سرعة تعافي الصدوع.. دليل جديد في سباق التنبؤ بالزلازل الكبرى

متى وأين سيضرب الزلزال المقبل؟ سؤال شغل العلماء وأثار خوف العامة خاصة بعد الزلزال العنيف الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في 6 فبراير/شباط الجاري، وحدوث زلزالين آخرين في نفس المنطقة أمس الاثنين، فهل نتوقع المزيد من الزلازل في مناطق أخرى بالإقليم، أو أن الأرض ستستقر؟
فيزياء بسيطة وآلية جديدة
وعلى الرغم من عدم وجود آلية واضحة وموثوقة للتنبؤ بموعد حدوث الزلازل، فإن مجموعة من الباحثين في جامعة تكساس في أوستن (University of Texas at Austin) توصلوا إلى أدلة جديدة قد تساعد في ترجيح أماكن حدوث الزلازل الكبيرة، معتمدين على النظرية الفيزيائية القائلة إن الجهد اللازم لتحريك جسم ساكن، أكبر من الجهد اللازم لتحريك جسم متحرك، وقد نشروا نتائج بحثهم في دورية "ساينس" (Science) في 16 فبراير/شباط الجاري.
واكتشف باحثون في الجامعة أن ظاهرة الاحتكاك يمكن أن تكون مفتاحا لفهم متى وكيف تتحرك الصدوع بعنف، ومدى سرعة ارتباط أسطح الصدع ببعضها بعضًا -أو الشفاء- بعد الزلزال، حيث من المرجح أن يتحرك جانبَا الصدع الذي يكون بطيئا في الالتئام دون ضرر، بينما يصمد الصدع الذي يتعافى بسرعة حتى ينكسر في زلزال كبير مدمر.
ويذكر البيان الصحفي الذي نشره موقع "يوريك ألرت" (Eurek Alert) أن الاكتشاف يمكن أن يكون مفتاحا لفهم متى وكيف تتحرك الصدوع بشكل عنيف، وبالرغم من أن هذا وحده لن يسمح للعلماء بالتنبؤ متى سيضرب الزلزال الكبير التالي -حيث إن القوى الكامنة وراء الزلازل الكبيرة معقدة للغاية- فإنه يمنح الباحثين طريقة جديدة للتحقيق في أسباب واحتمالية حدوث زلزال كبير ومدمر.
وقال الباحث المشارك في الدراسة ديميان سافير، مدير معهد جامعة تكساس للجيوفيزياء في البيان الصحفي "يجب تطبيق نفس الفيزياء والمنطق على جميع أنواع الصدوع المختلفة في جميع أنحاء العالم. فمن خلال العينات الصحيحة والملاحظات الميدانية، يمكننا الآن البدء في وضع تنبؤات قابلة للاختبار حول حجم ومدى تكرار أحداث الانزلاق الزلزالي الكبيرة في الصدوع الرئيسية الأخرى، مثل كاسكاديا في شمال غرب المحيط الهادي".
اختبار سرعة التعافي
لإثبات صحة نظريتهم، ابتكر الباحثون اختبارا يجمع بين صخور مأخوذة من موقع سبقت دراسته من صدع زلزالي قبالة سواحل نيوزيلندا ونموذج حاسوبي، وقاموا بحساب احتمالية حدوث نوع غير مدمر من الزلازل "البطيئة" كل بضع سنوات، نظرا لأن الصخور داخل هذا الصدع "بطيئة الالتئام" غنية بالطين.
واستخرج الباحثون الصخور المراد دراستها من على عمق 800 متر تحت قاع البحر، ثم قاموا بضغط هذه الصخور في مكبس هيدروليكي ووجدوا أنها كانت بطيئة جدا في التعافي وانزلقت بسهولة، وعندما قاموا بإدخال بيانات الصخور في نموذج حاسوبي للصدع، كانت النتيجة هزة صغيرة بطيئة الحركة كل عامين، وهذه النتيجة تتطابق تقريبا مع بيانات مراقبة صدع نيوزيلندا.
يعتقد الباحثون بناء على ذلك أن الصخور الغنية بالطين والتي تكون شائعة في العديد من الصدوع الكبيرة يمكن أن تنظم الزلازل من خلال السماح للألواح بالانزلاق بهدوء فوق بعضها بعضًا، مما يحد من تراكم الإجهاد، ويمكن استخدام هذا الاكتشاف لتحديد إمكانية انزلاق الصدوع في زلازل كبيرة ومدمرة، كما قال رئيس فريق الدراسة المشارك سريشاران شريدهاران، الباحث المشارك في معهد جامعة تكساس للجيوفيزياء والأستاذ المساعد في جامعة ولاية يوتا (Utah State University).
ويؤكد شريدهاران أيضا أن "هذا لا يقربنا من التنبؤ الفعلي بالزلازل، لكنه يخبرنا ما إذا كان من المحتمل أن ينزلق الصدع بصمت مع عدم وجود زلازل، أو احتمالية حدوث زلازل كبرى".