بعد نيلها عضوية الأكاديمية العالمية للعلوم.. الفلسطينية غدير حنبلي للجزيرة نت: طموحي البحثي لا حدود له
رغم كل التحديات التي واجهت الباحثة الفلسطينية الشابة غدير محمد معين نمر حنبلي من مدينة نابلس، فإن شغفها بالبحث العلمي كان له الأثر الكبير في تحقيق الحلم الذي كان يراودها منذ نعومة أظافرها، حيث حصلت مؤخرا على عضوية الأكاديمية العالمية للعلوم لتميزها في مجال الكيمياء التحليلية والعضوية.
تقول الباحثة غدير (29 عاما) -للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني- "نوعية الجائزة وتميزها ليس على المستوى المحلي فقط بل على المستوى العربي، جعلني أشعر بالفخر والسعادة، خصوصا كوني الفلسطينية الوحيدة الحاصلة على الجائزة لهذه الفترة".
عضوية الأكاديمية العالمية للعلوم
وكان قد تم اختيار غدير حنبلي ضمن أفضل 5 علماء شباب في المنطقة العربية، من قبل الأكاديمية العالمية للعلوم ( (TWAS)، لنيل عضويتها في الفترة ما بين 2022 و2027، بعد حصولها على جائزة الأكاديمية العالمية للعلوم للعلماء الشباب السنة الماضية.
اقرأ أيضا
list of 4 itemsالأردنية نوف محمود.. بين 45 من الباحثات يحتفي بهن برنامج “لوريال – اليونسكو”
العربية والأفريقية الوحيدة.. باحثة مغربية تنال جائزة الدكتوراه من الاتحاد الفلكي الدولي
يمينة بوشيخ.. باحثة جزائرية تغذي البكتيريا لإنتاج جلد نباتي
تقول غدير -في حديث للجزيرة نت- "أهدي هذه الجائزة لبلدي الحبيب فلسطين، وجامعتي الأم جامعة النجاح الوطنية. هذه العضوية هي بمثابة تتويج لعمل دؤوب ومتعب على مدى أعوام، حقا إنه شعور جميل".
وتهدف أكاديمية العلوم العالمية التي تأسست عام 1983 على يد العالم الباكستاني محمد عبد السلام الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1979، إلى دعم العلماء والعلوم في مختلف المجالات، وتعزيز القدرات العلمية والتميز في التنمية المستدامة، ودعم الشباب في الدول النامية، لبناء المعرفة والمهارات لمواجهة العديد من التحديات كالمرض والجوع والفقر.
وضمت الأكاديمية في البداية 42 عالما، منهم 9 كانوا حاصلين على جائزة نوبل، وهي تضمّ الآن قرابة 1300 باحث وباحثة. ومنذ عام 2007، يتم اختيار 5 شباب متميزين تمنح لهم عضوية الأكاديمية من 5 إلى 6 سنوات، بشرط أن يعيش هؤلاء الشباب في دولة نامية ويكون لديهم سجل حافل بما لا يقل عن 10 منشورات علمية دولية.
مسيرة علمية وجوائز مهمة
حصلت غدير على شهادة الدكتوراه في الكيمياء التحليلية والعضوية من جامعة النجاح الوطنية، بالتعاون مع معهد "يوليش" (Jülich) للأبحاث في ألمانيا عام 2020، كما حصلت على شهادة الماجستير من نفس الجامعة، وحصلت على الرتبة الأولى في قسم الكيمياء في بكالوريوس الكيمياء التطبيقية في الفوج 34.
وتعمل غدير حاليا محاضرة غير متفرغة في قسم الكيمياء بجامعة النجاح الوطنية في نابلس بالضفة الغربية في فلسطين.
وحول أطروحة الدكتوراه التي أنجزتها، تقول غدير "استهدفنا فيها البحث عن تقنيات متقدمة جديدة لتنقية المياه من الملوثات، كالعناصر الثقيلة وبقايا الأدوية والمبيدات الحشرية، فكانت المحاولة بتحضير مركبات نانوية ممغنطة أظهرت القدرة على إزالة العناصر الثقيلة وبقايا الأدوية والمبيدات من المياه".
ونتيجة لعملها المتواصل في تخصصها، نالت الباحثة غدير مجموعة من الجوائز والمنح، منها جائزة الإبداع والابتكار لعام 2019 ولعام 2022 من منظمة الشرق الأوسط لأبحاث تحلية المياه (MEDRC)، كما حصلت على عضوية اللجنة العلمية للنساء في العلوم (OWSD) عام 2020، وتم اختيارها محررة مؤقتة لمجلة " فرونتيرز إن كيمستري جورنال" (Frontiers in chemistry journal) التي يوجد مقرها في سويسرا هذه السنة.
وبالإضافة إلى ذلك، حصلت على جائزة أفضل باحث شاب لعام 2021 بالمناصفة مع الباحث الجزائري خليل تامر من قبل الأكاديمية العالمية للعلوم، بعد ترشيح خارج الأكاديمية ضمن معايير محددة، كما حصلت على جائزة التميز البحثي للأبحاث المستلة من أطروحة الدكتوراه من جامعة النجاح الوطنية عام 2021.
وحصلت على منحة في الماجستير والدكتوراه من منظمة الشرق الأوسط لأبحاث تحلية المياه (MEDRC) بالتعاون مع سلطة المياه الفلسطينية وجامعة النجاح الوطنية 2014 و2016، وعلى منحة بحثية من معهد يوليش للأبحاث في ألمانيا بالتعاون مع أكاديمية فلسطين للعلوم والتكنولوجيا عبر الجسر الألماني الفلسطيني عام 2018.
وطوال مسارها العلمي حتى الآن، ساهمت الباحثة غدير في نشر 23 ورقة علمية في مجلات عالمية محكمة ذات معامل تأثير، لتحصل بذلك على معيار 8 في مقياس "إتش-إنديكس" (H-INDEX) العالمي.
تحديات كبيرة وطموح أكبر منها
وعن طبيعة التحديات التي تواجهها الباحثة غدير، تقول "هناك العديد من التحديات، منها على الصعيد الإقليمي أن الاحتلال الإسرائيلي يضيق علينا كثيرا كباحثين، حيث هناك العديد من المواد التي لا يمكن لنا استخدامها كونهم لا يسمحون بدخولها، مع صعوبة كبيرة في إيجاد البدائل، وهذا ما يتطلب وقتا وجهدا مضاعفا".
وتضيف "التحدي الآخر هو على الصعيد الشخصي كوني أما لطفلين وربة منزل وباحثة، رغم الضغوط الكبيرة كان لزاما عليّ تنظيم الوقت لإنجاز الأبحاث لرفعة اسم الوطن والجامعة".
وتضيف غدير "طموحي كباحثة ليس له حدود، ويمكن أن أقول إن طموحي عنان السماء في فضاء البحث العلمي، وما حققته حتى الآن من تميز وأنا لم أتجاوز الثلاثين من عمري حتى الآن، ما هو إلا بداية الطريق إن شاء الله. طموحي هو الاستمرار في نشر الأبحاث في مجلات محكمة ذات معامل تأثير عال، والتدرج نحو الأعلى في شهاداتي الأكاديمية".
وتوجّه غدير شكرها لكل من له أثر كبير في نجاح مسيرتها العلمية الممتدة، قائلة "شكرا جامعة النجاح الوطنية ممثلة بمجلس أمنائها وإدارتها الموقرة، وشكرا جزيلا للأستاذ الدكتور شحدة جودة قدوتي ومعلمي، وسلطة المياه الفلسطينية، ومنظمة الشرق الأوسط لأبحاث تحلية المياه، والجسر الألماني الفلسطيني، ولعائلتي".
وحول مستقبل أبحاثها، تنهي غدير حنبلي حديثها للجزيرة نت بالقول "نعمل حاليا على تطوير المركبات الأساسية التي عملنا عليها سابقا لمحاولة إدخالها في استخدامات أخرى، ليعود وقعها الإيجابي على الثروة المائية لنا في فلسطين، وتطوير البحث بما يشمل المركبات النانوية واستخدامها في مجالات طبية متعددة".