الآلات الزراعية التي تعمل بالغاز تُفقد التربة الكربون وتعيده للغلاف الجوي
تحتوي التربة العالمية على كمية من الكربون تزيد مرتين إلى 3 مرات عن الغلاف الجوي، وتؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تسريع عملية التحلل، مما يقلل من الوقت الذي يقضيه الكربون في التربة، والذي يعرف "بمعدل دوران كربون التربة".

يعمل ترسب النيتروجين في الغلاف الجوي على إثراء التربة بالمخصبات التي تؤدي إلى زيادة إنتاجية النبات والتأثير على النشاط الميكروبي، ومن ثم زيادة الكربون العضوي للتربة، ولكن هذه الاستجابات تختلف حسب نوع الأراضي ونوعية الممارسات الزراعية المتبعة.
وتسهم الممارسات الزراعية، وعمليات التصنيع المرتبطة بها، في حرق الوقود الأحفوري الذي يطلق النيتروجين في الهواء. ونتيجة لذلك، تضاعفت مستويات النيتروجين في الغلاف الجوي للأرض 3 مرات منذ عام 1850.
وفي دراسة جديدة -نشرت في الأول من فبراير/شباط الجاري في دورية "غلوبال تشينج بيولوجي" (Global Change Biology)- قال باحثون إن النيتروجين الذي تطلقه الآلات المستخدمة في الزراعة، التي تعمل بالغاز تتسبب في تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري عبر دفع التربة الجافة إلى التخلص من الكربون، ومن ثم إعادة إطلاقه في الغلاف الجوي.

دورة كربون التربة
تغطي الأراضي الجافة نحو 45% من مساحة اليابسة، وتختزن قرابة 33% من الكربون العضوي في أعلى متر من طبقة التربة. وتحتوي التربة العالمية على كمية من الكربون تزيد مرتين إلى 3 مرات عن الغلاف الجوي، وتؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تسريع عملية التحلل، مما يقلل من الوقت الذي يقضيه الكربون في التربة، والذي يعرف "بمعدل دوران كربون التربة".
ويمكن أن يؤثر التسميد بالنيتروجين بشكل غير متناسب على دورة الكربون. ووفقا للدراسة، فإنه في كثير من الحالات يمكن أن يؤثر النيتروجين على العمليات الحيوية للتربة، التي تؤثر بدورها على كيفية تخزينها للكربون. وتتضمن هذه العمليات تعزيز نمو النبات، وكذلك إبطاء الميكروبات التي تساعد على تحلل الكائنات الميتة في التربة.
يقول المؤلف الرئيسي للدراسة يوهان بوشبوك، طالب الدراسات العليا في العلوم البيئية في جامعة كاليفورنيا ريفرسايد (University of California, Riverside)، في تصريح للجزيرة نت "يقدر إطلاق 230 مليار طن من الكربون عند ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مئويتين أعلى من مستويات ما قبل الصناعة، وهو أكثر من 4 أضعاف إجمالي الانبعاثات من الصين، وأكثر من ضعف الانبعاثات من الولايات المتحدة الأميركية، على مدى الأعوام الـ100 الماضية".
وأوضح بوشبوك أن النتائج تشير أيضا إلى حدوث خسائر كبيرة في الكربون في التربة بسبب تغير المناخ عند ارتفاع درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين فقط، وهذا لا يشمل حتى فقدان الكربون في التربة الصقيعية الأعمق.
ووفقا للباحث، فإن الفريق توقع أن استخدام النيتروجين سمادا للنباتات سوف يؤدي إلى تعزيز نمو النبات وكذلك النشاط الميكروبي، ومن ثم زيادة الكربون الذي يتم ضخه في التربة.
لكن الفريق وجد أنه في ظل ظروف معينة، يتسبب النيتروجين الزائد في تحمض تربة الأراضي الجافة وترشيح الكالسيوم المرتبط بالكربون، ثم يترك العنصران التربة معا.

التلوث النيتروجيني
يعد النيتروجين عنصرا مهما تحتاجه النظم البيئية، إضافة إلى المواد المغذية الأخرى لامتصاص التلوث الناتج عن ثاني أكسيد الكربون، إلا أن هناك قدرا محدودا من النيتروجين يمكن الحصول عليه من النباتات والتربة.
للوصول إلى نتائج الدراسة، أخذ فريق البحث عددا من العينات من تربة بعض المواقع من المحميات البيئية بالقرب من مدينتي سان دييغو وإيرفين، وهي مواقع تتسم تربتها بالجفاف، وتم تخصيبها بالنيتروجين سابقا في تجارب طويلة الأمد. وسمح لهم ذلك بمعرفة كمية النيتروجين المضافة بدقة، وتفسير أي تأثيرات لاحظوها، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد.
تتسم تربة الأراضي الجافة -مثل تربات مدينتي سان دييغو وإيرفين اللتين أجريت فيهما التجارب- بقدرة محدودة على الاحتفاظ بالرطوبة، وانخفاض مستويات المواد العضوية. ويشير المؤلفون إلى أن إحدى النتائج البارزة التي توصلوا إليها هي رصد حالات من التلوث بالنيتروجين في التربات الجافة غير المشغولة بالنباتات، التي تتمتع بنشاط جرثومي منخفض.
ويأمل الفريق أن تسلط الدراسات المستقبلية مزيدا من الضوء على مقدار تأثر تربة الأراضي الجافة بالتلوث بالنيتروجين، لتوفير مزيد من المعلومات حول مدى انتشار تأثيرات التحميض، وكيف تعمل في ظل ظروف غير مألوفة لترسب النيتروجين.