إعادة استخدام ركام المباني لبناء أخرى أصبح ممكنا
واحدة من أكبر المشكلات التي تواجه عالمنا المعاصر بقايا المباني الخرسانية، سواء تلك التي تهدمت بفعل الكوارث الطبيعية كالزلازل، أو بسبب الحروب كما يحصل في غزة من استهداف مباشر لبيوت الأبرياء العزل، أو حتى تلك المنازل التي حصلت على أمر إخلاء لأنها باتت قديمة ويجب هدمها قبل أن تقع على رؤوس قاطنيها.
وغالبا ما تُنقل تلك القطع الخرسانية المهدمة إلى مكبات النفايات، أو على الأقل تستخدم في بناء أنواع محددة من الطرق. لكن فريقًا من جامعة فليندرز الأسترالية وجد حلا لهذه المشكلة، حيث تمكن من إعادة استخدام الركام الخشن لإنتاج خرسانة قوية ومتينة وقابلة للتشغيل.
وبحسب الدراسة التي نشرها هذا الفريق في دورية "ريسورسز كونزيرفيشن آند ريسايكلينغ"، فإن المكوّن الأساسي الذي ساهم في إنجاح هذه الفكرة العلمية هو كمية صغيرة من مادة الغرافين.
وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن استخدام محلول غرافين منخفض التركيز مع الركام الخرساني الخشن المعاد تدويره، أنتج خرسانة تتفوق على الركام المعاد تدويره غير المعالج بالغرافين في القوة والمتانة والقدرة على التحمل.
وفي بيان رسمي من جامعة فليندرز الأسترالية منشور على موقع يوريك ألرت، يشير الباحثون إلى أن السعر الحالي المرتفع للغرافين يقف حائلا أمام تحقيق توسع كبير في هذه التقنية الجديدة، إلا أن اكتشاف المزيد من رواسب المكونات التي يصنع منها الغرافين يدفع سعره للانخفاض يوما بعد يوم، وخلال فترة قصيرة يمكن أن يُستخدم على مقاييس كبيرة.
مشكلة عالم معاصر
وتفيد هذه الطريقة الجديدة في جانبين غاية في الأهمية، الأول هو الطلب المتزايد على الخرسانة حول العالم بسبب تحول العديد من سكان المناطق الريفية للسكن في المدن في العديد من الدول، والأهم هو تقليل البصمة الكربونية الثقيلة لهذا النوع من النفايات.
ومن المتوقع توليد نحو 2.59 مليار طن سنويا من نفايات البناء والتشييد بحلول عام 2030 على مستوى العالم، كما يُتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 3.4 مليارات طن بحلول عام 2050.
وفي الوقت نفسه، يتطلب إنتاج الخرسانة استخراج كمية كبيرة من الموارد الطبيعية، مما يسبب مشاكل بيئية خطيرة، كما أن عملية تصنيعها تتسبب بنفث ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وهي في هذا السياق مسؤولة عن 8% من نفث غازات الدفيئة في الغلاف الجوي.
ولهذه الأسباب فإن نطاق إعادة استخدام النفايات الخرسانية نشط حاليا في سياق اقتصاد عالمي يتوجه نحو الاستدامة. لكن رغم ذلك تشير الأعمال البحثية في هذه النطاقات إلى ضرورة رفع قدر الإنفاق على البحث العلمي، لأن التقدم وإن كان يحصل بالفعل فإنه بطيء مقارنة بتسارع ارتفاع متوسط درجات الحرارة في الغلاف الجوي.