التفاعل بين الدخان والطقس يزيد حرائق الغابات وتلوث الهواء

وجد الفريق أن الاختلافات قصيرة المدى في عوامل الأرصاد الجوية الرئيسية هي عوامل تحفز حرائق الغابات الشديدة
الاختلافات القصيرة المدى في عوامل الأرصاد الجوية الرئيسة تحفز حرائق الغابات الشديدة (شترستوك)

على مدى العقود العديدة الماضية، نمت حرائق الغابات في تواترها وشدتها في جميع أنحاء العالم، وأظهرت دراسة جديدة أن الدخان الناجم عن حرائق الغابات يمكن أن يغير الطقس ويجعل الحرائق أكثر تدميرا.

ويمكن استخدام النتائج للمساعدة في توجيه إستراتيجيات التخفيف من حرائق الغابات.

ففي الدراسة التي نشرت يوم الثاني من فبراير/شباط الجاري في دورية "ساينس" (Science) استخدم باحثون نموذجا مقترنا للأرصاد الجوية والكيمياء ومجموعات بيانات الرصد ووجدوا أن الاختلافات القصيرة المدى في عوامل الأرصاد الجوية الرئيسة مثل الرطوبة وسرعة الرياح وهطول الأمطار هي عوامل تحفز حرائق الغابات الشديدة.

وأكدت الدراسة الآثار المدمرة للدخان الناجم عن حرائق الغابات الكبيرة على أنماط الطقس في مناطق بأكملها.

وتروي الدراسة أحداث واحد من أكثر الحرائق تدميرا في الولايات المتحدة، وتثير ملاحظة تحذيرية أوسع حول الطرق غير المتوقعة التي يمكن أن تتفاعل بها الحرائق مع رياح ومياه الغابات الساحلية.

استخدم الباحثون نموذجا مقترنا للأرصاد الجوية والكيمياء ومجموعات بيانات الرصد
حسب مؤلفي الدراسة فإن التأثيرات الإشعاعية لهباء الدخان يمكن أن تعدل الرياح القريبة من السطح وتسبب جفاف الهواء (شترستوك)

فرصة نادرة

حظي المؤلفون بفرصة نادرة لمراقبة العلاقة الحرجة بين الدخان وحالة الطقس عندما اندلع حريق هائل في شمال كاليفورنيا في صيف عام 2020.

كان هذا الحريق هائلا، نشأ عندما أشعل البرق 4 حرائق غابات أصغر تقاربت طوال شهر أغسطس/آب من عام 2020، وظلت الحرائق مشتعلة طوال 4 أشهر، مستعرة على أكثر من مليون فدان، وفقا للدراسة.

وقال المؤلف المشارك في الدراسة ستيفن ديفز -الأستاذ المشارك في قسم علوم الأرض في جامعة كاليفورنيا في إيرڤين (UC, Irvine)- إن حرائق الغابات الشديدة تهدد حياة البشر ونوعية الهواء والنظم البيئية. وتضطلع الأرصاد الجوية بدور حيوي في رصد حرائق الغابات، وقد تمت دراسة الروابط بين حرائق الغابات والمناخ على نطاق واسع.

وأضاف ديفز في تصريح للجزيرة نت "أظهرنا في الدراسة أهمية البيانات الناتجة من دراسة الآثار الشاملة للحرائق الشديدة في أنظمة المناخ المسماة مناخ البحر الأبيض المتوسط، والرياح الموسمية في الساحل الغربي للولايات المتحدة وجنوب شرقي آسيا".

وتابع "وجدنا أن التأثيرات الإشعاعية لهباء الدخان يمكن أن تعدل الرياح القريبة من السطح، وتتسبب بجفاف الهواء، وهطول الأمطار، ومن ثم تفاقم تلوث هذا الهواء من خلال تعزيز انبعاثات الحرائق وإضعاف تشتت الدخان".

واستطرد "تتفاعل حرائق الغابات مع الدخان وحالة الطقس بطريقة تؤدي إلى زيادة تلوث الهواء".

ووجد الفريق أن الدخان المتصاعد من النار كان شديدا لدرجة أنه أدى إلى تعتيم الشمس، وتسبّب في خفض إنتاج الطاقة الشمسية في كاليفورنيا بنسبة تصل إلى 30%.

أكدت الدراسة على الآثار المدمرة للدخان الناجم عن حرائق الغابات الكبيرة على أنماط الطقس في مناطق بأكملها
الدراسة أكدت الآثار المدمرة للدخان الناجم عن حرائق الغابات الكبيرة على أنماط الطقس في مناطق بأكملها (شترستوك)

مزيج خطر

وحسب مؤلفي الدراسة، عندما غطى الدخان على النار خلق طبقة سميكة وكثيفة من السخام المجهري الذي يحبس الحرارة ويمنع أشعة الشمس من الوصول إلى الأرض، وهذا المزيج من الجو الحار والأرض المظللة خلق طبقة حرارية غير مستقرة.

ومع تصاعد الدخان الساخن بسرعة على طول جبهة النار العريضة، اجتذب الرياح القوية التي تهب من الشرق، وغذت بدورها النار المتصاعدة، فأدى ذلك إلى إنتاج مزيد من الدخان، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (EurekAlert).

أفضى ذلك إلى تكوين أنماط مناخية جديدة تسببت في تكثيف الرياح، وتجفيف الأرض الموجودة تحتها وزيادة إشعال النار. ومع ذلك، كانت هذه النتائج خاصة بمناخ البحر الأبيض المتوسط في كاليفورنيا، والدول الأوروبية مثل إسبانيا، التي تقع على الحدود الجبلية بين اليابسة الحارة والجافة والمحيط البارد.

وفي البر الرئيسي لجنوب شرقي آسيا، وجد الفريق أن الدخان أدى إلى تدمير مماثل بوسائل مختلفة. ففي الحرائق التي اندلعت في جميع أنحاء المنطقة في عام 2004 وجد الباحثون النتيجة المعاكسة، إذ تفاعل الدخان المتصاعد من الحرائق مع الهواء الرطب في موسم الرياح الموسمية لتكوين العواصف الرعدية.

وأشار المؤلفون إلى أن التقنيات الجديدة للاستشعار عن بعد والكشف عن المواد الكيميائية والحوسبة الفائقة جعلت من الممكن أكثر من أي وقت مضى تحديد المناطق الأكثر عرضة للحرائق، حيث يمكن التنبؤ المبكر وتجنب بعض حرائق الغابات الشديدة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية + يوريك ألرت