خطط خفض الكربون باللجوء للحلول القائمة على الطبيعة لا تخلو من المخاطر
يجب على البلدان أيضا استكشاف طرق إزالة الكربون المصممة هندسيا بالإضافة إلى أهمية التعاون الدولي لمواجهة تحدي الوصول إلى صفر كربون
على خلاف الاتجاه السائد حاليا والداعي إلى اللجوء للحلول القائمة على الطبيعة لمكافحة تغير المناخ، سلطت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة "إيست أنغليا" (University of East Anglia) البريطانية ونشرت في السابع من ديسمبر/كانون الأول الجاري في دورية "إنفيرومنت آند كوميونيكيشنز" (Communications Earth & Environment)، الضوء على مخاطر اعتماد البلدان على الحلول القائمة على الطبيعة لمحاربة الانبعاثات الغازية.
تحدد الإستراتيجيات المناخية الوطنية كيف تخطط البلدان لخفض الانبعاثات، على سبيل المثال عن طريق التخلص التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري للوصول إلى ما يعرف بـ"الصفر الصافي" في العام 2050، لكن معظم الإستراتيجيات المقدمة إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "يو إن إف سي سي سي" (UNFCCC) لا تحدد كمية الكربون المطلوب إزالتها في العام 2050.
مخاطر الإفراط في التفاؤل
تحذر الدراسة من مخاطر الإفراط في التفاؤل بشأن كمية الكربون التي تستطيع الغابات والتربة اختزانها، خاصة إذا اقترن ذلك بالتأخير في تقليل الانبعاثات الناتجة عن استخدام مصادر الطاقة الأحفورية مثل الفحم والنفط والغاز.
ووجدت الدراسة أنه بمجرد خفض الجزء الأكبر من الانبعاثات، تخطط البلدان لإلغاء الجزء الصعب من خطط إزالة الكربون المتبقي من الانبعاثات، مثل تلك الناتجة عن الزراعة، باستخدام الغابات والتربة، وهو ما يعرضها لمجموعة من المشكلات مثل الحرائق والأمراض والتغيرات في الممارسات الزراعية أو إزالة الغابات.
وفي تصريح للجزيرة، قال المؤلف الرئيسي للدراسة هاري سميث، باحث الدكتوراه في العلوم البيئية بمركز تيندال لأبحاث تغير المناخ في جامعة إيست أنغليا، إن أهم النتائج التي توصلنا إليها تتمثل في أن غالبية البلدان التي لديها إستراتيجيات مناخية وطنية طويلة الأجل مفصلة بشكل كاف، تعتمد في المقام الأول أو تعتمد فقط على الحلول القائمة على الطبيعة للوصول إلى أهدافها المناخية، من خلال استخدام الحلول القائمة على الطبيعة.
ويوضح الباحث أن هذه البلدان تركز جهودها على استخدام الغابات والتربة لقطع "الميل الأخير" في إزالة الكربون مع تقليل الانبعاثات، وهي وسائل حيوية لمواجهة تحديات التنوع البيولوجي والتكيف مع المناخ، ولكنها قد تكون محفوفة بالمخاطر إذا استخدمت باعتبارها الطريقة الوحيدة لإزالة الكربون.
إستراتيجيات مناخية طويلة الأمد
وقال سميث إن إستراتيجيات المناخ الوطنية طويلة الأجل (حتى عام 2050) تعد أداة مهمة للتخطيط لإزالة ثاني أكسيد الكربون على المستوى الوطني، لذلك تدعو الدراسة إلى جعل هذه الإستراتيجيات -التي وضعتها البلدان نفسها- إلزامية بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، بدلا من وضعها الاختياري الحالي.
وشدد سميث على أنه يجب على البلدان أيضا استكشاف طرق إزالة الكربون المصممة هندسيا، بالإضافة إلى أهمية التعاون الدولي لمواجهة تحدي الوصول إلى صفر كربون.
وقد فحصت الدراسة 41 اتفاقية مقدمة إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ قبل بداية عام 2022، بالإضافة إلى الإستراتيجيات المنشورة في قمة المناخ عام 2021 "كوب 26" (COP 26) لدراسة كيف تعالج هذه الإستراتيجيات "إزالة ثاني أكسيد الكربون"، بما في ذلك الحلول القائمة على الطبيعة.
ووفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (Eurek Alert)، فإن معظم الإستراتيجيات التي تم تحليلها جاءت من دول الشمال وتغطي 58% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية لعام 2019.
وتظهر النتائج أن تعزيز "بالوعات" الكربون في الغابات والتربة هي أكثر الإستراتيجيات التي يتم الترويج لها، ولكن يتم تحديدها بشكل صريح في 12 إستراتيجية فقط. كما لا يتم تحديد الانبعاثات الكربونية المتبقية بحلول عام 2050 إلا في 20 إستراتيجية ومعظمها يستخدم الغابات لتحقيق أهدافه الوطنية.