![]() |
منير شفيق |
منير شفيق مفكر فلسطيني من مواليد القدس انضم إلى حركة فتح مبكرا وكان مسؤولا عن الإعلام والعلاقات الخارجية فيها بين عامي1968 و1971. وفي 1972 توظف في مركز التخطيط التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية ليتولى منصب مديره العام بين عامي 1978 و1992. له العديد من المؤلفات والمقالات تجاوزت 55 كتابا.
وقد طرحت عليه الجزيرة نت الأسئلة التالية بالمراسلة فأجاب عليها مشكورا:

والفكرة الأساسية التي اقتنع بها المؤسسون الأوائل هي أن الوضع العربي والدولي لا يحتمل حركة أيديولوجية، والأفق الممكن هو حركة تحرر وطني من نمط جبهة التحرير الوطني الجزائرية، تنصهر فيها كل حركات الشعب الفلسطيني لتحرير فلسطين بالكفاح المسلح.
وكان قادة فتح حريصين على الفصل التام بين فتح وخلفياتهم السابقة، ففي لقاء خاص بين كاتب هذه السطور والشهيد صلاح خلف، قال له أبو إياد "نحن لم نصدق متى تخلصنا من تهمة الإخوانية، فكيف تأتي الآن لتعيدنا إليها".
ففتح لم تكن أيديولوجية، بل علمانية. من هنا يجب أن تقرأ "فتح" باعتبارها حركة لها سماتها المحددة بها وحدها، والمختلفة جوهريا عن تجربة الإخوان والبعث والشيوعيين.

على أن الخطوة الحاسمة كانت انفراد فتح في قرار خوض معركة الكرامة عام 1968، وكان السياق العام متعطشا لمعركة ضد العدو بعد نكسة 1967 الخطيرة.
وتوضيحا أقول: ما كان يسجله أبناء فتح من نقد لسلبيات قيادتهم، وما كانت تسجله عليها الفصائل الأخرى من سلبيات كذلك، كانت (السلبيات) من الأسباب التي جعلت فتح مقبولة من النظام العربي. لكن لو لم يكن الأمر كذلك وكانت فتح تتسم بنضالية أكبر -وهو ما كان يطالبها به منتقدوها عموما محبين أو مخلصين- لما احتملها النظام العربي ولا حتى الدولي، فالمعادلة: إما أن تتأقلم مع الوضع العربي أو تتغير ليتأقلم معها؟
هنا يمكن القول إن من الأسباب التي سمحت لفتح أن تسيطر على منظمة التحرير كل تلك العقود من السنين، أنها كانت الغطاء الذي ناسب "الطنجرة" العربية. فالأنظمة لاقت في فتح غطاءها, وإلا كانت قصة فتح مختلفة، وهو ما تمر حماس بتجربته الآن، علما أن النظام العربي الآن أصعب كثيرا مما كان عليه سابقا.

حركة فتح -حسب بعض المراقبين- ليست حركة واحدة، بل حركات وأجنحة وتيارات، فهل هذا صحيح؟
-
عدم الانشقاق والغدر أو موالاة طرف خارجي.
-
إبقاء بيكار الاختلاف والتنازع على الصلاحيات والاستقطاب (الاستزلام باصطلاح الفتحاويين) في ما بين أفراد القيادة مفتوحا وواسعا ومعلنا وليسمع بذلك القاصي والداني.
ومن يتابع تاريخ حركة فتح يجد المعادلة أعلاه حاضرة، ولعل ذلك كان سببا من أسباب اتساعها وقدرتها على استيعاب الصدمات الداخلية والخارجية وربما طمأنة الآخرين بأنها متصدعة وضعيفة.
توصف فتح بأنها "حركة القائد وليست الحركة القائدة" فما رأيكم؟
وعاشت فتح معتمدة على وجود عرفات وقيادته من دون أن تكون حركة القائد، ومن دون أن تكون القائدة له وكان هو القائد لكن ليس الذي يأمر فيطاع.

فتح حركة تعيين وليست حركة ديمقراطية كما يشاع، فلماذا تتمسك الحركة بآلية التعيين المرفوضة ديمقراطيا؟
-
أولا من الناحية النظرية: كل تنظيم أو حركة بعد نشأته وتشكله يصبح حريصا على استمرارية النهج ومن ثم لا يستطيع أن يسمح بأن يكون مثل النقابة التي يمكن أن يتغير جلدها -قيادتها وتوجهاتها- بعد الانتخابات.
-
ثانيا من ناحية الحركات وممارستها الانتخابية: كل حزب بما في ذلك الأحزاب الديمقراطية العريقة في الغرب، أوجد تقاليد عمل ووسائل تمنع تسلل أطراف غريبة إلى هيئاته القيادية، الأمر الذي جعله يتحكم بنوعية الأشخاص الذين يتنافسون، وهو تحكم قد لا يكون أشد صرامة -عمليا- من تعيينات المرشحين في الأحزاب الشمولية (الأسهل على الاختراق).
-
ثالثا من جهة فتح: ما تفعله فتح يدخل ضمن إطاره التعيين لضمان استمرارية الولاء للقيادة الأساسية والنهج والأهداف، كما ضمن إطاره من يرى انتخابهم. وبالمناسبة الهيئة الناخبة (المؤتمر) يصار إلى التحكم بتمديدها، باعتبار ذلك ضمانة من ضمانات الاستمرارية.
ولهذا فإن من يثيرون موضوع الديمقراطية في فتح -من خارجها- لا يمسكون بقضية جوهرية، لو افترضنا إلمامهم بالوضع الداخلي، وهي أن موضوع الانتخاب في الأحزاب ليس سائبا أو متروكا للمفاجآت.
___________
الجزيرة نت