بلقانتوليا.. إعادة اكتشاف قارة منسية منذ 40 مليون عام
هذه القارة المنسية تقع بين أوروبا وأفريقيا وآسيا، وأصبحت بوابة بين آسيا وأوروبا عندما انخفض مستوى سطح البحر وتشكلِ جسر بري منذ نحو 34 مليون سنة
بلقانتوليا (Balkantolia) هي قارة منخفضة، كانت موجودة قبل حوالي 40 مليون عام، وكانت موطنا لمجموعة حيوانية غريبة قد "مهدت الطريق" للثدييات الآسيوية للاستيطان في جنوب أوروبا، بحسب ما توصلت له دراسة جديدة.
ويذكر التقرير المنشور على موقع "ساينس ألرت" (Science Alert) يوم 22 فبراير/شباط الجاري، أن هذه القارة المنسية تقع بين أوروبا وأفريقيا وآسيا، وأصبحت هذه القارة -التي أطلق عليها الباحثون اسم "بلقانتوليا"- بوابة بين آسيا وأوروبا عندما انخفض مستوى سطح البحر وتشكلِ جسر بري منذ حوالي 34 مليون سنة.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsفي قاع الكوكب منعزلة ووحيدة.. متى بدأت القارة القطبية الجنوبية التجمد؟
آيسلنديا.. قارة غارقة شمال المحيط الأطلسي وآيسلندا ليست إلا قمتها
اكتشاف حفريات نادرة في موقع سري بقلب أستراليا “الميت”
وقد كتب عالم الجيولوجيا القديمة أليكس لخت وزملاؤه في دراستهم الجديدة المنشورة في دورية "إيرث ساينس ريفيو" (Earth-Science Review) "متى وكيف وصلت الموجة الأولى من الثدييات الآسيوية إلى جنوب شرق أوروبا؟ لا يزال أمرا غير مفهوم".
ثدييات آسيوية في أوروبا
لكن النتيجة كانت مثيرة؛ فمنذ حوالي 34 مليون عام، وفي نهاية حقبة الإيوسين (Eocene epoch)، اختفت أعداد كبيرة من الثدييات المستوطنة من أوروبا الغربية مع ظهور ثدييات آسيوية جديدة، في حدث انقراض مفاجئ يُعرف الآن باسم "غراندي كوبيور" (Grande Coupure) أو الانقراض الإيوسيني-الأوليغوسيني.
غير أن الاكتشافات الأحفورية الحديثة في البلقان قلبت هذا الجدول الزمني، مشيرة إلى منطقة بيولوجية "غريبة" يبدو أنها مكّنت الثدييات الآسيوية من استيطان جنوب شرق أوروبا قبل وقوع غراندي كوبيور من 5 إلى 10 ملايين سنة.
للتحقق من الأمر، قام لخت من المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي (French National Centre for Scientific Research) وزملاؤه بإعادة فحص الأدلة من جميع مواقع الحفريات المعروفة في المنطقة، والتي تغطي شبه جزيرة البلقان الحالية وهضبة الأناضول، ونتوء أقصى غرب آسيا.
وتمت مراجعة أعمار هذه المواقع بناءً على البيانات الجيولوجية الحالية، وأعاد الفريق بناء التغييرات الجغرافية القديمة التي حدثت في المنطقة، والتي لها "تاريخ معقد من تواتر الغرق والعودة إلى الظهور".
نقطة الانطلاق
وما وجدوه يشير إلى أن منطقة بلقانتوليا كانت بمثابة نقطة انطلاق للحيوانات للانتقال من آسيا إلى أوروبا الغربية، مع تحول الكتلة اليابسة القديمة من قارة قائمة بذاتها إلى جسر بري -والغزو اللاحق من الثدييات الآسيوية- تزامنًا مع بعض "التغيرات الجغرافية القديمة".
فمنذ حوالي 50 مليون سنة، كانت بلقانتوليا أرخبيلا منعزلا ومنفصلا عن القارات المجاورة، إذ ازدهرت مجموعة فريدة من الحيوانات تختلف عن تلك الموجودة في أوروبا وشرق آسيا، وفقا للتحليل. ثم ربطت مجموعة من انخفاض مستويات سطح البحر، وتنامي الصفائح الجليدية في القطب الجنوبي والتحولات التكتونية، قارة بلقانتوليا بأوروبا الغربية منذ ما بين 40 إلى 34 مليون سنة.
وأظهر السجل الأحفوري أن ذلك سمح للثدييات الآسيوية بما في ذلك القوارض والحافريات (المعروفة أيضا باسم أنجيولات أو ذوات الحوافر) بالمغامرة غربا وغزو بلقانتوليا. وإضافة إلى هذا السجل، اكتشف لخت وزملاؤه أيضا أجزاء من عظم فك تنتمي إلى حيوان يشبه وحيد القرن في موقع أحفوري جديد في تركيا، يرجع تاريخه إلى حوالي 38 إلى 35 مليون سنة.
ويمكن القول إن الأحفورة هي أقدم شبيهة للحافريات الآسيوية المكتشفة في الأناضول حتى الآن، وتسبق غراندي كوبيور بما لا يقل عن 1.5 مليون سنة، مما يشير إلى أن الثدييات الآسيوية كانت في طريقها إلى أوروبا عبر بلقانتوليا.
مسار جنوبي
وربما كان هذا المسار الجنوبي إلى أوروبا عبر بلقناتوليا أكثر ملاءمة للحيوانات المغامرة من عبور طرق عبر آسيا الوسطى والتي كانت في ذلك الوقت أكثر جفافا وبرودة وذات سهوب صحراوية، كما يقترح لخت وزملاؤه.
مع ذلك، فقد أشاروا في ورقتهم البحثية إلى أن "الارتباط السابق بين جزر بلقانتوليا ووجود طريق الانتشار الجنوبي هذا لا يزال محل نقاش"، وأن القصة التي تم تجميعها حتى الآن "مبنية فقط على حفريات للثدييات، والصورة الأكثر اكتمالا عن التنوع البيولوجي البلقاني في الماضي لا يزال يتعين استخلاصها".
فالعديد من التغييرات الجيولوجية التي أدت إلى ظهور بلقانتوليا لم يتم فهمها بعد بالكامل، ومن المهم ملاحظة أن هذه المراجعة هي مجرد تفسير فريق واحد لسجل الحفريات.
مع ذلك، فإن السجل الأحفوري للثدييات والفقاريات الأخرى التي تعيش على الجزر عادة ما يكون متناثرا وغير مكتمل، في حين أن السجل الأحفوري الغني لمنطقة بلقانتوليا "يوفر فرصة فريدة لتوثيق تطور وانقراض الأحياء الجزرية في الماضي السحيق"، كما يستنتج الفريق.