في إطار تعاون دولي.. مرصد أوكايمدن المغربي يشارك في رصد أقوى انفجار لأشعة غاما
نظرا لقوة انفجار أشعة غاما، فإن أصداءه وصلت إلى الطبقات العليا من الغلاف الجوي للأرض وتم قياسه من دون تأثير خطير يخل بتوازن الأرض.

في إطار التعاون العلمي بين العديد من التلسكوبات الدولية والتلسكوبات التابعة للهواة، شارك مرصد أوكايمدن التابع لجامعة القاضي عياض في مدينة مراكش المغربية في رصد انفجار قياسي لأشعة غاما (Gamma Ray Burst)، وهو أقوى انفجار سجل على الإطلاق في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بعد تنبيه أرسله تلسكوب "سويفت" (SWIFT) التابع لناسا (NASA) للفريق المشارك في الاكتشاف.
وعن هذه المشاركة، يقول مدير المرصد زهير بن خلدون "نظرا لقوة انفجار أشعة غاما، فإن أصداءه وصلت إلى الطبقات العليا من الغلاف الجوي للأرض وتم قياسه من دون تأثير خطير يخل بتوازن الأرض".

أقوى انفجار في الفضاء لحد الآن
ويشير زهير بن خلدون -في حديث للجزيرة نت- إلى أن أهمية هذا الكشف "تكمن في كونه يعد أقوى انفجار رصد في الفضاء لحد الآن، وترجع أسبابه في الغالب إلى انفجار نجم يمر بعدة مراحل في حياته، فإذا كانت كتلته أكبر من 8 مرات من كتلة الشمس، فإن النجم يتحول إلى نجم نيوتروني ليتحول بعد ذلك إلى ثقب أسود، هذا هو السيناريو الذي وضعه علماء الفيزياء الفلكية لمسار حياة النجم منذ ولادته إلى موته".
اقرأ أيضا
list of 4 itemsلأول مرة.. علماء يرصدون أثر أقدم نجوم الكون على الإطلاق
شاهد.. علماء يرصدون لحظة انفجار نجم عملاق لأول مرة
ياباني يعشق الفلك يكتشف مستعرا أعظم انفجر قبل 63 مليون سنة
ويضيف زهير بن خلدون أن "هذا الاستنتاج جاء من النظرية العامة للنسبية لأينشتاين، وجاء أيضا من نظرية التفاعلات النووية التي تقع داخل النجم، وهذا الانفجار كان قويا وعظيما وبعض الاستنتاجات العلمية تحتاج إلى وقت لتكون دقيقة جدا، وهذا ما نعمل عليه مع مجموعة من العلماء الذين رصدوا هذه الظاهرة".
وبحسب البيان الصحفي الصادر من مرصد أوكايمدن، فإن "الوميض الضوئي المعني هو ألمع ما لوحظ على الإطلاق، وانبعث من مسافة تقدر بـ2.4 مليار سنة ضوئية من الأرض وربما كان ناتجا عن ولادة ثقب أسود".
ووفق البيان نفسه، فقد اكتشفت هذه الظاهرة لأول مرة بواسطة التلسكوبات الفضائية بالأشعة السينية وأشعة غاما، بما في ذلك تلسكوب فيرمي الفضائي بأشعة غاما التابع لناسا، ومرصد "نيل جيريلز سويفت" (Neil Gehrels Swift) ومركبة "وايند" (Wind) الفضائية، إضافة إلى تلسكوبات مرصد أوكايمدن.

مجال بحث جديد لمرصد أوكايمدن
ويحتوي مرصد أوكايمدن التابع لجامعة القاضي عياض على عدد من التلسكوبات المهمة التي يتم بها مراقبة عدة ظواهر فلكية، ومنها ما يتعلق بالكواكب الموجودة خارج المجموعة الشمسية، والكويكبات والمذنبات.
وفي هذا الإطار، يؤكد زهير بن خلدون أن "هذه المراقبة تجعل من مرصد أوكايمدن يوسع مجال أبحاثه لهذا النوع من الظواهر التي تمكن من معرفة المراحل التي يمر بها النجم منذ ولادته إلى موته لتكوين الثقوب السوداء".
ويضيف أن "هذا يعد بالنسبة لمرصد أوكايمدن مجال بحث جديدا، لأننا لأول مرة بدأنا نراقب هذه الظواهر منذ بداية 2022، وبالتالي فالمرصد أضاف هذا المجال إلى مجالات البحوث المتعددة التي يقوم بها".
كما أن الجمهور العام يهتم بما يتعلق بالثقوب السوداء، وهذا الاكتشاف سيدفعهم لمتابعة هذه الظاهرة، ومحاولة فهمها بصفة عامة، وفهم كيف تمكّن علماء الفلك من الاستنتاج من دراسة هذه الظواهر الطبيعية كيفية تكون الأجسام الموجودة في الكون بصفة عامة، بحسب مدير مرصد أوكايمدن.

تأكيد نظرية علمية سابقة
وبحسب البروفيسور زهير بن خلدون، فإن "هذا الاكتشاف يؤكد نظرية النسبية العامة لأينشتاين التي من خلالها تفسر سيرورة النجوم، وكيف تخلق وكيف تنتهي حياتها. وبالنسبة لأشعة غاما التي تم قياسها، فإنها تدل على أن هناك نجما في طور نهايته يتحول إلى نجم نيوتروني وبعد ذلك يؤدي إلى تكوين ثقب أسود".
ويوضح مدير مرصد أوكايمدن أن "هذه النظرية يستعملها العلماء الذين يبحثون في سيرورة تطور الكون، ومن خلال المعطيات التي ترد من هذه الانفجارات البعيدة جدا والتي يمكن أن تقع على بعد مليارات السنوات الضوئية من الأرض، يلزمنا أن ندخل معادلات أينشتاين لتحليل معطيات هذا الانفجار بطريقة دقيقة. وهذه الظاهرة لا تؤكدها بشكل مباشر، لكنها تمكننا من تحليل المعطيات الآتية من هذا الانفجار باستعمال هذه النظرية".
تعاون دولي شارك فيه الهواة
وتم التوصل إلى اكتشاف هذه الظاهرة في إطار تعاون دولي بين أعضاء اتحاد "الشبكة العالمية المتقدمة السريعة متعددة الوسائط" (GRANDMA) الذين يرصدون هذه الظواهر ويقومون بإجراء تنبيهات من تلسكوبات فضائية مثل تلسكوب "سويفت".

وحول مستقبل البحث في هذا الكشف العلمي، يقول زهير بن خلدون "هذا الكشف العلمي مثل جميع الاكتشافات العلمية يحتاج إلى المزيد من البحث، لأن الاستنتاجات التي وصلنا اليها أولية، والأمر متعلق بتكوين ثقب أسود، ولهذا فالأبحات العلمية ما زالت قائمة، ويلزمنا أن نعمق البحث في المعطيات التي تم رصدها مع الشركاء باستعمال معلومات التلسكوبات الفضائية وتحليلها للتدقيق أكثر في هذه الظاهرة".
وفي هذا الصدد يقول زهير بن خلدون "لدينا شراكة مع جمعية المصورين الفلكيين التي تجمع العديد من الهواة في التصوير الفلكي، وهم من الناحية التقنية والتمكن من استعمال التلسكوبات يمكن أن نضعهم في مرتبة المحترفين بحكم تجربتهم في التدقيق في تفاصيل التقاط جميلة".