خلال العقود الثلاثة المقبلة.. الحشرات الغازية قد تدمر أكثر من مليون شجرة في أميركا
الأشجار المزروعة في المناطق الحضرية مهمة في الحفاظ على برودة المدن، لذا فإن تعزيز تنوعها البيولوجي من شأنه أن يجعل حياة البشر أكثر رخاء.
حذرت دراسة بحثية حديثة نشرت في دورية "جورنال أوف أبلايد إيكولوجي" (Journal of Applied Ecology) في 13 من مارس/ آذار الجاري من كارثة بيئية محدقة قد تلحق الدمار بالعديد من الأشجار في الولايات المتحدة خلال العقود الثلاثة المقبلة.
دمار محدق
وقد أشارت الدراسة إلى أن حشرة "حفار الرماد الزمردي" (Emerald ash borer) الغازية من نوع "أغريلوس بلانيبينيس" (Agrilus planipennis) هي السبب الرئيس وراء هذا الدمار البيئي المتوقع أن يلحق الضرر بـ 90% من أشجار الرماد البالغ عددها 1.4 مليون شجرة.
اقرأ أيضا
list of 4 items“رائحة الخوف”.. مبيدات حشرية قوية مستوحاة من الطبيعة وخالية من السموم
الدبابير الآسيوية القاتلة تعود لغزو الولايات المتحدة مجددا
الولايات المتحدة تشهد خروجا جماعيا ومتزامنا للآلاف من حشرة الزيز لم يحدث منذ 17 عاما
ووفقا للبيان الصحفي الذي نشرته الجمعية البيئية البريطانية (British Ecological Society)، فإن هذه الخنفساء ستقضي على أشجار الرماد في أكثر من 6 آلاف منطقة حضرية.
كما أشار تقرير نشره موقع "ساينس ألرت" (Science Alert) إلى أن متوسط تكلفة إحلال الأشجار وترميم الأضرار المتخلفة قد يصل إلى 30 مليون دولار سنويا. ولو أن هذه الحشرات الغازية تمكنت من الاستقرار في الولايات المتحدة، فإن حجم هذه التكلفة سيرتفع إلى مليارات الدولارات قبل عام 2050.
وفي هذا الشأن تقول عالمة البيئة إيما هودجينز، قائدة الدراسة من جامعة "مكغيل" (McGill University) الكندية "نأمل أن توفر هذه النتائج سياقا تحذيريا ضد زراعة نوع واحد من الأشجار في أرجاء مدن بأكملها؛ الأمر الذي حدث مع أشجار الرماد في أميركا الشمالية".
وقد أجريت هذه التقديرات استنادا إلى مجموعة البيانات التي جمعها العلماء من قرابة 30 ألف منطقة حضرية في الولايات المتحدة. ومن ثم قاموا بالجمع بين بيانات توزيع الأشجار والنماذج التنبؤية الخاصة بانتشار 57 نوعا مختلفا من أنواع الحشرات الغازية.
بؤر وشيكة الهلاك
وقد تعرف التقرير على بؤر المخاطر التي شملت نيويورك وشيكاغو وميلووكي. إذ إن هذه المناطق تحتوي على أعدادا كبيرة من أشجار الرماد كما أنها تعد -حاليا أو في المستقبل القريب- مسارات لحشرة حفار الرماد الزمردي. وسوف يستوعب أقل من ربع المجتمع الأميركي قرابة 95% من هذه الأنواع الغازية التي ستضرب الأشجار، وفقا للدراسة.
ويعد النقص في تنوع الأشجار في المدن جزءا من المشكلة، وهو الأمر الذي يؤكده توزيع أشجار الرماد هناك. ولو أن هناك تنوعا أكبر من الأشجار، لكانت هنالك مقاومة أكبر للتهديدات التي تفرضها الحشرات الغازية مثل حشرة حفار الرماد الزمردي.
وفي هذا الصدد يذكر عالم البيئة فرانك كوك، المشارك في الدراسة، أن "هناك نوعا أو جنسا واحدا من الأشجار يسيطر على العديد من المناطق الحضرية. مما يعني أن هذه الحشرة الغازية التي وصلت حديثا -والتي تتخذ هذه الأشجار عائلا لها- يمكنها أن تنتشر بسهولة".
ويضيف كوك قائلا إنه "علاوة على ذلك، فإنه عادة ما يكون هناك عدد أقل من الحيوانات المفترسة في تلك المناطق، وبيئة أكثر دفئا مقارنة بالغابات الطبيعية القريبة. وهي أمور قد تساعد على تطور وانتشار الحشرات الغازية".
أهمية تعزيز التنوع البيولوجي للأشجار
وقد وضع الباحثون في اعتبارهم التأثير المحتمل لأنواع أخرى من الحشرات التي لم تصل بعد إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك خنفساء الحمضيات طويلة القرون (Citrus long-horned beetle)، وهي أنواع تشتهر بقدرتها على الفتك بأنواع مختلفة من أشجار الأخشاب الصلبة.
ورغم سياقها التحذيري الشديد، فإن الباحثين يأملون أن تساعد هذه الدراسة مخططي المدن على وضع خطط مستقبلية مسبقة تمنع حدوث هذا النوع من الضرر بالغ التكلفة.
ولأننا نعلم أن الأشجار المزروعة في المناطق الحضرية مهمة في الحفاظ على برودة المدن، لذا فإن تعزيز التنوع البيولوجي من شأنه أن يجعل حياة البشر أكثر رخاء. ولذلك فإن الحفاظ على هذه الرئات الطبيعية يساعد المدن على الازدهار والبقاء بحالة جيدة.
ويختتم كوك قائلا إن "العديد من الدول الأوروبية تتعامل بالفعل مع موت أشجار الرماد، لذا فإن منع انتشار المزيد من حفار الرماد الزمردي في أوروبا يعد أمرا بالغ الأهمية. إننا نأمل أن تكون الدروس المستقاة من أميركا الشمالية مفيدة للقارة الأوروبية".