جمهوريات آسيا الوسطى.. مدن وعلماء



undefined
سيدي أحمد ولد أحمد سالم ومي الزعبي

ارتبطت آسيا الوسطى بالحضارة الإسلامية منذ القرن السابع الميلادي حينما فتحها العرب المسلمون وأطلقوا عليها بلاد ما وراء النهر، وقدمت منذ ذلك الحين الكثير من العلماء الذين كانت لهم إسهامات مشهودة في علوم الرياضيات والطب والفلسفة والحديث واللغة.

وتختلف جمهوريات آسيا الوسطى بشكلها الحالي بعضها عن بعض من حيث إسهامها في الموروث الحضاري الإسلامي. والسبب يرجع إلى أن سكان أوزبكستان وتركمانستان عرفوا استقرارا حول نهر جيحون نشأ عنه تحضر، في حين غلبت على سكان طاجيكستان وقرغيزستان وكزاخستان البداوة فظل أغلبهم في ترحال مستمر.

وقد أثرت ثنائية بدو/حضر في منطقة ما وراء النهر وخراسان فظهرت في أوزبكستان الحالية مثلا أغلب الحواضر ذات التأثير الثقافي والديني كسمرقند وبخارى وترمذ.

سمرقند
تقع حاليا في أوزبكستان، وهي عاصمة ما وراء النهر التاريخية، ووصفها بعض الرحالة العرب بالياقوتة الراقدة على الضفة الجنوبية لنهر زرافشان.

فتحها سعيد بن عثمان بن عفان صلحا عام 55هـ- 675م، ثم فتحها سالم بن زياد عام 61هـ- 681م بعد مقاومة عنيفة، إلى أن دخلت الإسلام على يد قتيبة بن مسلم عام 93هـ- 711م. 

وينتسب إليها علماء منهم، محمد بن محمود الماتريدي، ويعرف بأبي منصور الماتريدي، وهو فقيه ومتكلم مشهور، ولد في ماتريد إحدى مدن سمرقند وتوفي عام 333هـ- 944م، وله الكثير من التصنيفات من أهمها كتابه الأحكام السلطانية، كما ينسب إليه شرح كتاب الفقه الأكبر لأبي حنيفة النعمان.

ومن علمائها أيضا نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندي المفسر، والمعروف بأبي الليث السمرقندي، صاحب كتاب تنبيه الغافلين وكتاب الفتاوى، وتوفي عام 375هـ- 985م، وعلاء الدين السمرقندي الفقيه مؤلف كتاب تحفة الفقهاء، وتوفي عام 539هـ- 1144م.

بخارى

"
من أشهر من ينتسب إلى بخارى محمد بن إسماعيل البخاري، صاحب أشهر كتب الحديث النبوي المعروف بصحيح البخاري

"

تقع حاليا في أوزبكستان، دخلها الإسلام عام 54هـ- 674م على يد عبيد الله بن زياد بن أبيه في عهد الأمويين، ثم أعاد فتحها سالم بن زياد عام 61هـ- 681م، ثم فتحها نهائيا قتيبة بن مسلم عام 90هـ- 708م.

ومن أشهر من ينتسب إليها محمد بن إسماعيل البخاري، وتوفي قربها عام 256هـ- 869م. وقد ألف أشهر كتب الحديث النبوي المعروف بصحيح البخاري.

ومن شخصيات بخارى كذلك الفيلسوف الطبيب أبو علي الحسين بن عبدالله بن سينا، والمعروف بابن سينا، وتوفي عام 428هـ- 1036م، ومن مؤلفاته الإشارات والتنبيهات في الفلسفة، والقانون في الطب.

ترمذ
تقع على مجرى نهر جيحون، وهي الآن في أوزبكستان بالقرب من حدودها مع أفغانستان، دخلها المسلمون عام 56هـ- 676م عندما فتحها سعيد بن عثمان بن عفان صلحا، ثم أعاد فتحها موسى بن عبد الله بن خازم عام 69هـ- 689م، وانتفض أهلها ففتحها قتيبة بن مسلم حوالي عام 93هـ- 711م.

وإليها ينسب محمد بن عيسى الترمذي تلميذ البخاري صاحب الصحيح، وتوفي فيها عام 279هـ- 892م، وكتاب السنن المعروف بسنن الترمذي أشهر مصنفاته، وله مصنف الجامع وكتاب العلل وغيرها.

كما ينتسب إليها شيخ الشافعية في العراق محمد بن أحمد بن نصر الترمذي الشافعي، أبو جعفر، والمعروف باسم أبي جعفر الترمذي، ولد عام 201هـ- 816م، وتوفي عام 295هـ- 907م، صاحب كتاب مجموع شرح المهذب.

ومن شخصيات ترمذ الصوفي محمد بن علي بن الحسن بن بشر الترمذي، والمعروف باسم الحكيم الترمذي، المتوفى عام 320هـ- 932م، من مصنفاته ختم الولاية، وعلل الشريعة، وحقائق التفسير.

خوارزم
تقع في أقصى غرب أوزبكستان، وتعرف حاليا باسم خيوة، ودخلت خوارزم الإسلام على يد قتيبة بن مسلم عام 93هـ- 711م.

ومن علمائها محمد بن أحمد البيروني، المعروف بأبي الريحان البيروني، توفي عام 440هـ- 1048م، وهو عالم مقارنة أديان وفلكي ورياضي وطبيب كتب أكثر من 146 كتابا ومنها كتاب الصيدنة، وكتاب تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة.

وإليها ينسب محمد بن موسى الخوارزمي عالم الرياضيات، توفي عام 236هـ- 850م، وهو واضع علم الجبر واللوغاريتم، وله كتاب الجبر والمقابلة.

ومحمود بن عمر الخوارزمي المعروف بأبي القاسم الزمخشري، توفي عام 538هـ- 1143م. وله تفسير الكشاف وأساس البلاغة.

مرو
تقع الآن في تركمانستان، وهي من أولى مناطقها دخولا في الإسلام، حيث فتحها صلحا حاتم بن النعمان الباهلي عام 31هـ- 651م، وقد أرسله عبد الله بن عامر في عهد الخليفة عثمان بن عفان، وهي إحدى مدن طريق الحرير التاريخي.

ومن علمائها إبراهيم بن أحمد المروزي المعروف بأبي إسحاق المروزي، المتوفي عام 340 هـ- 951م، وهو من كبار فقهاء الشافعية وشيخهم في بغداد، وله مؤلفات عدة منها شرح مختصر المزني، والفصول في معرفة الأصول وغيرهما.

كما ينتسب إليها الفقيه عبد الله بن أحمد بن عبد الله، أبو بكر، والمعروف باسم القفال المروزي، ولد عام 327هـ- 939م، وتوفي عام 417هـ- 1026م، وإليه تنسب طريقة الخراسانيين في الفقه، وله عدة تصانيف في الفقه، منها شرح فروع ابن الحداد.

والفقيه الحنفي، محمد بن محمد بن أحمد المروزي، أبو الفضل، والمعروف بالحاكم الشهيد، ومن تصانيفه الكافي، والمنتقى، وتوفي عام 334هـ- 955م.

نسا

"
من أعلام مدينة نسا المشهورين أحمد بن شعيب النسائي، أبو عبد الرحمن، المعروف بالنسائي، ومؤلف كتاب السنن في الحديث النبوي وغيره

"

تقع حاليا جنوب غرب العاصمة التركمانستانية عشق آباد، فتحها المسلمون صلحا عام 31هـ- 651م في عهد الخليفة عثمان بن عفان.

ومن أعلام مدينة نسا المشهورين أحمد بن شعيب النسائي، أبو عبد الرحمن، المعروف بالنسائي، ولد عام 215هـ- 830م، وتوفي عام 303 هـ- 915م، وهو مؤلف كتاب السنن في الحديث النبوي، والمجتبى وهو السنن الصغرى، والضعفاء، وخصائص علي وغيرها.

ومن علمائها أيضا حميد بن مخلد بن قتيبة الأزدي النسائي، أبو أحمد، والمعروف باسم بن زنجويه، ولد عام 180هـ- 796م، وتوفى عام 251هـ- 865م، صاحب كتاب الترغيب والترهيب، وكتاب الأموال وغيرهما.

فاراب
تقع الآن في كزاخستان، وتسمى أطرار أو أترار، فتحها قتيبة بن مسلم نحو عام 95هـ -713م في عهد عبد الملك بن مروان، ثم أعيد فتحها في عهد السامانيين عام 225هـ-840م على يد القائد نوح بن أسد في خلافة المعتصم بالله.

ومن علمائها محمد بن محمد بن أوزلغ بن طرخان، أبو نصر، المعروف بالفارابي، ولد عام 259هـ- 872م، وتوفي عام 339هـ- 950م، وهو فيلسوف إسلامي لقب بالمعلم الثاني لشرحه كتب أرسطو، ومن أشهر مؤلفاته آراء أهل المدينة الفاضلة وتحصيل السعادة.

وينتسب إليها اللغوي إسماعيل بن حماد التركي الأتراري، أبو نصر، المشهور باسم الجوهري، توفي (على الأرجح) عام 393هـ-1002م، ومن أشهر مؤلفاته الصحاح.

شاش
تقع حاليا في أوزبكستان، دخلت الإسلام على يد قتيبة بن مسلم حوالي عام 94هـ- 712م، ومن علمائها أحمد بن محمد بن إسحاق الشاشي صاحب كتاب أصول الشاشي.

كما ينتسب إليها الفقيه الشافعي محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي، أبو بكر، المعروف باسم القفال الشاشي، كما يشار إليه بالقفال الكبير، وهو من علماء الفقه والحديث والأدب واللغة، ولد عام 291هـ- 904م، وتوفي عام 365هـ- 975م، ومن مؤلفاته شرح رسالة الشافعي، وأصول الفقه، ومحاسن الشريعة.

نسف
وتقع الآن في أوزبكستان ويطلق عليها أيضا اسم نخشب، دخلها الإسلام صلحا على يد قتيبة بن مسلم عام 92هـ- 710م.

ظهر في مدينة نسف الفقيه الحنفي عبد الله بن أحمد بن محمود النسفى، أبو البركات، المتوفى عام 710هـ- 1310م، والملقب بحافظ الدين، صاحب اعتماد الاعتقاد، وتفسير مدارك التنزيل وحقائق التأويل، وكتاب كشف الأسرار، وكنز الدقائق، وغيرها.

ومن علماء نسف الفقيه الحنفي عمر بن محمد بن إسماعيل بن محمد بن علي بن لقمان، أبو حفص، ويلقب بنجم الدين، ولد بنسف عام 461هـ- 1069م، وتوفي بسمرقند عام 537هـ- 1142م، ومن مؤلفاته طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية، وتاريخ سمرقند، والعقائد النسفية.

ومنهم الإمام الحنفي في الفروع والأشعري في الأصول جعفر بن محمد بن المعتز المستغفري النخشبي، أبو العباس، والمعروف باسم المستغفري، ولد عام 350هـ- 961م، وتوفي عام 432هـ- 1040م، وله كتاب معرفة الصحابة، وكتاب الدعوات، وكتاب دلائل النبوة، وكتاب فضائل القرآن، وكتاب الشمائل، وكتاب الطب، وتاريخ نسف وغيرها.

وينسب إليها الفقيه الحنفي إبراهيم بن معقل بن الحجاج بن خداش النسفي، أبو إسحاق، وكان قاضي نسف، وكان من رواة الحديث، ومن تصانيفه تفسير القرآن، والمسند في الحديث، وغيرهما، وتوفي عام 294هـ- 906م.
_____________
الجزيرة نت

المصادر:
1- د. حسين مؤنس، أطلس تاريخ الإسلام، الناشر: الزهراء للإعلام العربي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1987م.
2- محمد علي البار، المسلمون في الاتحاد السوفياتي عبر التاريخ، دار الشروق، 1983، الجزء الأول.
3- فتوح البلدان، للبلاذري.
4- معجم البلدان، لياقوت الحموي.
5- المسالك والممالك، للإصطخري.
6- المسالك والممالك، لابن خرداذبة.
7- أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، للمقدسي.
8- آثار البلاد وأخبار العباد، للقزويني.
9 –  Centre for Arab & Islamic Studies 
10 – Asian Studies Center
11- Institut français d’études sur l’Asie centrale
12- Embassy  of Turkmenistan

المصدر : الجزيرة