هل بإمكان العرب اللحاق بسباق الذكاء الاصطناعي؟.. تجربة شاب عربي بكندا تعطي الجواب

محمد صبري خلال مشاركته في أحد الأنشطة المرتبطة بمجال الذكاء الاصطناعي (الجزيرة)
محمد صبري خلال مشاركته في أحد الأنشطة المرتبطة بمجال الذكاء الاصطناعي (الجزيرة)

"الذكاء الاصطناعي هو المستقبل، ولا بد للعرب من توفير شروط خلق الشباب الطموحين القادرين على مواكبة هذه الموجة التي تشكل الوجه الجديد للعالم‫"، ذلك ما صرح به الشاب الكندي ذو الأصول العربية محمد صبري.

وقد تخصص صبري في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وبلغ فيه شأوا محترما استدعي بسببه للمشاركة في فريق الخبراء الكنديين ضمن أشغال قمة العشرين للشباب التي احتضنتها مؤخرا هامبورغ الألمانية، في الوقت الذي احتضنت فيه بالي الإندونيسية أشغال القمة السياسية.

محمد صبري (وسط) أسس رفقة زملائه مؤسستين لهما فروع في دول عدة (الجزيرة)

معهد ماساشوستس للتكنولوجيا

محمد صبري ومنذ هجرته من المغرب إلى كندا عام 2011 حرص على التخصص في تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، وحقق نجاحات عدة في مجاله لدرجة استدعائه للتدريس بدوام جزئي في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة الأميركية.

وهذا المعهد الشهير يعرف اختصارا بـ(MIT)، وهو معهد متخصص في التدريس والبحث في مجال العلوم والتكنولوجيا المتقدمة وتطبيقاتها، ويعد من أبرز وأوائل المؤسسات العالمية بفضل أبحاثه وهيئة التدريس المتميزة التي يضمها.

كما أسس محمد مؤسسة "روكت ساينس" ويقول للجزيرة نت إنها شركة ناشئة تضمّ 15 خبيرًا في مجال الذكاء الاصطناعي، ولديها حاليًا 4 مكاتب تعمل بشكل مستقل في جميع أنحاء العالم، ويوجد مقرها الرئيسي في مونتريال الكندية، ولديها فروع في كل من لوس أنجلوس الأميركية، ودبي الإماراتية، إلى جانب الدوحة القطرية.

ثورة حياة

وفي حديثه مع الجزيرة نت، أكد صبري أن الذكاء الاصطناعي يشكل قسما كبيرا من علوم الحاسوب (الكمبيوتر) التي تسهم في "أتمتة" (Automatisation) المهام التقليدية التي عادة ما يؤديها الإنسان، كقيادة السيارة مثلا.

ويضيف أن الذكاء الاصطناعي يعتبر بمثابة ثورة اجتماعية واقتصادية ستغير تصور الإنسان للعمل ولحياته الخاصة، حيث سيسهم في تحرير الإنسان من ضغوط العمل وقيوده الروتينية، ويفتح آفاقا جديدة للإنسان للاهتمام بالتفاصيل الأساسية في حياته.

فرص عمل؟

ويوضح أن ذلك لا يعني القضاء على فرص التوظيف وإطالة صفوف العاطلين، ويشرح ذلك بقوله إن أتمتة تكوين الثروة وضمان العدالة في توزيعها سيخلق أسس حياة الرفاهية للناس الذين سيجدون الوقت للاهتمام بالتفاعل الإيجابي مع التفاصيل الحقيقية التي تصنع حياتهم، دون إهدار الوقت في مهام روتينية يمكن للذكاء الصناعي الاهتمام بها.

آفاق عربية

وأكد محمد صبري أن الدول العربية صارت ملزمة الآن أكثر من أي وقت مضى ببناء الخبرات وتنمية المواهب في هذا النوع من التقنية المستقبلية، لافتا إلى أن الاستثمار في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي يُمكّن من التعامل مع التحديات القائمة بما يضمن للدول تنمية ثابتة وسريعة وفي الاتجاه الصحيح.

وحول معضلة هجرة العقول التي تعاني منها الدول العربية، قال صبري إن إيجاد حل جذري لها يتطلب جهدا كبيرا في الاستثمار الصحيح في التعليم الجيد، وتغيير العقلية العربية في التعامل مع الطاقات الشابة، وتعزيز قيم الهوية والارتباط السليم بالوطن.

وأوضح صبري للجزيرة نت أن تحول أي بلد عربي -أو غير عربي- إلى مركز تكنولوجي يتطلب 3 عوامل مهمة هي الموهبة والثقافة ورأس المال، إذ من الضروري مساعدة الشباب العربي على تطوير مواهبهم في مجال التكنولوجيا المتقدمة، وتشجيع ثقافة المخاطرة التي تسمح بوجود أرضية مناسبة لدخولهم مجال الذكاء الصناعي.

تجارب عربية ناجحة

وقال إن اهتمام الدول العربية بهذا المجال سيفتح أمامها آفاقا لا حصر لها، خاصة أن الطاقات العربية في العالم أثبتت أن بإمكانها أن تصبح مصدر إلهام للجميع، وضرب مثلا بالدكتور رشيد اليزمي الذي صنع بطاريات الليثيوم التي بإمكانها أن تشحن في 5 دقائق. وكذلك العالم المصري أحمد زويل الذي حصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999 عن أبحاثه في مجال "كيمياء الفيمتو"، وهي تكنولوجيا لتصوير التفاعلات بين الجزيئات باستخدام أشعة الليزر.

ولا تعد "روكيت ساينس" الإبداع الوحيد لمحمد صبري ورفاقه، بل إن البصمة الدولية لعملهم شجعتهم على تأسيس معهد لتعليم ورعاية مجتمع المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي اختاروا له اسم (MLOps).

وبخصوص مشاركته في قمة العشرين، قال محمد صبري إن الهدف كان تجميع رواد الأعمال من جميع أنحاء العالم لمحاولة التأثير في المشهد السياسي، حيث تبقى هذه القمة بابا مفتوحا لأي رائد أعمال لبناء شبكات واتصالات عالمية.

المصدر : الجزيرة