باحثون يقترحون تقنية جديدة للاستفادة من مصادر المياه العذبة غير المستغلة

تواجه أجزاء كبيرة من العالم ندرة كبيرة في المياه العذبة، ومن المتوقع أن تزداد الحاجة إلى المزيد منها من أجل مواكبة النمو السكاني العالمي المتزايد والنمو الاقتصادي، والتكيف مع تغير المناخ.
وفي دراسة جديدة، قال باحثون إن إمدادات غير محدودة تقريبا من المياه العذبة موجودة في شكل بخار الماء فوق محيطات الأرض، لكنها لا تزال غير مستغلة.
مواجهة شح المياه
وفقا للدراسة التي أعدها باحثون من جامعة "إلينوي إربانا شامبين" (University of Illinois Urbana-Champaign)، ونشرت في السادس من ديسمبر/كانون الأول الجاري في دورية "نيتشر ساينتفيك ريبورتس" (Nature Scientific Reports)، اقترح المؤلفون الاستثمار في بنية تحتية جديدة قادرة على حصاد بخار مياه المحيطات كحل لإمدادات محدودة من المياه العذبة في مواقع مختلفة حول العالم.
تعتمد الطرق الحالية لمواجهة شح المياه -الذي يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية على الاحتياجات الاستهلاكية والنمو الاقتصادي- على زيادة كفاءة استخدام الموارد الحالية. إذ إن تقنيات مثل إعادة تدوير مياه الصرف الصحي، واستمطار السحب، وتقنيات تحلية المياه لم تحقق سوى نجاح محدود.

وعلى الرغم من انتشارها في بعض المناطق في جميع أنحاء العالم، فإن محطات تحلية المياه تواجه مشكلات تتعلق بالاستدامة بسبب المياه المالحة ومياه الصرف الصحي المحملة بالمعادن الثقيلة، وفقا للبيان الصحفي الصادر عن الجامعة.
ومع الاستغلال المفرط لمصادر المياه وتأثيرات تغير المناخ، فإن موارد المياه العذبة تتناقص بسرعة، وبالتالي فإنه من غير المرجح أن تلبي هذه التقنيات الاحتياجات المستقبلية بشكل مستدام، الأمر الذي يتطلب إعادة التفكير في حلول جديدة أكثر استدامة.
تقييم مواقع الإجهاد المائي
قيمت الدراسة 14 موقعا تعاني من الإجهاد المائي في جميع أنحاء العالم لدراسة جدوى وجود بنية افتراضية قادرة على التقاط بخار الماء من فوق المحيط وتكثيفه في المياه العذبة، وفقا لما أشار إليه البيان الصحفي الصادر عن الجامعة. وتقدم الدراسة مقترحا جديدا من خلال إثبات جدوى زيادة المياه العذبة بشكل كبير من خلال التقاط الهواء الرطب فوق المحيطات.
وأظهر المؤلفون أن الغلاف الجوي فوق المحيطات القريبة من اليابسة يمكن أن ينتج كميات كبيرة من المياه العذبة كافية لدعم المراكز السكانية الكبيرة في جميع أنحاء العالم، باستخدام هياكل مصممة بشكل مناسب.

وقال قائد فريق البحث المؤلف للدراسة برافين كومار، أستاذ الهندسة المدنية والبيئية والمدير التنفيذي لمعهد أبحاث البراري في جامعة إلينوي، -في تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني- إن "هناك رطوبة كافية في الغلاف الجوي فوق المحيطات القريبة من مناطق اليابسة، حتى في المناطق القاحلة وشبه القاحلة وغيرها من المناطق المجهدة مائيا، ويمكن التقاط هذه الرطوبة بتقنيات مناسبة لتوفير المياه العذبة لأعداد كبيرة من السكان".
توفير المزيد من المياه
وأوضح كومار أن هذا النهج المقترح في ظل سيناريوهات الاحترار وتغير المناخ، يتوقع أن يسهم في توفير المزيد من المياه للمساعدة في التخفيف من تأثير تغير المناخ في ظل زيادة الطلب على المياه.
ويعتمد هذا العمل على تحليل 30 عاما من أفضل البيانات التاريخية المتاحة، والدراسات التي أجريت باستخدام النماذج المناخية لتقييم السيناريوهات المستقبلية لوضع الهياكل البحرية بعرض 210 أمتار وارتفاع 100 متر، وفقا للباحث الذي أشار إلى أن الدراسة أثبتت جدواها من خلال إظهار توفر حجم كاف من الرطوبة باستخدام تحليلات موثوقة.

وكما يقول كومار، فإن هذا النهج يوفر آلية لزيادة مستدامة لإمدادات المياه العذبة القابلة للتطوير، أي أنه يمكن الحصول على المزيد من الرطوبة عند الحاجة. وتزداد القدرة على القيام بذلك مع تفاقم تأثير تغير المناخ، مما يؤدي إلى زيادة الحاجة أو الطلب.
كما أن هذا النهج صالح للتطبيق في مناطق الإجهاد المائي في جميع أنحاء العالم، ويوضح أن الاستثمار القائم على البنية التحتية يمكن أن يساعد في حل تحدي ندرة المياه دون نتائج بيئية سلبية.