ألتراس مصر.. مشجعو كرة ومحرك للثورة

الالتراس في مصر – من مشجعي كرة القدم إلى محرك للثورة
undefined
بعد مشاركتهم القوية في تنظيم وحشد المتظاهرين خلال الثورة ضد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، جددت رابطات مشجعي أندية كرة القدم في مصر المعروفة بجماعات "ألتراس" العهد مع التظاهر وخرجت إلى الشوارع للاحتجاج ضد الرئيس الحالي محمد مرسي.
 

"كلمة واحدة قد تتسبب في اعتقالك والإلقاء بك في غياهب السجون. الناس كانت تخشى الحديث عن السياسة أو انتقاد مبارك". هكذا يصف أمين صالح (28 عاما)، وهو شاب مصري مقيم في ألمانيا، الأجواء السائدة في وطنه قبل سقوط نظام مبارك، مشيرا إلى أن "كرة القدم في مصر بمثابة دين أو معتقد، فإما أنك مسلم أو مسيحي، وإما أنك من أحباء الأهلي أو لا".

من جهته يؤكد يان بوسه الخبير في الشؤون السياسية وفي كرة القدم المصرية أن الأهلي يعتبر مؤسسة في مصر فهو تاريخيا رمز للشعب المصري. ويضيف في هذا السياق "الأهلي كان أول جمعية رياضية تأسست على يد مصريين للمصريين وبالتالي كان يعتبر آنذاك رمزا وطنيا ضد الاحتلال البريطاني وكذلك ضد الملكية" مشيرا إلى أن السؤال حول ما إذا كان أحدهم من أحباء الأهلي ينطوي تقريبا على بعد ديني أو سياسي.

وتعتبر كرة القدم والسياسة في مصر مرتبطتين بعضهما ببعض. ذلك أنه خلال السنوات الماضية تحت حكم مبارك لم يكن أحد يجرؤ على الحديث عن السياسة في الشارع، والمكان الملائم لذلك حينها كان المسجد أو الملعب.

‪الألتراس من ضمن الجماعات القليلة المنظمة في مصر‬ (رويترز)
‪الألتراس من ضمن الجماعات القليلة المنظمة في مصر‬ (رويترز)

الملعب هو المتنفس
ويقول بوسه الذي يعمل مع منظمة العفو الدولية "عندما يعاني المجتمع من الفقر أو من القمع في عهد مبارك، فإن كرة القدم كانت بمثابة المكان الذي يلجأ إليه الناس لإطلاق العنان لمشاعرهم وكانت كذلك متنفسا لإخراج مشاعر الإحباط التي تجثم على قلوبهم" مضيفا "أعتقد أن متنفسا بهذا الشكل لم يكن ممكنا إلا في كرة القدم".

ويرى المتحدث أن الألتراس لعبت دورا مهما في الثورة المصرية، أكبر من دور أي مجموعة سياسية أخرى، لافتا إلى أنها تمتلك خبرة في التعامل مع الشرطة وخبرة في اشتباكات الشوارع، حيث نظمت متاريس وكانت تتولى مداواة الجرحى خلال المظاهرات في ميدان التحرير في القاهرة.

"بعكس أغلبية المجموعات الأخرى في مصر فإن الألتراس تعتبر من ضمن الجماعات القليلة المنظمة. فقط جماعة الإخوان المسلمين منظمة بتلك الدرجة" حتى الجماعات المتناحرة والمتنافسة فيما بينها داخل الألتراس اتحدت وقامت بحشد الناس للخروج إلى الشوارع والتظاهر ضد النظام، يضيف بوسه.

وإذا صح ما يقوله بعض المراقبين وما تقوله الألتراس نفسها، فإن الأخيرة قد دفعت ثمنا باهظا لنشاطها ضد النظام. ففي مباراة بين الأهلي والمصري في مطلع فبراير/ شباط 2012 في مدينة بورسعيد وقعت أعمال عنف أسفرت عن مقتل 74 شخصا وجرح نحو ألف آخرين فيما يوصف بـ"مجزرة بورسعيد" أكبر كارثة في تاريخ الرياضة المصرية، مما انجر عنه تعليق جميع مباريات مسابقة الدوري المصري ومعاقبة نادي المصري بمنعه من اللعب لمدة عامين.

‪الألتراس في مصر تتمتع بقوة كبيرة‬ (الفرنسية)
‪الألتراس في مصر تتمتع بقوة كبيرة‬ (الفرنسية)

الألتراس تحشد
وبعد توقف دام تسعة أشهر أعلن كل من وزيري الرياضة والداخلية استئناف النشاط الكروي في منتصف ديسمبر/ كانون الأول الجاري. ويعتقد بوسه أن هذا القرار جاء تحت ضغط الأطراف المستفيدة ماليا من كرة القدم، مثل اللاعبين والشركات. لكن هذا الإعلان لم يأت بعد التشاور مع ألتراس الأهلي، الأمر الذي جعل بوسه يتوقع أنها قد تحتج ضد هذا القرار.

لكن ما قد يعقد الأمور هو أن الألتراس تتمتع في مصر بقوة كبيرة، حيث إنها هددت باقتحام المباريات بالقوة لمنع إقامتها واقتحام المقر الرئيسي لرابطة كرة القدم المصرية مرة أخرى. كما تشارك جماعات الألتراس مختلف الجمعيات الكروية في الاحتجاجات الحالية المناهضة للرئيس المصري محمد مرسي، ومن بينها الاحتجاجات التي يشهدها ميدان التحرير.

مصري آخر يدعى أمين صالح لا يعتقد أن الأوضاع في مصر ستتغير بسرعة، مؤكدا أن تغيرها يتطلب وقتا طويلا، ويقول "سيستمر الأمر عشرات السنين، على الأقل ثلاثين عاما. يجب إعادة تأهيل الشعب المصري، يجب أن تتغير العقلية".

ويضيف صالح أن "ما تحتاجه مصر هو إعادة هيكلة ومساعدات مالية، أيضا للتعليم. أما المهم الآن فهو أن يكون للناس بعض المال لشراء الطعام". ومهما كانت القوة السياسية الحاكمة في مصر، فإن الحكومة تواجه مشاكل عديدة، نسب بطالة مرتفعة لدى الشباب بالإضافة إلى انتشار الفقر وارتفاع نسبة الأميين".

المصدر : دويتشه فيله