الجزيرة نت تحاور رامي عزيز وزيد العثمان الفائزين بجائزة شومان في دورتها الأربعين
تمنح جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب سنويًا تقديرا لجهودهم البحثية خلال الخمس سنوات السابقة للترشح، على أن يكون الفائز قد أسهم في زيادة المعرفة العلمية والتطبيقية وله دور فعال في حل المشكلات محليا وإقليميا وعالميا.
تعد جائزة عبد الحميد شومان من أهم الجوائز العلمية التي تمنح سنويا للباحثين الشباب من العرب، ولا شك في قيمة مثل هذه الجوائز ودورها الفعال في إشعال جذوة المنافسة العلمية الشريفة بين العلماء، وحتى بين المؤسسات والمراكز البحثية.
وتمنح الجائزة التي تبلغ قيمتها 20 ألف دولار أميركي، للباحثين العرب المتقدمين دون الـ45 عاما، تقديرا لجهودهم البحثية المتميزة خلال السنوات الخمس السابقة للترشح للجائزة، على أن يكون المترشح قد أسهم في زيادة المعرفة العلمية والتطبيقية، وله دور فعال في حل مشكلات ذات أولوية محلية وإقليمية وعالمية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالثانية على الإطلاق.. امرأة أوكرانية ضمن الفائزين بجائزة فيلدز العالمية
عالمة عربية الأصل ضمن الفائزين بجائزة كافلي العالمية في العلوم لعام 2022
توصف بأنها نوبل العرب في الطب.. جائزة حمدان آل مكتوم للعلوم الطبية تذهب إلى باحثين من السعودية والإمارات وأميركا
وقد تم الإعلان عن الفائزين بجائزة شومان للباحثين العرب في دورتها الـ40 للعام 2022 في بيان نشر يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على موقع المؤسسة. وهنأت فالنتينا قسيسية الرئيسة التنفيذية لمؤسسة عبد الحميد شومان الفائزين، وأكدت استحقاقهم وجدارتهم بهذه الجائزة لما قدموه للعلم والبحث العلمي. وبحسب الهيئة العلمية للجائزة، فقد بلغ عدد الطلبات المقدمة للجائزة 384 طلبا من العالم العربي.
وبلغ عدد الفائزين بالجائزة منذ تاريخ إطلاقها وحتى عام 2021 ما مجموعه 454 باحثا وباحثة. وقد منحت الجائزة هذا العام في 6 تخصصات علمية لـ17 باحثا عربيا من مصر والأردن ولبنان والسعودية وسوريا والسودان وتونس، من بينهم البروفيسور رامي كرم عزيز والبروفيسور زيد العثمان.
البروفيسور رامي عزيز رائد علم الجينوم والمعلوماتية الحيوية
مُنحت الجائزة في تخصص العلوم الطبية والصحية لهذا العام إلى البروفيسور رامي كرم عزيز حنين، أستاذ الميكروبيولوجيا والمناعة بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة في جمهورية مصر العربية عن مجمل أبحاثه في موضوع "تطبيقات المعلومات الحيوية مع تقدم العلم والتكنولوجيا".
كان الدكتور عزيز قد حصل على درجة الدكتوراه في الميكروبيولوجيا والمناعة من جامعة تينيسي للعلوم الصحية بالولايات المتحدة. وشغل العديد من المناصب من بينها رئيس قسم الميكروبيولوجيا والمناعة بكلية الصيدلة بجامعة القاهرة في الفترة 2017-2021. ويرأس حاليا برنامج الميكروبيولوجيا والمناعة بمستشفى سرطان الأطفال 57357 بجمهورية مصر العربية.
وفي حوار خاص للجزيرة نت مع البروفيسور عزيز عبر البريد الإلكتروني سألناه عن بدايته واهتماماته العلمية وفوزه بالجائزة.
-
على ماذا ينصب تركيزك البحثي؟
تتركز اهتماماتي البحثية بشكل عام على استخدام التحليل الحاسوبي والمعلوماتية الحيوية في فهم مختلف الأنظمة الحيوية، وبالأخص الأمراض المُعدية التي تسببها البكتريا، بالإضافة إلى اهتمامي بعلوم الجينوم، وخاصة التحليل الحاسوبي للجينومات بهدف إثراء المعرفة العلمية والتقدم في مجال العلوم الطبية وصحة الإنسان.
-
منذ متى بدأ اهتمامكم بالمعلوماتية الحيوية وعلوم الجينوم؟
منذ 2004، وقبل حصولي مباشرة على الدكتوراه، أصبحت المعلوماتية الحيوية جزءا لا يتجزأ من اهتمامي البحثي؛ حيث استحوذت على جل اهتمامي عندما درستها خلال 2002، ثم حضرت دورة تدريبية مكثفة بهدف صقل معرفتي في 2005 بمعامل "كولد سبرينغ هاربور" (Cold Spring Harbor) في نيويورك، والتي يعد محتواها من أقوى محتويات المعلوماتية الحيوية والبرمجة الحاسوبية التطبيقية في علم الأحياء.
لم تقتصر علاقتي بالمعلوماتية الحيوية وتطبيقها كمستخدِم في أبحاثي فحسب، بل قمت بإنتاج أكثر من برنامج مع مجموعات بحثية دولية ومحلية مختلفة، وأرى أن أكثر هذه البرامج تأثيرا هو "راست" (RAST)، الذي نُشر في دورية "بي إم سي جينوميكس" (BMC Genomics) في 2008 وحاز اهتماما خاصا انعكس في آلاف الاقتباسات في محركي "غوغل سكولار" (Google Scholar) و"سكوبس" (Scopus).
ونشرت من بعده عدة قواعد بيانات وتطبيقات، كما شاركت في تصميم برنامج "فاي سباي" (PhiSpy) الذي استخدم أكثر من 200 مرة لتحليل "اللاقمات البكتيرية" (prophages)، وكذلك في التأسيس لقياسات متعددة الأبعاد في "التحليل الميتاجينومي للاقمات البكتيرية" (phage metagenomics).
-
ماذا يمثل لك الفوز بجائزة شومان للباحثين العرب؟
لا يمكنني الزعم بأنّني أجدر الباحثين العرب بالجائزة في تخصصي، ولا أظن أن أحدا يمكنه قول ذلك، إلا أن الفوز بهذه الجائزة، التي تشرف عليها لجان تحكيمية متميزة تتمتع بالشفافية العالية، يعني أنني كنت في صدارة المتقدمين للجائزة في مجالي البحثي.
-
ما موضوع المقال العلمي المتوج بجائزة شومان للباحثين العرب؟
تركز جائزة شومان على تقييم مجمل الإنتاج العلمي الخاص بالباحث المتقدم في مجال معيّن، وليس على مقال بحثي واحد؛ وقد تقدمت للجائزة في موضوع "تطبيقات المعلوماتية الحيوية مع تقدم العلم والتكنولوجيا" تحديدا لأنه في صميم تخصصي، ولأنّني أعد رائدا من رواده على مستوى العالم، وليس في وطننا العربي فحسب.
ولا أخجل من التصريح بحقيقة أنّني تقدمت للجائزة مرتين في 2019 و2020 في موضوعات بحثية أعمل عليها أيضا، غير أنني لم أوفق حينها، وأعتقد أن ما أهلني للحصول عليها هذا العام هو تقدمي في أكثر التخصصات قربا لمجمل إنتاجي العلمي.
-
كيف تسهم تطبيقات علوم الجينوم في دراسة فعالية المضادات الحيوية؟
من أهم تطبيقات علوم الجينوم وعلم الأنظمة الميكروبي هو دراسة المقاومة الميكروبية للمضادات الحيوية ومحاولة التكهن بها وتفاديها؛ كما يهتم علم الميكروبيوم وتطبيقاته بتحليل المادة الوراثية للتجمعات الميكروبية الموجودة في أي مكان، بما في ذلك الميكروبات المقترنة بأعضاء الإنسان المختلفة.
وقد أثبتت الدراسات في السنوات الـ20 الأخيرة أن الميكروبيوم البشري عامل رئيسي في صحة الإنسان، فإذا كان متوازنا ساهم في التمثيل الغذائي وفي مقاومة الإنسان للكثير من الأمراض المُعدية وغير المعدية، وإذا اختل توازنه سهل الإصابة بعدد من الأمراض.
-
ما أهمية الخريطة المرجعية للجينوم المصري بالنسبة للعالم؟
يقول عزيز إنه نتيجة لخصوبة أرضها واعتدال مناخها وقلة تعرضها للكوارث الطبيعية، فإن شعب مصر من أكثر الشعوب استقرارا في المنطقة عبر التاريخ. وتعد مصر أيضا أحد مداخل قارة أفريقيا وملتقى القارات الثلاث في العالم القديم، ولذلك يتميز التكوين الجيني للمصريين بالثبات واستيعاب جينات مختلفة نتجت عن اختلاط المصريين مع إثنيات عرقية من شعوب البحر المتوسط وشمال أفريقيا والشرق الأدنى والأوسط.
إذن، فدراسة الجينوم المصري والميكروبيوم المقترن به ورسم خريطته الجينية الغنية جغرافيا وتاريخيا وسكانيا هو إضافة قوية لعلوم الجينوم والميكروبيوم في العالم كله.
-
بشكل عام، كيف ترى موقع مصر الآن في خريطة البحث العلمي في مجال الجينوم؟
تبنت الحكومة المصرية مبادرة لرسم خريطة الجينوم المرجعي المصري، رغم أن هذه النوعية من الأبحاث عالية التكلفة وتحتاج إلى بنية تحتية قوية لم تكن متوفرة بما يكفي في العقود السابقة.
ولكن مع تفشي وباء كورونا، الذي كان بمثابة جرس إنذار ينبهنا إلى أهمية هذا العلم، لم تدخر الحكومة المصرية -ممثلة في الجهات البحثية ووزارتي الصحة والتعليم العالي- جهدا، بل وفرت تمويلا خاصا لكل من مشروع الجينوم المرجعي ومقاومة الجائحة. هذا كله أدى إلى ارتفاع ملحوظ في إمكانيات تعيين التتابعات الوراثية في مصر في العامَين الأخيرين.
وأتاحت أيضا الحوسبة والمعلوماتية الحيوية إمكانية تحليل فيض البيانات المتوقع من مشروعات الجينوم البشري أو جينومات البكتريا والفيروسات المسببة للأمراض؛ ولا يمكن إغفال التقدم الملحوظ للمعلوماتية الحيوية في مصر خلال العقد السابق مع تعدد المقررات والدرجات العلمية في هذا المجال.
البروفيسور العثمان وتقنيات النانو في التطبيقات الهندسية
فاز الأستاذ الدكتور زيد عبد الله العثمان بالجائزة أيضا في تخصص العلوم الهندسية، حيث منحت له مناصفة مع الأستاذ الدكتور راشد أبو الرب من الأردن عن موضوع "استخدام تقنية النانو في التطبيقات الهندسية".
البروفيسور زيد العثمان هو أستاذ الكيمياء وعميد كلية العلوم جامعة الملك سعود بالمملكة العربية السعودية، وحصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء عام 2006 من جامعة أوكلاهوما بالولايات المتحدة الأميركية. وقد عمل على مجموعة متنوعة من الموضوعات البحثية من بينها كيمياء المواد ومعالجة المياه وفصل المواد باستخدام المبادلات الأيونية؛ وهو مؤلف رئيسي ومشارك في أكثر من 260 إصدارا علميا و3 كتب و4 براءات اختراع.
وقد سجل نقلة نوعية في البحث العلمي بشكل عام، وفي السعودية بشكل خاص خلال قيادته مجموعة المواد المتقدمة والكروماتوغرافيا، ومن أبرز مساهمات البروفيسور العثمان تأسيس كرسي أبحاث المواد المتقدمة بجامعة الملك سعود، لتطوير الأبحاث في مجال المواد النانوية وتطبيقاتها الهندسية في المجالات المختلفة.
في حوار خاص للجزيرة نت، سألنا البروفيسور العثمان عن فوزه بالجائزة واهتماماته البحثية وتطلعاته القادمة.
-
ماذا يمثل لك الفوز بجائزة شومان للباحثين العرب في دورتها الـ40؟
تعتبر جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب من الجوائز الأكثر شهرة بالعالم العربي، والتي حققت الهدف من إنشائها، وأصبحت معتمدة بالكثير من الدول العربية في مجالات التوظيف والترقيات والمكافئات المتميزة.
بالإضافة إلى كونها أوّل جائزة تهتم بالبحث العلمي عربيا وتدعم الباحثين العرب؛ فقد أحدثت حراكا عربيا في مجال البحث العلمي والاكتشافات، وقد تشرفت بالفوز بهذه الجائزة وبعثت فيّ روح النشاط والمثابرة لمزيد من الإبداع والعمل الجاد لأمة عربية متقدمة.
-
في أي المجالات البحثية يتركز اهتمامك؟
تتركز اهتماماتي البحثية في تخصصات الطاقة التي تشمل الخلايا الشمسية، والبطاريات، والمضافات والمحسنات، وتخزين الهيدروجين، كما أهتم أيضا في مجال البيئة بدراسة الملوثات البيئية وإيجاد طرق للتخلص منها والحد من تأثيرها من خلال تحضير الحساسات باستخدام تقنية النانو، وتحضير المواد غير العضوية لاستخدامها في حماية البيئة.
أما في مجال المياه، فأنا أعمل على تطوير مواد نانوية ذات خصائص معينة لمعالجة المياه الملوثة. وتشمل أبحاثي أيضا البتروكيماويات حيث أعمل على تحضير مواد نانوية جديدة تناسب عمليات فصل واستخلاص مركبات الكبريت من البنزين، بالإضافة إلى تطوير تطبيقات جديدة للكروماتوغرافيا في المجالات الصيدلانية والبتروكيميائية تعتمد على المواد النانوية.
-
كيف أسهمت الجمعية الكيميائية السعودية في خدمة المجتمع والجامعة وأضافت للبحث العلمي في المملكة؟
منذ عام 2016 وأثناء فترة رئاستي مجلس إدارة الجمعية الكيميائية السعودية لأكثر من دورة، تم تطوير أعمال الجمعية في النشر العلمي والثقافي وخدمة المجتمع من خلال تنظيم المؤتمرات والملتقيات العلمية وتنشيط التدريب للطلاب والطالبات والخريجين لتأهيلهم لسوق العمل. وتوجت هذه الأعمال بحصول الجمعية الكيميائية السعودية على جائزة أفضل جمعية علمية على مستوى جامعة الملك سعود للعام 2018، وجائزة الاستمرارية في العطاء للعام 2019.
-
وكيف ترى مستقبل جامعة الملك سعود وموقعها في خريطة البحث العلمي في المنطقة العربية والعالم كعميد لكلية العلوم منذ 2021؟
توليت منصب عميد كلية العلوم في الجامعة منذ 25 مايو/آيار 2021، ومن حينها وأنا أسعى لتوسيع آفاق البحث العلمي نحو التوجهات العالمية التقنية الحديثة وتطوير البرامج التعليمية بالكلية لتكون غنية بالجوانب التطبيقية للعلوم للمساهمة في تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030 في شتى المجالات العلمية والصناعية والبيئية.
من الجدير بالذكر أنه قد تم تصنيف البروفسور العثمان ضمن العلماء ذوي الاستشهاد العالي للثلاثة أعوام الماضية (2020 و2021 و2022) على التوالي، إضافة إلى مساهمته في الإشراف على طلاب الدراسات العليا وتحكيم الرسائل وتطوير البرامج الأكاديمية بقسم الكيمياء لتشمل الكيمياء التطبيقية والصناعية بما يلبي احتياجات سوق العمل ويدعم تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030.