ممارساتنا الخاطئة في تربية النحل تضر بها
أظهر بحث جديد قام به باحثون بجامعة ليدز البريطانية أن نحل العسل في خلايا النحل التي صنعها الإنسان ربما كان يعاني لأكثر من قرن من الزمان من البرد دون داع، وذلك لأن تصميمات الخلايا التجارية تعتمد على علم خاطئ.
التصميم السيئ للخلايا
وكما يقول الباحث الرئيسي في الدراسة ديريك ميتشيل في مقال له على موقع "ذا كونفرسيشن"، فإنه ولمدة 119 عاما كان الاعتقاد بأن الطريقة التي يتجمع بها نحل العسل في أوقات البرد يعد أمرا أساسيا لممارسة تربية النحل وتصميم الخلية ودراسة نحل العسل.
لكن الدراسة الجديدة التي نشرت في دورية "جورنال أوف ذا رويال سوسيتي إنترفيس"، تظهر أن التجمع هو سلوك مزعج وليس رد فعل حميدا على انخفاض درجات الحرارة، وأن التصميم السيئ للخلية يعد بمثابة قسوة في معاملة النحل، لذلك فإن الباحث يدعو إلى مزيد من النقاش حول المعاملة الأخلاقية للحشرات، بحسب ما أشار إليه البيان الصحفي للدراسة الصادر عن الجامعة.
وكما يشير الباحث في المقال فإن مستعمرات نحل العسل في البرية، تقضي الشتاء في تجاويف الأشجار التي تحافظ على الأقل على بعض أعدادها فوق 18 درجة مئوية في نطاق واسع من المناخات، بما في ذلك 40 درجة مئوية تحت الصفر في الشتاء.
وبينما تُبنى خلايا النحل الخشبية من ألواح رفيعة (19 ملم)، فإن خلايا النحل هذه التي يصنعها الإنسان لها خصائص حرارية مختلفة تماما مقارنة بالبيئة الطبيعية لمستعمرات النحل في تجاويف الأشجار ذات الجدران السميكة (150 ملم).
اجتياز فصل الشتاء
في الأيام الباردة في هذه الخلايا ذات الجدران الرقيقة، تشكل المستعمرات أقراصا كثيفة من النحل تسمى العنقود بين أقراص العسل، ويكون مركز هذه الأقراص (اللب) أقل كثافة وأكثر دفئًا (تصل إلى 18 درجة مئوية).
هذا هو المكان الذي يُنتج فيه نحل العسل معظم الحرارة عن طريق تناول واستقلاب السكر من العسل. وتُنتج الطبقات الخارجية الأكثر برودة (الوشاح) حرارة قليلة جدًا لأن درجات حرارة جسم النحل منخفضة جدا. وإذا انخفضت درجة الحرارة إلى أقل بكثير من 10 درجات مئوية فسيموت النحل هناك.
ومنذ عام 1914، قالت نصوص تربية النحل والأبحاث الأكاديمية إن الوشاح "يَعزل" النواة الداخلية للخلية، وهذا يعني أن مربي النحل رأوا أن التجمع سلوك طبيعي أو حتى ضروري. وقد استُخدم هذا الاعتقاد لتبرير إبقاء نحل العسل في خلايا ذات جدران رقيقة حتى في المناخات التي تصل إلى 30 درجة مئوية تحت الصفر، وقد أدى ذلك أواخر الستينيات في كندا، إلى ممارسة حفظ نحل العسل في مخزن بارد (4 درجات مئوية) لإبقائه متجمعا خلال فصل الشتاء.
الكفاح من أجل الدفء
ومع ذلك، وجدت الدراسة أن التجمع ليس غطاء سميكا للتدفئة، ولكنه أشبه بصراع يائس للاقتراب من الموت. والجانب الإيجابي الوحيد هو أن الوشاح يساعد في إبقاء النحل بالقرب من الخارج على قيد الحياة.
ومع انخفاض درجة الحرارة خارج الخلية، يدخل النحل الموجود حول الوشاح في حالة توقف منخفض الحرارة ويتوقف عن إنتاج الحرارة، حيث ينضغط الوشاح عندما يحاول النحل البقاء فوق 10 درجات مئوية.
ويزيد اقتراب نحل الوشاح من بعضها البعض من التوصيل الحراري بينها، حيث تحاول الحرارة دائما الانتقال من منطقة أكثر دفئا إلى منطقة أكثر برودة. ويزداد معدل تدفق الحرارة من لب تجمع النحل إلى نحل الوشاح، مما قد يساعد على إبقاء النحل في الجزء الخارجي من التجمع عند درجة حرارة 10 درجات مئوية.
وكما يقول الباحث في مقاله فقد أغفل الأكاديميون ومربو النحل الدور الذي تلعبه الفجوة الهوائية غير المرئية بين الخلية وعنقود النحل، وأن الجدران الخشبية الرقيقة لخلايا النحل التجارية لا تمثل أكثر من مجرد حدود بين الفجوة الهوائية والعالم الخارجي، وهذا يعني أنه كي تكون جدران الخلية فعالة، يجب أن تكون عازلة بشكل كبير، مثل أن تكون بسمك 30 ملم على الأقل.
ويضيف أنه مع ظهور أدلة متزايدة على أن الحشرات تشعر بالألم، فإننا بحاجة ماسة إلى تغيير ممارسات تربية النحل لتقليل وتيرة ومدة التجمع في أوقات البرد.