باحثون: لمنع الجائحة القادمة علينا استعادة الموائل الطبيعية ومنع تدميرها

لم تتسبب الخفافيش في نقل فيروس كورونا إلى البشر فحسب، بل كانت السبب في نقل فيروس هندرا وفيروس نيباه، وربما فيروس إيبولا أيضا.
لذلك أجرى فريق بحثي من الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا دراستين منفصلتين متصلتين عن أثر الاهتمام بالموائل الطبيعية على انتقال الأمراض من الحيوانات إلى البشر.
اقرأ أيضا
list of 4 items"الموت والحياة في لقطة واحدة".. شاهد الصور الفائزة بمسابقة عالمية لرصد عجائب الطبيعة
اكتشاف بمحض الصدفة.. خفافيش تحاكي أصوات الدبابير لإبعاد المفترسات
كيف تعيش الخفافيش مصاصة الدماء على وجبة يومية من الدماء تساوي وزنها مرة ونصف؟
وقالت "راينا بلورايت" -الأستاذة في قسم الصحة العامة وصحة النظم البيئية بجامعة كورنيل في الولايات المتحدة الأميركية والمؤلفة الرئيسية لكلتا الدراستين- في البيان الصحفي الذي نشره موقع "فيز دوت أورغ" (Phys.org) يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي "بعد جائحة كورونا، انصب تركيز العالم على كبح الجائحة التالية، ولكن للأسف فإن الحفاظ على الطبيعة وحمايتها ليسا على طاولة النقاش، ونأمل أن تقدم أبحاثنا حلولا، لتتصدر الطبيعة ومشاكلها قائمة الحلول".

هجرة الخفافيش
جمع الباحثون بيانات للمناطق شبه الاستوائية في أستراليا منذ عام 1996 حتى عام 2020، وتصف هذه البيانات أعداد خفافيش الفاكهة ومعدلات تكاثرها، والمناطق التي حصلت منها على الطعام، والتغيرات المناخية، والسنوات التي عانت فيها الخفافيش من نقص في الغذاء، وفقدان موائلها في الغابات، والسنوات التي ازدهرت فيها الغابات.
استخدم الباحثون نماذج حاسوبية تسمى نماذج شبكة بايزيان (Bayesian) لتحليل البيانات، واكتشفوا أن هناك عاملين مؤثرين في هجرة الخفافيش: فقدان الموائل الطبيعية ونقص الغذاء الناجم عن تغير المناخ.
توصل البحث الأول الذي نُشر في دورية نيتشر (Nature) إلى أنه عندما تتعرض الخفافيش لفقدان موطنها الشتوي ونقص الغذاء في بيئاتها الطبيعية، فإنها تنقسم إلى مجموعات متفرقة، ويتحرك أغلبها ليعيش بالقرب من البشر في المناطق الحضرية والزراعية حيث المأوى، والعشب، وأشجار التين والمانجو، ومن ثم تنقل الخفافيش فيروساتها إلى البشر نتيجة التغيرات السريعة في بيئتها.
وفي السنوات التي تلت ظاهرة النينيو، والمتمثلة في ارتفاع درجات الحرارة في المحيط الهادي، فشلت براعم الأشجار التي تعتمد عليها خفافيش الفاكهة في إنتاج الزهور في الشتاء، مما أدى إلى نقص في الغذاء، إضافة إلى تدمير الإنسان لموائل الخفافيش في الغابات.
وعلى النقيض، ففي السنوات التي توفر فيها غذاء الخفافيش في الغابات، هجرت الخفافيش المناطق الزراعية وعادت إلى موائلها الطبيعية، بعيدا عن البشر.
وقالت بلورايت "لقد وجدنا أنه يمكننا التنبؤ بتجمعات الخفافيش بناء على التغيرات المناخية، ووفرة الطعام، كما وجدنا أن هجرة الخفافيش من موائلها تتوقف عندما يتوفر طعامها، وبالتالي يتعين علينا الحفاظ على موائل الخفافيش واستعادتها لوقف انتشار الفيروسات".

علاقة التغيرات البيئية بالأوبئة
وقد اعتمد الباحثون على نتائج الدراسة الأولى للكشف عن تأثير التغيرات البيئية على كمية الفيروسات التي تفرزها الخفافيش، وقد نشروا نتائج البحث الثاني في دورية "إيكولوجي ليترز" (Ecology Letters).
وفقًا للبحث الثاني، فإن الخفافيش تفرز كميات كبيرة من الفيروسات في المناطق التي تهاجر إليها، مقارنة بالكميات التي تفرزها في موائلها الطبيعية، ويفسر الباحثون هذا السلوك بأن الخفافيش ربما تريد الحفاظ على طاقتها وأنظمتها المناعية من خلال التخلص من هذه الفيروسات.
مثلا في المناطق الزراعية، غالبا ما يمتلك أصحاب المزارع خيولا لمساعدتهم في أعمال الزراعة، ولكن للأسف تعمل الخيول وسيطا لفيروس هندرا (Hendra virus)، فعندما تنشر الخفافيش فضلاتها في المزارع، تصاب الخيول بفيروس هندرا، ومن ثم ينتقل إلى البشر، وللأسف فإن معدلات الموت بسبب فيروس هندرا قد تصل إلى 57% من الحالات المصابة.
ولكن في المواسم التي عادت فيها الخفافيش إلى موائلها بسبب ازدهار الأشجار، توقفت العوامل الممرضة عن الانتشار، وهو ما أدهش الباحثين.
وحاليا، تبحث بلورايت وزملاؤها فيما إذا كانت الآليات الأساسية التي استخدموها في أبحاثهم تنطبق على أمثلة أخرى لانتشار العوامل الممرضة من الحياة البرية إلى البشر.