نهاية أغسطس الجاري.. ناسا تطلق أول مهمة من نوعها لدراسة بيولوجيا الفضاء السحيق

سيتم جمع البيانات حول مستويات الإشعاع ونمو الخميرة والتمثيل الغذائي وتخزينها على متن المركبة الفضائية ثم نقلها إلى الفريق العلمي مرة أخرى على الأرض.

المعالجة النهائية تمهيدا لإطلاق مركبة "أوريون" الفضائية نحو القمر (ناسا)

يعيش رواد الفضاء في بيئة قاسية جدا على متن محطة الفضاء الدولية، ويدورون فوق الأرض في حالة انعدام الوزن للجاذبية الصغرى، ويعتمدون على بعثات الشحن التجارية كل شهرين تقريبا لإمدادهم بالتموينات ولإجراء تجارب جديدة.

مع ذلك، فإن المحطة محمية نسبيا من الإشعاع الفضائي. ويحمي المجال المغناطيسي للأرض طاقم المحطة من الكثير من الإشعاع الذي يمكن أن يدمر الحمض النووي في خلايا رواد الفضاء ويؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة.

وعندما ينطلق رواد الفضاء المستقبليون في رحلات طويلة أعمق في الفضاء، فإنهم سيغامرون بالعيش في بيئات إشعاعية أكثر خطورة وسيحتاجون إلى حماية كبيرة.

وبمساعدة تجربة بيولوجية داخل قمر صناعي صغير يسمى "بيوسينتينل" (BioSentinel)، يتخذ العلماء في مركز أبحاث "إميس" (Ames) التابع لناسا، في وادي السيليكون بكاليفورنيا، خطوة مبكرة نحو إيجاد حلول لهذه المشكلة.

تجميع حمولة "بيوسينتينل" التي تحتوي على خلايا الخميرة في مركز أبحاث تابع لناسا (ناسا)

ما هو "بيوسينتينل"؟

قمر صناعي مصغر على شكل مكعب "الروبيك" يتشكل بدوره من مكعبات صغيرة لا يتعدى حجمها 10 سنتيمترات، ولا تزيد كتلها عن كيلوغرامين لكل وحدة، وغالبا ما تستخدم مكونات تجارية جاهزة في تصميمها.

ومن المقرر إطلاق "بيوسينتينل" على رحلة "أرتيمس1" (Artemis 1)‏ التجريبية غير المأهولة، والمُخطط انطلاقها ضمن برنامج أرتيمس التابع لناسا، من مركز كينيدي للفضاء في فلوريدا.

و"أرتيمس1″ رحلة تجريبية غير مأهولة مُخطط إرسالها ضمن برنامج أرتيمس التابع لناسا، وستكون أول رحلة متكاملة لكبسولة "أوريون" ومن المتوقع إطلاقها في 29 أغسطس/آب الجاري.

كانت تُعرف سابقا باسم "المهمة الاستكشافية 1" لكن أُعيدت تسميتها بعد بدء برنامج أرتيمس، وسيتم إطلاقها من مجمع الإطلاق "بي 39" في مركز كينيدي للفضاء، إذ ستُرسل مركبة "أوريون" الفضائية في مهمة لمدة 25.5 يوما، 6 منها في مدار تراجعي حول القمر.

وسوف تختبر هذه البعثة مدى ملاءمة مركبة أوريون الفضائية وصاروخ نظام إقلاع الفضاء للرحلات المأهولة بدءا من الاختبار الثاني لنظام "أوريون" خلال مهمة "أرتيمس 2" المقرر إطلاقها عام 2024، والتي ستحمل طاقما من 4 رواد فضاء حول القمر في مهمة لمدة أسبوع، وستعود قبل تجميع محطة البوابة القمرية.

أول تجربة بيولوجية طويلة الأمد بالفضاء السحيق

ولاستكشاف أساسيات ما يحدث للكائنات الحية في الفضاء، غالبا ما يستخدم الباحثون "كائنات نموذجية". ويساعد هذا في إظهار الاختلافات بين ما يحدث في كل من الفضاء والأرض بشكل أكثر وضوحا، وفي حالة "بيوسينتينل" تستخدم وكالة ناسا الخميرة.

ويمكن أن يتسبب نوع الإشعاع عالي الطاقة الذي يتم مواجهته بالفضاء السحيق في حدوث فواصل في شريطين متشابكين من الحمض النووي يحملان المعلومات الجينية. وفي كثير من الأحيان، يمكن إصلاح تلف الحمض النووي بواسطة الخلايا في عملية مشابهة جدا بين الخميرة والبشر.

ستكون "بيوسينتينل" أول تجربة بيولوجية طويلة الأمد تتم خارج المكان الذي تدور فيه المحطة الفضائية بالقرب من الأرض. وسوف يسافر القمر الصناعي – بحجم صندوق أحذية- إلى الفضاء السحيق على الصاروخ ثم يطير عبر القمر في اتجاه يدور حول الشمس.

وبمجرد أن يصبح القمر الصناعي في موضعه خارج المجال المغناطيسي الوقائي لكوكبنا، سيبدأ فريق "بيوسينتينل" سلسلة من التجارب عن بُعد، لتنشيط سلالتين من الخميرة لتنمو في وجود إشعاع فضائي. وسيتم تنشيط عينات الخميرة في نقاط زمنية مختلفة خلال المهمة التي تمتد من 6-12 شهرا.

سيتم استخدام بطاقة الموائع الدقيقة لدراسة تأثير إشعاع الفضاء بين الكواكب على الخميرة (ناسا)

إحدى السلالات هي الخميرة الموجودة عادة بالطبيعة، بينما تم اختيار سلالة أخرى تواجه مشكلة في إصلاح حمضها النووي. ومن خلال مقارنة كيفية استجابة السلالتين لبيئة الإشعاع في الفضاء السحيق، سيستكشف الباحثون المزيد عن المخاطر الصحية التي يمكن أن يتعرض لها البشر أثناء الاستكشاف طويل المدى، ومن ثم العمل على تطوير إستراتيجيات مستنيرة لتقليل الضرر المحتمل.

بيانات حاسمة

سيتم جمع البيانات حول مستويات الإشعاع ونمو الخميرة والتمثيل الغذائي وتخزينها على متن المركبة الفضائية ثم نقلها إلى الفريق العلمي مرة أخرى على الأرض.

وسوف يتم تنشيط مجموعة احتياطية تحتوي على عينات الخميرة إذا واجه القمر الصناعي حدثا ما، مثل عاصفة إشعاعية قادمة من الشمس تمثل خطرا صحيا شديدا بشكل خاص لمستكشفي الفضاء السحيق في المستقبل.

ويتوقع أن تكون بيانات "بيوسينتينل" حاسمة لتفسير آثار التعرض للإشعاع الفضائي، وتقليل المخاطر المرتبطة بالاستكشاف البشري على المدى الطويل، وتأكيد النماذج الحالية لتأثيرات إشعاع الفضاء على الكائنات الحية.

المصدر : ناسا