على مسافة 6300 تريليون كلم تقريبا.. جيمس ويب يجد أبرد وأبعد قطع جليدية في الكون

جانب من السحابة الجزيئية "مركب الحرباء" حيث وجد العلماء أقدم وأبرد قطع جليدية (ناسا)

تمكن فريق بحثي، بقيادة علماء من جامعة "لايدن" (Leiden University) الهولندية، من الكشف عن تراكيب جليدية معقدة في سحابة نجمية تبعد عن الأرض بنحو 6300 تريليون كيلومتر، وبذلك تكون أبعد المركبات المكتشفة من هذا النوع.

دقة جيمس ويب

وللتوصل إلى تلك النتائج التي نشرت في دورية "نيتشر أسترونومي" (Nature Astronomy)، فقد استخدم العلماء بيانات قادمة من التلسكوب الفضائي جيمس ويب، بعد توجيهه لدراسة أحد أجزاء سحابة جزيئية سميت "مركب الحرباء" (Chamaeleon complex). وتحتوي هذه السحابة النجمية على 3 سدم ويبلغ عمرها مليوني عام.

وبحسب الدراسة، فإن هذه السحابة احتوت على قطع جليدية وصلت درجة حرارتها إلى 258 مئوية تحت الصفر، يمر خلالها ضوء نجم يقع في خلفيتها يسمى "نير 38" (NIR 38)، وهو ما نقل مكونات هذا الجليد إلى كاميرا "نيركام" (NIRCam) على متن تلسكوب جيمس ويب، إلى جانب دعم من كاميرتي "ميري" (MIRI) و"نيرسبيك" (NIRSpec).

وحينما ينفذ ضوء هذا النجم خلال قطع الجليد في سحابة الحرباء، فإن مكونات الجليد تترك ما يشبه البصمة الكيميائية على شعاع الضوء، ويمكن للعلماء قراءتها بدرجة كبيرة من الدقة.

وفي حالة جيمس ويب -تحديدا- فإن مزيدا من الدقة بهذه القياسات ينتج عن إجرائها في نطاق الأشعة تحت الحمراء، حيث تمتلك الجزيئات الموجودة في بنية هذا الجليد الفضائي أكبر عدد من البصمات الطيفية ضمن هذا النطاق الكهرومغناطيسي.

التداخل بين عمل كاميرات جيمس ويب الثلاث ساعد على تقديم أفضل تفصيل ممكن لهذه السحابة (ناسا)

حديقة من المركبات الكيميائية

وبحسب الدراسة الجديدة، فقد تمكن الفريق من رصد صور مجمدة لمجموعة واسعة من الجزيئات إلى جانب ثاني أكسيد الكربون في هذه السحابة، منها على سبيل المثال لا الحصر كبريتيد الكربونيل، والأمونيا، والميثان، والميثانول.

وإلى جانب ذلك، وجد الفريق دليلا على وجود جزيئات أكثر تعقيدا من الميثانول، مما يثبت لأول مرة أن المركبات الكيميائية المعقدة يمكن أن تتشكل في الأعماق الجليدية للسحب الجزيئية قبل أن تولد النجوم، على عكس الشائع بين العلماء في هذا النطاق، وهو أن ميلاد النجوم هو ما يحفز تكون تلك المركبات.

وبحسب بيان صحفي رسمي صادر من وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) يوم 23 يناير/كانون الثاني الماضي، فإن هذه الملاحظات تفتح نافذة جديدة على الكيفية التي نشأت بها المركبات العضوية البسيطة والمعقدة اللازمة لصنع اللبنات الأساسية للحياة.

يعد جيمس ويب أداة واعدة لدراسة فجر الكون المبكر (ناسا)
البحث جزء من مشروع ضخم يسمى "آيس إيدج" (Ice Age)، وهو أحد برامج "جيمس ويب" البالغ عددها 13 (ناسا)

لماذا يعد الجليد مهما؟

وبشكل عام، فإن العلماء يعتبرون الجليد عنصرا حيويا في نشأة المجموعات الشمسية التي تشبه مجموعتنا، لأن الجليد هو المصدر الرئيسي للعديد من العناصر الأساسية، وهي الكربون، والهيدروجين، والأكسجين، والنيتروجين، والكبريت.

ووجود هذه العناصر في السحابة السابقة لتكون الكواكب يمثل أرضا خصبة لبناء مركبات عضوية معقدة مستقبلا يعتقد العلماء أن لها دورا في تركيب صور الحياة المختلفة.

لهذا السبب يُعتقد أن جيمس ويب له أهمية شديدة في تطوير فهم العلماء أسرار الجليد الساكن في السحب النجمية. وفي الحقيقة، فإن هذا البحث جزء من مشروع ضخم يسمى "آيس إيدج" (Ice Age)، وهو أحد برامج جيمس ويب البالغ عددها 13 برنامجا، ويهدف لدراسة صور الجليد في الفضاء.

المصدر : مواقع إلكترونية + ناسا