بروتين بسيط البنية متعدد الوظائف أتاح لدودة الدم تكوين أسنان من النحاس
تحتوي أسنان دودة الدم على نسبة من النحاس غير أن الكيفية التي أضيف بها هذا المكون النحاسي إلى فك الدودة غير معروفة.

تعيش ديدان الدم التي تعرف أيضا باسم الديدان الخشنة في قاع البحار الضحلة، وتتميز هذه الديدان بمظهرها الوردي نتيجة للون جلدها الشاحب الذي يسمح لسوائل جسمها الحمراء المحتوية على الهيموغلوبين بالظهور من خلاله.
ديدان آكلة للحوم
وعلى الرغم من المظهر الخادع الذي يبدو عليها وكأنها ديدان غير ضارة، فإن هذه الديدان المنتمية لجنس "جليسيرا دايبرانكياتا" (Glycera dibranchiata) تعدّ من آكلات اللحوم، إذ تحفر هذه الديدان في أعماق البحار لتلتقط فرائسها بفكيها المخيفين المحتويين على السم.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالكشف عن أسرار أغرب دودة على كوكب الأرض
لديها 1300 رجل.. دودة غريبة مكتشفة حديثا تحطم الرقم القياسي لذوات الألف رجل
عاشت قبل 326 مليون سنة.. اكتشاف أكبر ديدان ألفية بطول 2.7 متر ووزن 50 كيلوغراما
وفضلا عن ذلك، فإن هذه الديدان تمتلك أسنانا معدنية تحتوي على النحاس، ولذا فقد وصفتها بعض المصادر العلمية باسم "الكابوس".
وحديثا تساءلت دراسة بحثية نشرت في دورية "ماتر" (Matter) في 25 من أبريل/نيسان الماضي عن الكيفية التي اكتسبت بها ديدان الدم هذا القدر من النحاس المكون لنحو 10% من الهيكل العام للفك المحتوي على البروتين والميلانين بشكل أساسي.
وطبقا للتقرير الذي نشره موقع "ساينس ألرت" (Science Alert)، فإن الدراسة قد أرجعت السبب إلى بروتين واحد بسيط يفسر سر اكتساب أسنان هذه الديدان للنحاس.
بروتين بسيط
يذكر هربرت ويت عالم الكيمياء الحيوية وقائد هذه الدراسة في "جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا" (University of California, Santa Barbara) أن هذه الديدان "بغيضة جدا، إذ يسهل استفزازها، وعندما تهاجم أي دودة أخرى فإنها تستخدم فكيها النحاسيين كأسلحة".
الجدير بالذكر أن هناك دراسة سابقة قد أشارت إلى أن مزيج النحاس والميلانين (بروتين صبغي تفرزه خلايا الجلد) الموجودين في فكي دودة الدم يمنح أنيابها مقاومة ضد التآكل، وذلك ما يتيح للأسنان البقاء طوال عمر الدودة المقدر بـ5 أعوام.

وقامت الدراسة الحديثة بتشريح دودة الدم وتحليل أنسجة الفك واستزراع خلاياها في المختبر ودراستها، وتعرفت الدراسة على التركيب البنيوي لأحد البروتينات المعروف باسم البروتين المتعدد المهام أو اختصارا "إم تي بي" (MTP) الذي يساعد على تجميع المكونات الكيميائية المختلفة جنبا إلى جنب، ومن ثم يمنح فك الدودة هذه الخصائص الفريدة.
وظائف متعددة
وعن طبيعة هذا البروتين يقول ويت "إننا لم نتوقع مطلقا أن يكون لبروتين بهذا البناء الهيكلي البسيط -المكون في غالبه من الجلايسين والهيستيدين (أحد الوحدات البنائية البسيطة التي تكون البروتينات)- قدرة على أداء العديد من الوظائف والأنشطة غير المرتبطة ببعضها".
ووفقا لما ذكره الباحثون، فإن بروتين "إم تي بي" يضطلع بالعديد من الأدوار الكيميائية المهمة للفك مثل الارتباط بالنحاس (الذي تحصل الدودة عليه من الرواسب البحرية)، وتحفيز تكوين الميلانين. وإضافة إلى ذلك، فإن له دورا تنظيميا يعمل على تجميع البروتين والنحاس والميلانين في مزيج يكون الفكين؛ وهي الآلية التي تتطلب عملا دؤوبا وأدوات مختلفة لو حاول العلماء محاكاتها في البيئة المعملية.

ومن ثم فإن الجمع بين البساطة الكيميائية والتنوع الوظيفي الذي يقوم به بروتين "إم تي بي" قد يفيد في تصميم مواد مستوحاة من الطبيعة ذات خصائص أفضل.