غوفر الجيب.. أول مثال على ممارسة الزراعة لدى الثدييات من غير البشر
هذه القوارض توفر البيئة المثالية لنمو الجذور وتخصيبها بمخلفاتها، وهو ما جعل الباحثين يصفونها بـ"مهندسي النظام الإيكولوجي"، إذ تقوم بتهوية التربة في أثناء حفرها وإعادة المغذيات إلى السطح.
اكتشف علماء من جامعة فلوريدا (University of Florida) في الولايات المتحدة أن نوعا من القوارض، وهو حيوان "غوفر الجيب" (Geomys pinetis)، يمارس شكلا من أشكال الزراعة التي كنا نعتقد أنها مقصورة على البشر فقط من بين الثدييات.
وأشارت الدراسة -التي نشرت بتاريخ 13 يوليو/تموز الجاري في دورية "كارنت بيولوجي" (Current Biology)- إلى أن عمل القوارض الصغيرة في الزراعة لا يقتصر على حصاد جذور الصنوبر الطويلة التي تنمو في جحورها، ولكنها تقوم بزراعتها أيضا، كما أنها تعمل باستمرار على إعادة هيكلة جحورها لتتكيف مع نمو جذور الصنوبر تلك.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsلماذا ترتعب ذكور الفئران من الموز؟
حيوانات المدن.. هل تنقل لنا الوباء القادم؟
دراسة جديدة تكشف.. الثدييات الأرضية الصغيرة ضحية جديدة من ضحايا البلاستيك
أول مُزارع من الثدييات
وذكر تقرير -نشر بموقع "ساينس ألرت" (Science Alret)- أنه على الرغم من الجدل العلمي الدائر حول تعريف مفهوم الزراعة وماهية الأنشطة التي يمكن أن تندرج تحت مصطلح ممارسة الزراعة، فقد رصد الباحثون عدة مؤشرات تدل على أن قوارض الغوفر تعرف ما تفعل، لا سيما عندما يتعلق الأمر بإدارة الجذور.
يقول عالم الأحياء فرانسيس بوتز -في البيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (Eurek Alert)- إن "صغار غوفر الجيب الجنوبيين أول مزارعي الثدييات من غير البشر"، وأضاف أن "الزراعة عُرفت بين أنواع النمل والخنافس والنمل الأبيض، ولكن ليس بين الثدييات الأخرى".
واستوحى العلماء فكرة مشروع غوفر البحثي من أنابيب الصرف الصحي، التي غالبا ما تتعرض للضغط بسبب نمو الجذور. وحرص الباحثون على معرفة إذا ما كانت الجذور تحاول باستمرار غزو الأنفاق التي يعيش فيها الغوفر، وكيف يمكن للقوارض أن تزرع مصدرا للغذاء، سواء في تلك الأنفاق أو في الجحور الجديدة.
وبدراسة نمو الجذر في جزء منعزل من نفق شبكة غوفر الجيب، توصل الباحثون إلى أن الجذر الذي ينمو في شبكة الأنفاق يمكن أن يوفر بين 20 و60% من السعرات الحرارية اليومية التي تحتاجها المخلوقات التي تعيش في شبكات تحت الأرض.
وبمجرد أن تصل الجذور إلى الجحور، يتم تسميدها من مخلفات حيوان الغوفر كالبراز والبول. ووجد الباحثون أيضا أن قوارض الغوفر تقضي الوقت وتصرف الجهد في الدفاع عن محاصيلها. وبعبارة أخرى، فإن صيانة الجحور وإدارة الظروف التي يمكن أن تستمر فيها الجذور بالنمو هي ما يجعل هذه الممارسات شكلا من أشكال الزراعة.
تسميد وتهوية التربة
تقول عالمة الحيوان فيرونيكا سيلدن -في البيان- "إنها (هذه القوارض) توفر هذه البيئة المثالية لنمو الجذور وتخصيبها بمخلفاتها". وهو ما جعل الباحثين يصفون قوارض غوفر الجيب بأنها "مهندسو النظام الإيكولوجي" ويرون أن لها دورا هاما في تهوية التربة في أثناء حفرها وإعادة المغذيات إلى السطح.
قد يجادل بعض الخبراء بأن الزراعة المناسبة تتطلب زراعة المحاصيل بشكل فعلي، فضلا عن متابعة نموها ثم القيام بأعمال الحصاد، لكن فريق الدراسة يشير إلى أن هذا لم يكن دائما حال الزراعة البشرية ويمكن هنا الاستشهاد بأشجار الفاكهة الحرجية أو أي محصول دائم ينمو من تلقاء نفسه.
وبموجب هذا التعريف، يمكن للغوفر الانضمام إلى نادي الزراعة، ويقول بوتز إن "زراعة المحصول بالنسبة لبعض الناس هو ما يشكل الزراعة"، وأضاف "أعتقد أن القضية برمتها مثيرة من الناحية الفكرية، لأنها لم تتم تسويتها حقا".