيلي مع فريق اتحاد سخنين.
وقال أبو صالح للجزيرة نت إنه فضل الالتحاق بفريق العاصمة والانخراط بصفوف المنتخب الفلسطيني، مضيفا "هنا أنت لست مجرد لاعب، لأنك تشعر بالعزة والانتماء وتساهم ببناء الرياضة لشعبك، ويكفي أنك تفتتح كل مباراة بسماع النشيد الوطني الفلسطيني".
وحسب المدير الإداري لنادي الهلال حسام أبو سنينة فإن المشهد الرياضي تحول إلى منصة جمعت التعقيدات والإشكاليات التي تعانيها القدس المحتلة بل القضية الفلسطينية برمتها، حيث يجمع نادي الهلال تحت لوائه جميع أبناء الشعب الفلسطيني إذ تتألف تركيبته من لاعبين من القدس وغزة والضفة الغربية والداخل الفلسطيني.
وأضاف للجزيرة نت أنه "باعتبار القدس عاصمة فإن نادي الهلال لمّ شمل الفلسطينيين من جميع أنحاء الوطن" متسائلا "من يدري ففي الموسم المقبل قد ننجح بضم لاعبين من الشتات؟ خصوصا وأننا سنمثل فلسطين في تصفيات دوري أبطال آسيا والدورة العربية للأندية الأبطال ونتطلع لتحقيق الإنجازات وتمثيل الوطن بشكل مشرف".

الكيلاني: بالرياضة نحسم معركة البقاء والوجود بالقدس
نشوة الانتصار
وحقق المشرف الرياضي للنادي حسني الكيلاني حلمه بعد أن حصد الفريق البطولة، وذلك "بعد سيرورة عمل وإنشاء للرياضة المقدسية استمرت لعقود بعد انتكاسة عام 1967، ومن عمق المعاناة والصعاب ومعارك الاستنزاف مع الاحتلال وبعد سنوات لعب فيها الفريق بدوري الهواة تحقق حلم كل مقدسي ليسطر الهلال بأحرف من ذهب تاريخا رياضيا مشرفا لفلسطين".
وأكد الكيلاني في حديثه للجزيرة نت أن هذا الإنجاز يعزز صمود المقدسيين ويبعث فيهم الأمل بمواصلة العيش على الحلم بتحرر القدس من نير الاحتلال، "نحن نشعر بنشوة الانتصار على الاحتلال بفوزنا باللقب، وهي رسالة نبعثها للعالم أجمع، القدس فيها شعب يصبو للحرية والتحرر والعيش أسوة بشعوب العالم".
وأشار الكيلاني إلى أنه لا يمكن العيش بالقدس بمعزل عن السياسة التي اختلطت وطفت على مختلف الميادين، "لأن الرياضة محور رئيسي للتحدي في معركة الصمود، والأندية الرياضية بمختلف فروعها بمثابة مناعة ودرع واق للمجتمع المقدسي، وهي جزء من ثقافة وحضارة القدس، بها نرتقي ومعها نحسم معركة البقاء والوجود بالمدينة".