الصين هي المتحكم الأكبر فيها.. التحول الأخضر قد يتحول إلى أزمة في توفير المعادن النادرة
اعتمدت الدراسة على النظر ليس فقط إلى التعدين، ولكن أيضا إلى قدرة معالجة المعادن في المراحل النهائية لتلبية متطلبات صناعة التكنولوجيا الخضراء.

حذرت دراسة جديدة من أن التحول إلى استخدام التقنيات الخضراء على نطاق أوسع سيجعل من الضروري الوصول إلى المعادن اللازمة لبناء البنية التحتية لتلك التقنيات الخضراء. وفي حين لم تواجه دول مثل الصين مشكلة تتعلق بوفرة المعادن، فإن دولا أخرى تعاني حاليا من نقص في المعروض من المعادن.
ووفقا للدراسة التي أعدّها خبراء جغرافيون وبيئيون في جامعة ديلاوير (University of Delaware) ونشرت في دورية "إنفيرومنتال ساينس آند تكنولوجي" (Environmental Science & Technology) يوم الثاني من ديسمبر/كانون الأول الجاري، فإن الوضع القائم يخلق نوعا من التبعية للصين أكبر مورد للمعادن في العالم، أو يؤدي إلى كارثة في حال الانتقال إلى الطاقة الخضراء دون وجود مصدر بديل في حال الانفصال عن الصين.
وتشمل المعادن الحرجة تلك التي نحتاجها للانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة الليثيوم والكوبالت للبطاريات، والتيلوريوم للألواح الشمسية.
وتحتاج الدول إلى كميات كبيرة من هذه المعادن لبناء البنية التحتية التي تدعم الانتقال إلى الطاقة الخضراء مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وبطاريات السيارات الكهربائية، ذلك إذا كنا نسعى للوفاء بالتزامات اتفاقية باريس للمناخ.

إعادة توطين المعادن ومعالجتها
يتركز التعدين والمعالجة في عدد قليل من البلدان، وفي الصين على وجه التحديد، وهو ما يعني أننا قد نواجه فجوة في البنية التحتية إذا استمرت التوترات السياسية الدولية في النمو. ونتيجة لذلك، يشهد العالم تحولا نحو إعادة توطين قدرات المعادن ومعالجتها حيث تحاول القوى الإقليمية جعل سلاسل التوريد المعدنية أكثر أمانا، وفقا للدراسة.
وقال المؤلف الرئيسي للدراسة سليم علي، أستاذ الطاقة والبيئة ورئيس قسم الجغرافيا والعلوم المكانية في جامعة ديلاوير، إن النتائج الرئيسة التي توصل إليها فريقه هي أن قدرة التعدين والصهر والتكرير للمعادن الرئيسة مترسخة بعمق في عدد من المواقع الرئيسة ولا سيما الصين، وإن نقلها ضمن الجداول الزمنية لانتقال التكنولوجيا الخضراء ليس أمرا عمليا.
وأضاف علي -في تصريح للجزيرة نت- أنه يمكن بالتأكيد محاولة تشجيع "التقريب" من مواقع المعادن، ولكن يجب أن يقترن ذلك بمحاولات عقد اتفاقية توريد المعادن للتقنيات الخضراء تحت رعاية الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ومجموعة العشرين.
واعتمدت الدراسة على النظر ليس فقط إلى التعدين ولكن أيضا إلى القدرة على معالجة المعادن في المراحل النهائية لتلبية متطلبات صناعة التكنولوجيا الخضراء، كما نظر المؤلفون أيضا في إعادة التدوير والاقتصاد الدائري كخيارين مفضلين.

معضلة التدوير
ويوضح علي قائلا "أخذنا في الاعتبار البيانات الخاصة بمواقع التعدين وكذلك قدرة المعالجة النهائية للمواد المهمة في جميع أنحاء العالم. فضلا عن ذلك، نظرنا أيضا في البيانات الواردة من الاتحاد الأوروبي بشأن الطلب على المعادن ومخزونات إعادة التدوير اللازمة للتحول الأخضر. وتشير بيانات مخزونات إعادة التدوير إلى أن التعدين سيكون ضروريا لتلبية الطلب على التقنيات الرئيسة مثل بطاريات السيارات الكهربائية حتى عام 2050 تقريبا".
وأشار الباحثون إلى أن رغبة العالم في التوسع في عمليات إعادة التدوير يقابلها نقص في مخزون المعادن. حتى بالنسبة لبطاريات السيارات الكهربائية -على سبيل المثال- تظهر البيانات الحديثة من الاتحاد الأوروبي أنه لن يكون لدينا مخزون كاف لإعادة تدوير البطاريات حتى في 2030 و2050.
لذلك، يتعين استخراج هذه المعادن من أجل الحصول في نهاية المطاف على ما يكفي من البطاريات المعاد تدويرها، وفقا للبيان الصحفي الصادر من جامعة ديلاوير، وسيكون من الصعب على الولايات المتحدة تعدين ومعالجة معادن مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل بمفردها.

ويشدد الباحث على أنه "لا يمكن الطعن في جودة النتائج" لكنه لا يستبعد أن تتعرض مقترحاتهم بتوسيع صلاحيات الوكالة الدولية للطاقة المتجددة لتنسيق اتفاقية توريد المعادن المتكاملة والإشراف عليها للنقد بناء على وجهات نظر معينة ترتبط بالجغرافيا السياسية وصراعات القوى.
ويوضح علي أن اختيارهم لمجموعة العشرين والوكالة الدولية للطاقة المتجددة "قد يكون موضع تساؤل، وقد يقترح البعض أن منظمة التجارة العالمية ستكون مكانا أفضل لاتفاقية التوريد هذه".
ومع ذلك، "فإننا نجادل بأن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة لديها تفويض محدد مرتبط بالتحول الأخضر، وأن مجموعة العشرين هي منظمة أكثر ذكاء من منظمة التجارة العالمية أو أي من منظمات الأمم المتحدة للمضي قدما في مثل هذه الاتفاقية"، حسب تعبير الباحث.