علم الأرصاد الجوية.. كيف تصبح راصدا جويا؟
تشهد السنوات الأخيرة اهتماما عربيا متزايدا بالأرصاد الجوية، لكن تحوّل هذه الهواية إلى مسار تعليمي يواجه بعض المشكلات، فهو مجال غير مشهور، ولا يعرف الكثيرون كيف يدخلونه أو ما الذي يُدرس فيه.
ويشترط عادة الحصول على درجة البكالوريوس في الأرصاد الجوية أو علوم الغلاف الجوي أو أي مجال ذي صلة للعمل في نطاق الأرصاد الجوية.
وبشكل عام، فإن بعض الجامعات تمتلك كليات متخصصة في الأرصاد الجوية، فيما تقدم جامعات أخرى برنامج الأرصاد الجوية كأحد التخصصات داخل كلية العلوم.
علم الأرصاد الجوية
ويعد علم الأرصاد الجوية فرعا من فروع علوم الغلاف الجوي، والتي تشمل كيمياء وفيزياء الغلاف الجوي والفيزياء، مع التركيز بشكل رئيسي على التنبؤ بالطقس.
ويهتم العاملون في هذا المجال بالتنبؤ بحالة الطقس بشكل أساسي، وهذا ما يعرفه الناس عنهم، لكنهم يهتمون أيضا برصد تبعات التغيرات المناخية على المجتمعات البشرية، وبالتبعية يجد هذا المجال أهمية في نطاقات أخرى مثل الطيران والنقل البري البحري ومجالات الزراعة والطاقة المتجددة والهندسة المدنية ومراقبة التلوث البيئي، مما يعطيهم إمكانية المشاركة في وضع السياسات العامة لحكومات الدول.
وتعرّف جمعية الأرصاد الجوية الأميركية المتخصص في الأرصاد الجوية بأنه شخص ذو تعليم متخصص يستخدم المبادئ العلمية لشرح وفهم وملاحظة والتنبؤ بظواهر الغلاف الجوي للأرض وكيفية تأثير الغلاف الجوي على الأرض والحياة على الكوكب.
وبشكل عام، يعد متخصصو الأرصاد الجوية مراقبين للغلاف الجوي ودارسين للخرائط وبيانات الأقمار الصناعية ومعلومات الرادار، كما أنهم يقارنون أنواعا مختلفة من بيانات الطقس من المصادر المحلية والإقليمية والعالمية.
ويعمل خبراء الأرصاد الجوية في الوكالات الحكومية والاستشارات الخاصة وخدمات البحث والمؤسسات الصناعية والمرافق، وبالطبع محطات الإذاعة والتلفزيون وفي التعليم كذلك، وفي الولايات المتحدة على سبيل المثال شغل علماء الأرصاد الجوية حوالي 10 آلاف وظيفة في عام 2018.
ماذا يدرس الطلاب في هذا النطاق؟
يهتم البرنامج الجامعي لعلم الأرصاد الجوية في كل بلاد العالم تقريبا بدراسة الهيكل الرئيسي للغلاف الجوي، بما في ذلك طبقاته وتحركات الطاقة بينها وتأثيرات التلوث والتغير المناخي وتأثير الصوبة الزجاجية، بكل ما يحمله ذلك من فروع أدق.
وفي نطاق العمليات الجوية يدرس الطالب عادة درجة الحرارة ودورة بخار الماء (الرطوبة) وثاني أكسيد الكربون وبقية الغازات في الغلاف الجوي، وبالتبعية يدرس باستفاضة ظواهر مثل الضباب والسحب وأنواعها بدرجة من التفصيل.
وإلى جانب ذلك، يدرس طلاب الأرصاد الجوية نطاقا خاصا للرياح وأنواعها وحركاتها والضغط الجوي وأثره على حركة الرياح وأنظمة الرياح الكوكبية والمحلية، والعلاقة بين المحيطات الأرضية والغلاف الجوي، إلى جانب كيفية قياس كل معايير الرياح بداية من سرعتها.
وبالطبع يهتم هذا النطاق بدراسة الطقس، فيتعلم الطالب عن حركات الكتل الهوائية ونشأة العواصف الرعدية وهطول الأمطار وطبيعتها وحركاتها وأنواع الطقس المختلفة مثل الطقس الاستوائي والظواهر الجوية المتطرفة كالأعاصير والعواصف والبرق، وهناك قسم خاص لتوقعات الطقس وكيفية بنائها.
وإلى جانب الجزء النظري فإن الدارسين في هذا النطاق يستخدمون المختبرات لتطوير مهارات الأرصاد الجوية الأساسية، مثل مراقبة الطقس المحلي، وفك تشفير ثم تفسير بيانات الأرصاد الجوية، والتنبؤ بالطقس، وكيفية دراسة التأثيرات الظاهرة للعين المجردة أو أجهزة الرصد بمختلف أنواعها في الغلاف الجوي.
وكشأن طلاب باقي التخصص يتوجب على الراغب في العمل في مجال الأرصاد الجوية أن يبحث عن فرص للتدريب أو البحث العلمي أثناء دراسته الجامعية لاكتساب الخبرة العملية في هذا المجال، فيعمل مثلا في محطات الطقس المحلية أو المؤسسات البحثية أو الوكالات الحكومية.
ويعد السعي للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه في علم الأرصاد الجوية تعزيزا للمعرفة وفتحا لأبواب متعددة تتعلق بفرص العمل، خاصة إذا كان الشخص يهدف إلى مناصب بحثية متقدمة أو أدوار تعليمية.
وإلى جانب ذلك فإن هذا المجال يتطلب تطوير مهارات رياضية وحاسوبية قوية، حيث يعتمد علماء الأرصاد الجوية بشكل كبير على النماذج الرياضية والمحاكاة الحاسوبية لتحليل أنماط الطقس وعمل التنبؤات، لذلك من الضروري أن تكون لدى الطالب مهارات رياضية قوية وأن يكون بارعا في لغات البرمجة المستخدمة بشكل شائع في علم الأرصاد الجوية، مثل بايثون أو ماتلاب.
أضف إلى ذلك أن علم الأرصاد الجوية هو مجال دائم التطور مع ظهور تقنيات وأبحاث جديدة بانتظام، مما يفرض على الطلاب والعاملين في المجال البقاء على اطلاع على أحدث التطورات من خلال حضور المؤتمرات وورش العمل والندوات حتى لو عبر الإنترنت وقراءة المؤلفات العلمية.
كذلك، فإن بناء علاقات قوية مع محترفين آخرين في هذا المجال من خلال الانضمام إلى المنظمات المهنية وحضور الأحداث المهمة والمشاركة في المنتديات ومجموعات المناقشة المتعلقة بالأرصاد الجوية يمكن أن يوفر فرص عمل قوية وأوجه تعاون ومعرفة محدثة بالنطاق.