باحثون من جامعة كاليفورنيا: النباتات تتعاطى مسكنا للألم تماما مثل البشر

نعلم أن النباتات والحيوانات تتعرض لضغوط متزايدة من عالم يزداد احترارا، وليس من الواضح عدد الأنواع التي ستتمكن من البقاء على قيد الحياة مع استمرار ارتفاع متوسط درجات الحرارة.

الأمر يشبه استخدام النباتات مسكنا للأوجاع والآلام تماما كما يفعل البشر (غيتي)

مؤخرا اكتشف باحثون من جامعة كاليفورنيا ريفرسايد University of California, Riverside (UCR) أن النباتات تفعل شيئا مشابها حيث أنها تكون قادرة على إنتاج الأسبرين الخاص بها عندما تكون تحت ضغط من المخاطر المحيطة بها.

وتلقي الدراسة الجديدة التي نشرت في دورية ساينس أدفانسز Science Advances نظرة فاحصة على آلية الدفاع عن النفس في النباتات، وكيف يتم تنظيم إنتاج المستقلب النشط للأسبرين المتمثل بـ حمض الساليسيليك.

تنتج النباتات الأسبرين الخاص بها عندما تكون تحت ضغط من المخاطر المحيطة بها (جامعة كاليفورنيا ريفرسايد)

هرمون الوقاية من الضغوط البيئية

ووفقا للبيان الصحفي الذي نشر على موقع جامعة كاليفورنيا ريفرسايد في 12 يوليو/ تموز الماضي فإن النباتات قادرة على حماية نفسها من المخاطر البيئية مثل الحشرات والجفاف والحرارة عن طريق إنتاج حمض الساليسيليك، المعروف أيضا باسم الأسبرين. وأوضح عالم الوراثة النباتية جين-تشينغ وانغ أن فهم هذه العملية قد يساعد النباتات على النجاة من الإجهاد المتزايد الناجم عن تغير المناخ. وقال وانغ "نود أن نكون قادرين على استخدام المعرفة المكتسبة لتحسين مقاومة المحاصيل" وأضاف "سيكون هذا أمرا حاسما لإمدادات الغذاء في عالمنا الحار بشكل متزايد".

درس الباحثون نباتا نموذجيا يسمى أرابيدوبسيس Arabidopsis وهو نبات عشبي معمر وينتمي إلى الفصيلة الكرنبية أو عائلة الخردل وهو أحد الكائنات الحية النموذجية المستخدمة في دراسة بيولوجيا النبات وأول نبات يتسلسل جينومه بالكامل. ويأمل الباحثون في تطبيق فهمهم لاستجابات الإجهاد في خلايا هذا النبات على العديد من أنواع النباتات الأخرى، بما في ذلك تلك المزروعة من أجل الغذاء.

تؤدي الضغوط البيئية إلى تكوين أنواع الأكسجين التفاعلية أو أنواع الأكسجين التفاعلية في جميع الكائنات الحية التفاعلية (Reactive Oxygen Species). وتتمثل إحدى الأمثلة التي قد تكون على دراية بها عزيزي القارئ بحروق الشمس والنمش على بشرتك عندما تقضي وقتا طويلا في التعرض لأشعة الشمس المباشرة دون استخدام أي واقي من الشمس. وتعتبر المستويات العالية من أنواع الأكسجين التفاعلية في النباتات قاتلة.

استخدم الباحثون نبات أرابيدوبسيس Arabidopsis كنبات نموذجي للتجارب (جامعة كاليفورنيا ريفرسايد)

أما في حالة النباتات، فتشمل هذه الضغوط الحشرات غير الصديقة والجفاف والحرارة الزائدة. وفي حين أن المستويات العالية من أنواع الأكسجين التفاعلية في النباتات يمكن أن تكون قاتلة، في حين أنه عند المستويات المنخفضة تلعب أنواع الأكسجين التفاعلية وظيفة مهمة في الخلايا النباتية. وأوضح وانج: "في المستويات غير المميتة، تشبه أنواع الأكسجين التفاعلية نداء طارئ للعمل، مما يتيح إنتاج هرمونات وقائية مثل حمض الساليسيليك".

جزيء الإنذار الأولي

اكتشف فريق البحث أن الحرارة، أو أشعة الشمس المستمرة، أو الجفاف تتسبب في قيام جهاز صنع السكر في الخلايا النباتية بتوليد جزيء إنذار أولي يعرف باسم MEcPP. وهكذا ركز الباحثون على معرفة المزيد عن هذا الجزيء الذي يتم إنتاجه أيضا في كائنات حية مثل البكتيريا وطفيليات الملاريا.

وتجدر الإشارة ألى أن تراكم هذا الجزيء في النباتات يؤدي إلى إنتاج حمض الساليسيليك، والذي بدوره يبدأ سلسلة من الإجراءات الوقائية في الخلايا. يحمي الحمض البلاستيدات الخضراء للنباتات ، والتي هي موقع البناء الضوئي، وهي عملية استخدام الضوء لتحويل الماء وثاني أكسيد الكربون إلى سكريات من أجل الطاقة.

هذه المعرفة يمكن أن تساعدنا في تعديل النباتات لتكون أكثر مقاومة للمخاطر البيئية في المستقبل (غيتي إيميجز)

تقول عالمة الأحياء النباتية فيلهيلمينا فان دي فين من جامعة كاليفوريا، ريفرسايد في البيان الصحفي "يشبه الأمر استخدام النباتات مسكنا للأوجاع والآلام تماما كما نفعل نحن".
وقال كاتايون ديهش رئيس فريق البحث، وأستاذ الكيمياء الحيوية الجزيئية المتميز في جامعة كاليفورنيا، ريفرسايد "تتجاوز هذه التأثيرات طعامنا. حيث تقوم النباتات بتنظيف الهواء عن طريق عزل ثاني أكسيد الكربون، وتوفر لنا الظل، وتوفر موطنا للعديد من الحيوانات".

المصدر : ساينس أدفانسز + ساينس ألرت + مواقع إلكترونية