حينما تتحول الكوارث الطبيعية إلى وقود لنظريات المؤامرة
ضرب إعصار ميلتون الساحل الغربي لولاية فلوريدا في 9 أكتوبر/تشرين الأول برياح بلغت سرعتها 160 كيلومترا في الساعة، ليصبح ثاني إعصار قوي يضرب هذه الولاية الأميركية في ظرف أسبوعين فقط، وهي سابقة تاريخية على مستوى الولايات المتحدة.
وبينما لجأ معظم ساكني الولاية إلى متابعة أخبار الأرصاد الجوية لفهم ما يحدث، انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي تفسيرات بديلة تدّعي أن الأعاصير كانت نتيجة تلاعب متعمد في الطقس، وذهب البعض إلى حد القول إن هذه الكوارث موجهة نحو استهداف ناخبي الحزب الجمهوري وفقا لصحف محلية.
ويوضح العلماء أن السبب الرئيسي في تصاعد مشكلات الأعاصير، وغيرها من الظواهر الجوية، يتعلق بتغير المناخ الذي يرفع من حالات التطرف المناخية في كل العالم.
وفي حالة الأعاصير بشكل خاص، فإنها تُبنى من الصفر اعتمادًا على درجة حرارة سطح المحيطات، ولأن متوسط درجة حرارة المحيطات يظل في ارتفاع نتيجة للتغيرات المناخية، فإن ذلك يولد أعاصير أقوى مع الزمن.
ولذلك رصد العلماء ارتفاع عدد الأعاصير من المقياس 4 و5 -تلك التي ترتفع سرعة الرياح فيها عن 200 إلى 250 كيلومترا في الساعة- من معدل 10 أعاصير في السنة في سبعينيات القرن الفائت ليصل في التسعينيات إلى 18 إعصارًا سنويا.
عدم الثقة في العلم
ويخشى العلماء من انتشار نظريات المؤامرة المناخية حول العالم، فكلما زاد عدد الأشخاص الذين ينسبون إلى نظريات المؤامرة المتعلقة بالمناخ، قل احتمال تصديقهم للإجماع العلمي بشأن تغير المناخ الناجم عن أنشطة الإنسان، وقل احتمال أن يكون لديهم أي اهتمام بالبيئة، وقل احتمال ثقتهم في العلماء الذين يقدمون الأدلة.
ولكل هذا عواقب وخيمة، حيث يؤدي الإيمان بالمؤامرات التي تتعلق بالمناخ إلى دائرة مفرغة من التقاعس عن مواجهة التحديات البيئية الخطيرة، فكلما زادت قناعة الأفراد بهذه النظريات، انخفضت احتمالية تبنيهم سلوكيات صديقة للبيئة، مما يضعف دعم السياسات المناخية التي تحاول الحكومات اتباعها اليوم.
كما تمتد تأثيرات نظريات المؤامرة المرتبطة بالمناخ إلى ما هو أبعد من القضايا البيئية، إذ تهدد حتى تجانس المجتمع، وتقوّض الثقة بالمؤسسات العلمية، ويثني الأفراد عن اتباع توجيهات السلامة خلال الكوارث الطبيعية، وخير مثال على ذلك ما حدث في الإعصار الأخير حينما رفض البعض الانصياع لأوامر السلطات للإخلاء وفقا لصحف محلية في الولايات المتحدة.
ويجري ذلك على كل نطاقات المؤامرة، فمثلا أثناء جائحة كوفيد-19، تسببت نظريات المؤامرة في تخلي البعض عن الالتزام بإجراءات السلامة المتبعة، مما تسبب في آثار سلبية عليهم، وعلى المجتمع ككل.
ويرى الباحثون بهذا النطاق أن نظريات المؤامرة تمنح الناس إحساسا بالسيطرة عندما تبدو الأحداث غير مفهومة أو خارجة عن إرادتهم. وتقوم هذه النظريات على فكرة أن مجموعة صغيرة وقوية تتحكم بالأحداث الكبرى على مستوى الكوكب.
وفي تجربة مثيرة أجريت حديثا باستخدام بعض السيناريوهات الافتراضية، طُلب من مجموعة من المشاركين تخيّل أنهم يعيشون بدولة تسمى "نيبولوريا" وأُخبر نصف المشاركين بأن ثمّة كوارث طبيعية متكررة، بينما أُبلغ النصف الآخر بأنها نادرة الحدوث، فأظهرت النتائج أن المشاركين في السيناريو عالي المخاطر كانوا أكثر ميلا لتبني نظريات المؤامرة حول التلاعب بالطقس، مما يعكس كيف أن الشعور بالخطر يدفع الناس للبحث عن تفسيرات بديلة تعزز إحساسهم بالسيطرة والتحكم.